«داعش المتحورة».. بوجه جديد*محمد سلامة
الدستور
فيروس كورونا المستجد ليس وحده المتحور في سلالات الفتك بالبشرية، فقد نفذ تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي المعروف إعلاميا باسم «داعش « وخلال يومين هجمات انتحارية في ريف حماة ضد جنود الجيش السوري،فالتحور الجديد لها قد يكون أسرع فتكا وأوسع انتشارا خاصة أن حاضنته متوفرة وتحتاج إليه لماربها في البقاء والعربدة على الشرق الأوسط كله.
خلال اليومين الماضيين، هاجمت مجاميع مسلحة تنتمي إلى «داعش المتحورة» قوات الجيش السوري في ريف حماة، ومما نقلته تقارير استخباراتية أن عودتها إلى النشاط في مناطق حدودية «عراقية-- سورية « لا يثير المتابعة ولا حتى الملاحقة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في سوريا وهو ما يفسر تحورها إلى سلالات جديدة وأسماء طنانة وتحت شعارات تناسب سرعة انتشارها وتحورها، والأهم أنها تلقى مباركة من بعض فصائل المعارضة المسلحة وذات وسائل الإعلام التابعة لهما .
«داعش « ذا النسخة الاصلية، وفق تقارير استخبارتية غربية انتهت، ولم يعد بمقدورها إعادة تنظيم صفوفها، لكن الهجمات المتكررة على الجيش السوري تؤكد أن اللاعبين في الساحة يرغبون بالتصعيد لأسباب سياسية وأمنية تتزامن مع عقوبات اقتصادية خانقة على دمشق ولهذا يسعون لإنتاج سلالة متحورة تحت السيطرة باسم شبيه لنسختها الأصلية على أن تعطى «رمز وكود» جديدين في مناطق وحدود عملياتها الانتحارية وعدم تجاوزها، وهذا يفسر عدم استهداف القوات الأمريكية لداعش المتحورة والتي تحتل اجزاء من الشمال السوري، وعدم اقترابها من قوات فرنسية وتركية واخرى مسلحة، كما أن انتشارها السريع على خطوط إستراتيجية يجري بالتنسيق مع مشغليها الجدد ممن انتجوا سلالتها المتحورة في غرف الاستخبارات الغربية،كما أن التغطية الإعلامية لعودتها بعيدة عن وصفها بالأعمال الإرهابية، وكل ما ينشر يشكك في اعلام النظام السوري ويصفه بالفزاعة، ويزعم أن الهجمات عليه من تنظيمات مسلحة معارضة وليس من «داعش « المتحورة وكأن هناك غطاء وصمتا غربيا على عودتها للعمل في سوريا والعراق .
«داعش «..المتحورة هي بقايا خلايا الذئاب المنفردة ،نفذت عمليات في سوريا والعراق وعدة دول منذ هزيمتها، وما يمكن رصده أمنيا أنها تنشط في مناطق تواجد القوات الأمريكية في سوريا، وتحاذي مناطق قوات» قسد» المدعومة أمريكيا، ونشاطها ضد قوات الجيش السوري يتم بالتنسيق مع جهات استخباراتية غربية، ولا يتناول أحد خطرها وإمكانية عودتها ليس للسيطرة على مساحات كبيرة من سوريا أو العراق بل في إقامة كيان سياسي جديد خاص بها، ويشكل منطقة جغرافية عازلة بامتداد مساحات واسعة في كلتا الدولتين، (العراق وسوريا)كبديل عن الدولة الكردية بعد فشل مشروعها، والنقطة الأكثر إثارة تتمثل في استخدامها بابقاء حكومتي بغداد ودمشق في حالة حرب مفتوحة معها لأسباب لها علاقة بمصالح القوى المتصارعة في سوريا.
«داعش « المتحورة بوجه جديد ،وبحلة جديدة، وربما بإسم جديد،وبغطاء إعلامي غربي،وبترحيب صامت، قد تشارك في مفاوضات إنجاز دستور جديد للدولة السورية وفي مرحلة لاحقة السيطرة ليس على نصف العراق بل كله ودورها الأساس يتمثل في تصفية المليشيات الموالية المعادية لواشنطن وحلفائها ، ولا غرابة أن تكون ضمن قوى المعارضة المسلحة المعتدلة والمقبولة غربيا، خاصة أن هجماتها الاخيرة لاقت قبولا في بعض وسائل الإعلام العالمية، واعتبارها البديل المناسب لمقارعة طهران و دمشق وحلفائهما في المنطقة، وابقاء دوامات العنف والدماء في العراق لتبرير بقاء القوات الأمريكية، وبالتالي الوصول إلى الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى في الشرق الأوسط كله.
خلاصة القول أن هذا الصيف سوف يشهد نهايات جائحة كورونا الأصلية والمتحورة، بفضل إكتشاف اللقاحات الفعالة ضدهما،لكن فيروسات «داعش المتحورة « يجري إنتاجها من سلالات داعشية سوف تحل مكانها في حدود مرسومة وموسومة لها، تحقق من خلالها واشنطن وأحلافها أهدافهما الإستراتيجية .