عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Jul-2024

في بلدنا مخترعون!*د. محمود أبو فروة الرجبي

 الغد

هل لدينا مخترعون أو مخترعات في الأردن؟ هذا سؤال يخطر على بال البعض، وقد يستغربون عندما تكون الإجابة نعم لدينا مخترعون، واختراعات، وهناك قسم براءات الاختراعات في «وزارة الصناعة والتجارة والتموين» الأردنية، والتي نشرت قبل أشهر أن براءات الاختراع الممنوحة في الأردن ارتفعت من « من 54 براءة اختراع عام 2022 إلى 157 براءة اختراع العام الماضي أي بنسبة زيادة 191 بالمائة» وفي الـمقابل فإنها جددت 713 براءة اختراع، ورغم عدم إشارة الخبر إلى جنسيات من قدم هذه الاختراعات في الأردن، فإنه من المرجح أن غالبيتهم أردنيون.
 
 
قد يبدو الرقم السابق متواضعا مقارنة بدول العالم الأول، ومع ذلك فهذا إنجاز يحسب لعدد من المخترعين الأردنيين الذين ورغم الإمكانيات المتواضعة يواصلون الليل والنهار من أجل الابتكار، والإبداع في مجالاتهم الـمختلفة، وجدير بالذكر أن لدينا مؤسسة مسجلة في الأردن باسم «جمعية المخترعين الأردنيين»وقد جاء تعريفها بأنها تهدف إلى «مساعدة المخترع الأردني للوصول إلى صناعة مبتكرة وأسواق واعدة وخبرات فنية احترافية»، ولم تستطع هذه الجمعية القيام بواجباتها كاملة لشح الإمكانيات، وغياب الدعم المخصص لها.
 
وإذا أردنا أن نعرف أكثر عن بعض الاختراعات الأردنية، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد جاء في أحد الأخبار التي تعود للعام 2018 إشارة إلى بعض الاختراعات التي ابتكرها أردنيون، ومنها ما قدمه المخترع عمر ناجي، الذي تمكن من اختراع «نظارة ذكية تساعد المكفوفين على التعرف على الأشياء والأشكال وتمييز ألوان إشارة المرور، وتجنب العقبات أثناء سيرهم في الطرقات، حتى يتمكنوا من ممارسة نشاطهم اليومي بمفردهم دون الحاجة إلى الآخرين».
ويشير الخبر نفسه إلى نجاح الباحث الأردني «عبد المحسن الحسيني» في ابتكار «شبكة للاتصال الفضائي باستخدام الليزر على أقمار كيوبسات، تضمن الاتصال الدائم للأقمار الاصطناعية بالأرض وتقلل من تكلفتها».
ولعل المخترع الأردني الدكتور فايز عبود ضمرة، وحسب ما يرد من أخبار في وسائل الإعلام الـمختلفة من أنشط المخترعين الأردنيين في هذا المجال، فقد أشار في أكثر من لقاء إعلامي إلى أنه تمكن من «اختراع بويلر لتدفئة أي مكان بالماء والهواء الساخن يعمل بالطاقة المغناطيسية والطاقة الشمسية بدون استخدام أي وقود»، إضافة إلى «اختراع مفاعل كهرو حراري لتوليد بخار محمص لتوليد الكهرباء، وبخار مشبع لتحلية مياه البحر يعمل بالطاقة المغناطيسية بدون استخدام أي وقود أيضا»، وغيرها الكثير من الاختراعات.
ومن المحزن أن هذا المبدع الأردني يبث همومه وأحزانه باعتباره مخترعا في أكثر من وسيلة إعلام، منتقدا عدم وجود الدعم الكافي للمخترعين، قد سبق لي أن قدمت حلقة كاملة في إحدى الإذاعات المحلية حول الاختراعات الأردنية، واستضفت أكثر من مخترع، كانوا يتحدثون بأسى ويصفون أن اختراعاتهم أصبحت عبئا عليهم بدلا من أن تشكل رافعة، ودافعا لهم لإنتاج الـمزيد، وذلك كله يؤيد ما يذهب إليه ضمرة في لقاءاته الـمختلفة.
وقد طالبت شخصيا في مقال قديم لي بإنشاء شركة خاصة في الأردن، مدعومة من القطاع الحكومي والخاص لاستثمار الاختراعات الأردنية، وليس عيبا أن تدعم الحكومة مثل هذا الـمشروع، ويكفي القول إن الولايات الـمتحدة الأميركية الدولة الأكثر رأسمالية في العالم تدعم شركاتها بشكل أو آخر، ولو تحدثت مع بعض المخترعين فإن لديهم ثقة كبيرة بأن مثل هذه الشركة إذا وجدت الدعم في البداية فإنها لاحقا ستكون قادرة على الوقوف على قدميها، وستشكل رافعة مهمة للاقتصاد الأردني، وستدعم الميزانية الأردنية، وقد قال لي الدكتور فايز ضمرة في لقاء سابق – قبل سنوات-: «إن المخترعين في الأردن يفتقدون بشكل عام إلى الرعاية الرسمية، وإلى الحاضنات العلمية أو المالية، وكي يسوق مثل هذه الاختراعات خارجيا فإنه يحتاج إلى علاقات، وسفر، واحتياجات متعددة، ولا يمكن للمخترع الفرد أن يقوم بها».
وجود مخترعين أردنيين واقع حقيقي تثبته الوثائق الرسمية، والأرقام، وبراءات الاختراع، ولكن تلك الإنجازات تحتاج إلى وجود مشروع متكامل يستطيع تحويل تلك الاختراعات إلى مشاريع مدرة للدخل، وقادرة على أن تكون رافعة قوية داعمة للمخترع أولا، وللاقتصاد الوطني ثانيا، ولصورة بلدنا ثالثا، فكلما زادت براءات الاختراع في بلد، ساهم ذلك بتقديمها بصورة أكثر إيجابية أمام العالم.
بلدنا الأردن ولادة بالمخترعين والمبتكرين والمبدعين، ورغم وجود جهود مشكورة في دعمهم في مختلف المجالات، ولكنها تبقى قاصرة عن إحداث نقلة نوعية ملحوظة في بعض المجالات ومنها الاختراعات.
قد يأتي يوم نجد فيه المخترع الأردني يفرح عندما ينجز اختراعا لأنه يعرف أنه لن يذهب هباء، بل سيجد مؤسسات قوية تحوله إلى مشروع حقيقي مفيد اقتصاديا، وإذا لم يحصل ذلك في المدى القريب نكون قد خسرنا كثيرا.
مخترعونا يستحقون الأفضل، ويحتاجون إلى مبادرات حقيقية ابتكارية تنقلهم من مرحلة التحسر والألم على ابتكاراتهم، إلى مرحلة يتحول كل إنجاز لديهم إلى لبنة تساهم في رفعة بلدنا العزيز الذي ينمو، ويتطور بجهود أبنائه المخلصين، ومنهم هؤلاء المخترعون.