عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Aug-2020

تسوية رخيصة

 

هآرتس
 
بقلم: أسرة التحرير
 
ثلاثة اشهر عمل خدمة عسكرية؛ بهذا يتلخص العقاب في اسرائيل لجندي اطلق النار فقتل فلسطينيا كل خطيئته انه قدم مساعدة لفلسطيني آخر، اصيب هو ايضا بالنار بالخطأ من الجندي اياه. هكذا تقرر التسوية القضائية التي سترفع اليوم لاقرار المحكمة العسكرية في يافا. ثلاثة اشهر اعمال خدمة وتخفيض رتبة عقابا على قتل شخص بريء. ما كان يمكن للجيش الاسرائيلي ان يكون أكثر وضوحا في الرسالة التي يطلقها للجنود والمجندات في المناطق: اطلقتم النار على فلسطيني دون اي سبب؟ غير لطيف، لا بأس. اذا حاكمنا الامور وفقا للعقاب، فرغم أن الحديث يدور عن جندي اطلق النار في اليوم نفسه على شخصين، من ناحية الجيش الاسرائيلي فان هذه مأساة من الاخطاء. الذريعة هي دوما الذريعة ذاتها: “بلغ اخطار قبل وقت قصير من اطلاق النار عن امكانية عملية في القاطع”، كما شرح الناطق العسكري. غير أنه واضح من لائحة الاتهام ان الخطأ المركزي في هذه القضية البائسة هو ان يولد المرء كفلسطيني في الاراضي المحتلة. في آذار 2019 سافر علاء رايضة في سيارة مع زوجته وابنتيه، وقرب قرية الخضر اصطدمت سيارة بسيارتهم وفرت. اوقف رايضة سيارته في مفترق مجاور، ومثل كل شخص في وضع مشابه خرج منها ولوح بذراعيه للسيارة التي ضربت سيارته. غير أن رايضة ليس ككل انسان فهو فلسطيني. جندي رآه يلوح بيديه اعتقد، حسب لائحة الاتهام، انه يرشق الحجارة على سيارات اسرائيلية، فاطلق النار عليه. اصيب رايضة في بطنه واخلي من المكان وهو في حالة صعبة. ولكن ليس بذلك تنتهي القصة.
الى ساحة حادثة السير، التي اصبحت ساحة اطلاق نار، علق احمد مناصرة، الذي وصل الى المكان مع ثلاثة اصدقاء عادوا معه من عرس في بيت لحم. ساعد الاصدقاء الثلاثة في اخلاء رايضة الى المستشفى، بينما بقي مناصرة في الساحة مع زوجته وابنتيه، كي يساعدهن في تحريك سيارتهن. وحسب لائحة الاتهام، عندما خرج مناصرة من السيارة اصيب بالنار، وبعدها اطلقت النار عليه مرة اخرى، حين حاول الفرار من المكان. كما كتب ان الجندي بدأ يطلق النار لانه “اعتقد بالخطأ بان القتيل هو راشق الحجارة الذي شخصه من قبل… رغم أن القتيل عمليا لم يرشق الحجارة”. الجندي، كما تجدر الاشارة، متهم فقط بالتسبب بالموت بالاهمال، ولم يتهم بجرح رايضة.
لا يمكن التسليم برخص كهذا لحياة الفلسطينيين. الجندي لم يطلق النار في ساعة خطر او في اثناء عملية تحت النار. اطلاق النار تم من داخل برج حراسة، موقع حراسة محصن. والذريعة الامنية لا يمكنها أن تشكل المرة تلو الاخرى مبررا لمظالم كهذه. يعمل الجيش الاسرائيلي في محيط مدني وعليه أن يحرص حرصا شديدا على التمييز بين منفذي العمليات والابرياء. العقوبة التي صدرت تشوش تماما هذا التمييز، وتطلق رسالة خطيرة للجنود في الميدان. محظور قبول صفقات قضائية كهذه.