في إطار مساعي تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم
الغد-نادية سعد الدين
يدفع المتطرفون بمخطط تقسيم المسجد الأقصى المبارك، زمانياً ومكانياً، بشكل رسمي لمناقشته على طاولة مباحثات حكومة الاحتلال، في إطار مساعي تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم، ضمن سياسة تهويد القدس المحتلة، وسط دعوات فلسطينية لتكثيف شد الرحال للمسجد وضرورة إعماره، من أجل إفشال مخططات الاحتلال ومستوطنيه.
ويأتي هذا التحرك المُتطرف بموازاة تداعيات قرار الاحتلال غير القانوني نقل سلطة إدارة الحرم الإبراهيمي الشريف والإشراف عليه من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وبلدية الخليل إلى ما يسمى "المجلس الديني اليهودي في مستوطنة كريات أربع" الصهيونية، في انتهاك صارخ للقرارات الدولية.
ويجد المتطرفون الفرصة سانحة "لشرعنة" محاولات الاحتلال تغيير الوضع التاريخي والقانوني والديني للمقدسات الإسلامية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتنفيذ مخطط فرض السيادة الصهيونية المزعومة على الأرض الفلسطينية، من خلال الدفع بمخطط تقسيم "الأقصى" رسمياً، وفق ما يزعمون.
ولا يكتفي الاحتلال بتأمين الحماية الأمنية المشددة لتنظيم اقتحامات المستوطنين الواسعة للمسجد الأقصى، أسوة بما حدث أمس، بل يسعى لإضفاء الشرعية الدينية والتاريخية والقانونية المزعومة على محاولات تقسيمه، زمانياً ومكانياً، وتغيير الوضع القانوني والديني والتاريخي القائم.
من جانبها، حذرت منظمة التعاون الإسلامي، في بيان لها أمس، من خطورة الإجراءات غير القانونية التي تأتي في سياق محاولات الاحتلال تغيير الوضع التاريخي والقانوني والديني للمقدسات الإسلامية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ومخططاتها لفرض السيادة المزعومة على الأرض الفلسطينية.
وأكدت المنظمة أن "جميع قرارات وإجراءات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة غير شرعية وباطلة بموجب القانون الدولي".
في حين تستمر انتهاكات المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك؛ حيث اقتحم عشرات المستوطنين أمس باحات المسجد على شكل مجموعات، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوساً تلمودية مزعومة في باحاته، بحماية مشددة من قوات الاحتلال.
بينما فرضت قوات الاحتلال قيوداً مشددة على دخول المصلين الفلسطينيين للمسجد الأقصى، واحتجزت هوياتهم عند بواباته الخارجية، في محاولة لفرض السيطرة الكاملة على المسجد، وتقسيمه زمانياً ومكانياً.
يأتي ذلك في ظل تصعيد عدوان الاحتلال ضد أنحاء الضفة الغربية؛ عبر الاقتحامات ومداهمة المنازل وهدمها وتهجير سكانها الفلسطينيين، حيث رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، قيام قوات الاحتلال بهدم 588 منشأة فلسطينية وتهجير وطرد أكثر من 843 فلسطينياً، منهم 411 طفلا، في النصف الأول من العام الجاري.
وإمعاناً في العدوان؛ فقد فجرت قوات الاحتلال أمس ثلاثة منازل فلسطينية في بلدة قباطية، جنوب جنين، والتي تعود لعائلات الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا بنيرانها العدوانية، في أوقات متفرقة.
وكانت قوات الاحتلال قد اغتالت الشهيد وائل إدريس في الأول من كانون الأول (ديسمبر) عام 2024، بقصف غرفة زراعية كان يتواجد فيها في بلدة صير جنوب جنين، فيما اغتالت الشهيد محمد نزال في الثاني والعشرين من شهر كانون الثاني (يناير) 2025 بعد محاصرته في منزل ببلدة برقين غرب جنين وقصفه بالصواريخ المحمولة على الكتف ومن ثم هدمه بالجرافات، فيما اغتال الاحتلال الشهيد محمد زكارنة بعد محاصرته في غرفة حديدية تحت الأرض قرب قرية مسلية، جنوب جنين.
وواصلت قوات الاحتلال عدوانها باقتحام بلدة قباطية بعدد كبير من الآليات العسكرية والجرافات، ومداهمة العديد من المنازل الفلسطينية وإجبار سكانها على مغادرتها وحولتها إلى ثكنات عسكرية، وسط تنفيذ عمليات اعتقال واسعة بحق الشبان الفلسطينيين.
وبموازاة ذلك؛ شنت قوات الاحتلال حملة اقتحامات واعتقالات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، عبر اقتحام بلدتي بيت كاحل وحلحول شمالي محافظة الخليل، وعدة أحياء في طوباس وبيت لحم وطولكرم ونابلس ورام الله، حيث داهمت عدداً من منازل الفلسطينيين وعاثت فيها خراباً وتدميراً.