عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Aug-2020

السودان.. من بؤرة عداء تاريخي لإسرائيل إلى شريك فاعل في الشرق الأوسط - بقلم: أمنون لورد

 

بخلاف السلام مع الإمارات، فإن للعلاقات مع السودان معنى تاريخياً أيضاً في إطار علاقات العداء التاريخية للعالم العربي تجاه إسرائيل.
 
 فهي لم تكن رمزاً لمؤتمر الخرطوم إياه الذي أعلن في الأول من أيلول 1967: “لا سلام مع إسرائيل.. ولا اعتراف بها.. ولا تفاوض معها”. وكانت حتى وقت مضى جبهة داخلية لوجستية لمنظمات الإرهاب في الشرق الأوسط. فقد حصل حزب الله، ومنظمات جزائرية، وحماس، وم.ت.ف، والقاعدة، في السودان على قواعد تدريب. كما كانت هناك مخزونات من الأسلحة.
 
 من ناحيتنا، تتعلق الأمور أساساً بحماس. فقد كان السودان حليفاً لإيران. وبعثت هذه إلى ميناء بورتسودان على شواطئ البحر الأحمر سفناً قتالية وأخرى ناقلة. وخرجت محاور توريد السلاح من إيران إلى حماس من السودان عبر مصر إلى سيناء، ووجدت طريقها إلى غزة أخيراً. حتى هنا بالنسبة لروائع السلاح مع مصر، الذي سلمت إسرائيل في إطاره شبه جزيرة سيناء، ومقدرات النفط ومقدرات الطبيعة، وبالطبع اقتلعت مقابله كل المستوطنات، بما في ذلك شرم الشيخ.
 
 فك السودان ارتباطه بالحلف مع إيران في أعقاب الحرب في اليمن. وإن العلاقات معه، التي لم تنضج بعد إلى سلام كامل، تشكل ثورة على المستوى الاستراتيجي الإقليمي. فالشرق الأوسط يمر بما يسميه المحللون “البلقنة المتسارعة”. دول تتفكك وقوى عظمى مهددة تطلق أذرعها في كل صوب. وبشكل عام، كان يكفي الإشارة إلى أن السودان انتقل إلى جانب السعودية في الصراع الشرق أوسطي ضد إيران. ولكن الوضع خطير، وإيران ليست كل القصة. فالبحر الأحمر بالفعل يصبح بحراً أحمر، والصراع الاستراتيجي عليه ساخن. والسيطرة على الجانب السوداني من البحر تحسن وضع إسرائيل والولايات المتحدة. وثمة نبش في المنطقة من قبل الصين وتركيا، ونقل عن رئيس الموساد في مصادر أجنبية أنه يرى فيهما تهديداً أمنياً في المدى الأبعد أكثر من إيران. لقد شكل السودان إقليماً لعبور السلاح عبره إلى ليبيا، حيث تستثمر تركيا أكثر فأكثر. وفي هذا السياق، من المهم أن نذكر أن الاختراق الأول بين الدول الإسلامية كان في تشاد، جارة السودان، وليبيا في الخلفية.
 
 المعركة ضد إمبريالية الإرهاب والتوسع المهدد من جانب الصين تلقى جواباً في ارتباط المحور العربي مع إسرائيل وبإسناد الولايات المتحدة. وبالمقابل، تعاني أوروبا مرضها التاريخي: “نزعة المصالحة”. فقد رفضت فرنسا وألمانيا وكل الباقين، الارتباط بالولايات المتحدة في جهود استئناف حظر السلاح على إيران. ومن شأن صعود محتمل لرئيس جديد في الولايات المتحدة، جو بايدن، أن يضعف صمود الشرق الأوسط ضد العدوان التركي، والإيراني، والروسي، وتهديد الصينيين الزاحف. إن المظاهرات الودية تجاه إسرائيل تستهدف ربح العلاقة الأمريكية. ويبدو أن للسودان، الذي أدار على مدى الأجيال دعاية معادية ضد إسرائيل في أوساط سكانه، لا يزال صعب الوصول إلى المستوى الأعلى في علاقات التطبيع مع الدولة اليهودية.
 
 إسرائيل اليوم