عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Oct-2020

العناصر الأرضية النادرة التي يتقاتلون عليها.. كيف تكونت؟

 الرأي

على مدى السنوات الماضية، احتلت العناصر الأرضية النادرة دورا متزايد الأهمية في التقنيات الحديثة، حيث يتم استخدامها كمادة خام أساسية في تصنيع كثير من الأشياء، بدءا من الهواتف الذكية إلى محركات الأقراص وتوربينات الرياح والأقمار الاصطناعية والنواقل الفائقة ومكونات السيارات الكهربائية، وغيرها من الصناعات الحديثة.
 
ومؤخرا، ساعد فريق دولي من العلماء في كشف لغز طويل الأمد حول كيفية تشكل رواسب العناصر الأرضية النادرة تحت الأرض، والتي يبدو أحيانا أنها تتلاشي أو تختفي دون أثر.
 
وقد نُشرت نتائج دراستهم حول تنقل العناصر الأرضية النادرة داخل وحول صخور الكربوناتايت التي يتحكم فيها الصوديوم والبوتاسيوم والسيليكا، في دورية "ساينس أدفانسيس" (Science Advances) بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
 
عناصر أرضية نادرة
 
العناصر الأرضية النادرة "آر إي إي إس" (REEs) بحسب تعريف الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية، هي: معادن أرضية نادرة تشكل مجموعة من 17 عنصرا كيميائيا مهما للغاية من عناصر الجدول الدوري، وتحديدا السكانديوم، الإتريوم، واللانثانيدات.
 
وأطلق وصف "نادرة" على هذه العناصر بسبب قلة الأماكن التي كانت تستخرج منها سابقا، إلا أنه مؤخرا بات يعثر على تركيز عالٍ نسبيا من هذه العناصر -باستثناء البروميثيوم غير المستقر- في القشرة الأرضية، مع كون السيريوم هو العنصر ذا الترتيب 25 من العناصر الأكثر وفرة في القشرة الأرضية، بتركيز 68 جزءا في المليون.
 
وعلى الرغم من أن اسمها يوحي بأنها نادرة، فإنها في الواقع يمكن أن تكون موارد وفيرة نسبيا في القشرة الأرضية، ولكن يؤدي تشتتها المتناثر إلى صعوبة عزلها واستخراجها من تحت السطح، ناهيك عن طرق الاستخراج غير الصديقة للبيئة.
 
مع ذلك، فإن رواسب العناصر الأرضية النادرة المركزة هي مورد طبيعي مرغوب فيه للغاية، والعلماء يبحثون باستمرار عن ابتكار طرق جديدة وأفضل للعثور على المعادن الثمينة وتأمينها.
 
استكشاف الآليات الكيميائية
 
وفي الدراسة الجديدة، أراد فريق من الباحثين بقيادة الجيولوجي مايكل أنينبورغ من الجامعة الوطنية الأسترالية، استكشاف الآليات الكيميائية التي تتشكل بها العناصر الأرضية النادرة تحت السطح، وتحديدا في صخور الكربوناتايت النارية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعناصر الأرضية النادرة.
 
وأظهر الباحثون في دراستهم الجديدة أن "هذه الصخور النادرة ومشتقاتها المعدلة والمتضررة، توفر معظم العناصر الأرضية النادرة في العالم".
 
وأضافوا في ورقتهم البحثية أنه "لا يوجد نموذج موحد يشرح جميع ميزات رواسب العناصر الأرضية النادرة المرتبطة بالكربوناتايت، مما يضعف بشدة الاستكشاف المطلوب لتأمين الإمداد في المستقبل".
 
وأجرى أنينبورغ وفريقه محاكاة لما يحدث عندما تسخن صخور الكربوناتايت تحت ضغط عالٍ، قبل التبريد وإزالة الضغط، كما يحدث في عمليات الصهارة الطبيعية.
 
حيث وضع الباحثون كميات صغيرة من الكربوناتايت الاصطناعية في كبسولات الفضة أو النيكل في جهاز أسطوانة المكبس، وقاموا بتعريض العينات لدرجات حرارة تصل إلى 1200 درجة مئوية عند ضغوط تصل إلى 2.5 غيغا باسكال، قبل فك الضغط تدريجيا و تبريدها إلى 200 درجة مئوية و0.2 غيغا باسكال.
 
وقد أوضح أنينبورغ على حسابه في "تويتر" أن الهدف من هذا العمل هو فهم ما يركز على العناصر الأرضية النادرة من رواسب محلية عالية الجودة، وقال "لذلك قررنا أن نضع الكربوناتايت في كبسولة ونختبره بأنفسنا".
 
خطوة إلى الأمام
 
وقبل الدراسة الأخيرة، كان يُعتقد أن بعض الجزيئات القادرة على الارتباط مع العناصر الأرضية النادرة -بما في ذلك الكلور والفلور- كانت ضرورية لجعلها قابلة للذوبان، وقادرة على تجميعها في تركيزات متبلورة قابلة للاستخراج.
 
لكن هذا ليس ما أظهرته الدراسة الأخيرة. فبدلا من ذلك، تشير النتائج إلى أن المواد الكيميائية القلوية مطلوبة لنقل العناصر الأرضية النادرة داخل وحول الكربوناتايت، حيث أظهرت التجربة أن الصوديوم والبوتاسيوم ساعدا في جعل العناصر الأرضية النادرة قابلة للذوبان.
 
ووفقا للباحثين، فإن الكربوناتايت الحاملة للقلويات قادرة على تكوين سوائل غنية بالعناصر الأرضية النادرة التي يمكن أن تهاجر مسافات طويلة في ظروف شبيهة بالصخور، مع الاحتفاظ بقدرة ذوبان عالية في العناصر الأرضية النادرة.
 
حل أنيق
 
وبالطبع، لمجرد أننا رأينا هذا في ظروف المختبر، لا يعني بالضرورة أننا سنلاحظ نفس التفاعلات الدقيقة في الأنظمة المفتوحة في الطبيعة، حيث يمكن لوجود الماء والمواد الكيميائية الأخرى في البيئة أن تغير الأشياء.
 
ومع ذلك، فهي خطوة إلى الأمام تُصلح معرفتنا بالعمليات الأساسية التي ينطوي عليها تكوين العناصر الأرضية النادرة، كما يوضح كبير مؤلفي الورقة البحثية وعالم الجيولوجيا فرانسيس وول من جامعة إكستر (University of Exeter) في المملكة المتحدة، لصفحة أخبار البحوث بموقع الجامعة.
 
يقول وول "هذا حل أنيق يساعدنا على فهم أفضل للمكان الذي قد تتركز فيه الأتربة النادرة الثقيلة، مثل الديسبروسيوم والأتربة النادرة الخفيفة مثل النيوديميوم داخل وحول عمليات اقتحام الكربوناتايت".
 
وأضاف "كنا نبحث دائما عن أدلة على الحلول التي تحتوي على الكلوريد، ولكننا فشلنا في العثور عليها.. هذه النتائج تعطينا أفكارا جديدة."