الدستور -طلت، قبل يومين على طول طريق أيالون، يافطات كبرى ظهر فيها، بحجم فوق الطبيعي، صور لرجلين ببدلتين رسميتين: بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب. وكان نصب اليافطات رجال حملة انتخابات «الليكود»، التي يديرها في هذه اللحظة الرجل الذي يظهر في الصورة. «نتنياهو: مستوى آخر»، هكذا قال الشعار.
ولما كان طريق ايالون مزدحما جدا، وهذا -أيضا- بفضل الرجل الذي في الصورة، فقد كان لديّ الوقت الكافي لأفكر باليافطة ومعناها.
فما هو القاسم المشترك بين هذين الرجلين، باستثناء العمر والجنس (70 و73 على التوالي).
في التفكير الأولي، أُهنت باسم نتنياهو. فترامب هو خلل في التاريخ الرئاسي، رجل أعمال مشكوك فيه، مفلس، مدين بنجاحه في السياسة لبرنامج واقعي تلفزيوني، ونية روسية مبيتة.
وفي سنتيه الأوليين نجح في أن يعمق الشلل الداخلي في اميركا، يشوش النظام الاقتصادي العالمي، ويفرغ مناطق عامة في العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط، من النفوذ الأميركي.
رجلنا في الصورة اكثر ثقافة بكثير، اكثر تجربة بكثير، واكثر طلاقة بالانجليزية بكثير. لو كان الرجلان امتثلا للانتخاب في صندوق الاقتراع، لا شك عندي من كنت سأنتخب.
في التفكير الثاني أُهنت باسم ناخبي «الليكود». نتنياهو يعرف ترامب اكثر منا جميعنا. فهو يعرف ان البادرة الطيبة الكبرى التي قدمها ترامب لاسرائيل – البيان بنقل السفارة الى القدس – اشتريت بالمال؛ فهو يعرف اي ضرر ألحقه بإسرائيل اعلان ترامب للهرب من سورية والانهزامية التي ابداها تجاه اردوغان وتجاه بوتين. تسافر اسرائيل بطائرة يجلس في حجرة الطيار فيها شخص مدعٍ. اما نتنياهو فيقول إن هذا ليس مهما، المهم هو أن مكاني هو في الجناح الاول من الطائرة.
من الآن وحتى بداية نيسان، سيستنفذ نتنياهو كل الزخم الانتخابي الذي يمكن أن يحصل عليه بفضل ألقابه الثلاثة: رئيس الوزراء، وزير الدفاع، ووزير الخارجية. وقبل اسبوعين من الانتخابات سيسافر الى واشنطن، كي تلتقط الصور مع ترامب. وهو يطالب، وعلى ما يبدو سيتلقى، وجبة غداء رسمية في البيت الابيض. ان التدخل الاميركي في الانتخابات هنا هو موضوع قديم: فقد تجند الرئيس كلينتون لصالح انتخاب بيريس في العام 1996، ولم يتأثر الاسرائيليون. الرئيس بوش علق صورته مع اولمرت في الرواق المؤدي الى الغرفة البيضوية ولم يتأثر الاسرائيليون. أما الآن فحان دور ترامب.
في التفكير الثالث، هما مع ذلك ينتميان الى المستوى ذاته – مستوى المحقق معهم للاشتباه بالأعمال الجنائية. أنت لا تعرف ما الذي فعله لي هذا المندلبليت، سيشكو نتنياهو حين يلتقيان في آذار؛ مندلبليت؟ سيسخر ترامب. انت بالتأكيد تقصد مولر. هذا الكلب – لا يوجد شيء ولم يكن ثمة شيء. الديمقراطيون والاعلام ضغطوا عليه. صحيح، سيرد نتنياهو. انت محق، انت محق. والآن هيا نلتقط الصور: فالناخبون ينتظرون.
قبالة اليافطة المشتركة لنتنياهو وترامب تتدلى يافطة اكبر، لبني غانتس. عين زرقاء، نصف وجه، واسرائيل قبل كل شيء. موجة الحماسة التي نشأت بعد خطاب غانتس لم تهدأ بعد، واذا بها تصعد موجة مضادة: ما كل هذه الوعود؟ لا يوجد ذرة احتمال في أن يفي بها حتى لو اقام حكومة.
هذا صحيح، بالطبع، فالوعود الانتخابية هي في افضل الأحوال أمنية؛ في اسوأ الاحوال نتيجة فارغة لكاتبي الخطابات. وعد واحد سيفي به بالتأكيد إذا ما انتخب رئيسا للوزراء: هو لن يكون نتنياهو. وهذا ليس قليلا.
«الليكود» يريد مقاعد أكثر، مندوبين اكثر في الكنيست، وحكما اكثر. اما نتنياهو فيريد الحكم لنفسه. وهو يفضل ان يجلس في كتلة «الليكود» في الكنيست مشبوهون جنائيون مثل دافيد شران من ملف 3000، على أن يصوتوا لصالح قانون يمنع تقديمه إلى المحاكمة.
الحزب هو انا، يقول نتنياهو لحزبه. خطأ، يقول زملاؤه. الحزب هو نحن.
«يديعوت أحرونوت»