عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Feb-2019

الجزائريون يدشنون النسخة الثانية للربيع العربي - بشار طافش
 
الجزيرة 
شهدت الشعوب العربية يوم الجمعة الفائت، جمعة الغضب، الشباب الجزائري الواعي وهو يدشن، مرحلة جديدة من الربيع العربي، وهذه المرحلة حسب إعتقادي هي بمثابة النسخة الثانية المحدثة والمطورة من ثورات الربيع العربي، حيث بعث الشباب الجزائريون رسالة قوية إلى باقي الشعوب العربية المقهورة مفادها، ها نحن نحطم أمامكم نظرية المؤامرة التي يتكئ عليها عادة زعماء أنظمتنا العربية وهم يرددون بأن التظاهر في وجههم ووجه الظلم والفقر والقهر والخيانة سيجر البلد والمنطقة نحو الهاوية والفوضى العارمة وبأجندات خارجية عابثة، لا خيار أمامكم عن بقاء أنظمتنا على صدوركم تكتم أنفاسكم.
 
لقد أظهر الشباب الجزائري الذي فاجأ العالم المتحضر قبل العالم العربي يوم الجمعة، نموذج حراكي شبابي مدني، من خلال احتجاجات سلمية، مُعلِنة بذلك عن ظهور جيل جزائري جديد واعٍ تماما بحقوقه وما يدور حوله، وأن له تأثير كبير على الساحة، ولم تعد تنطلي عليه أبداً مسألة الأطراف الخارجية التي تسعى إلى زعزعة البلد وتقويض أمنها، ونشر الفوضى، وتمرير أجندات تهدف إلى سرقة مقدرات البلاد والعباد وما إلى ذلك من جُمَل وأطقم جاهزة يبثها إعلام أنظمتنا في مثل هذه الحالات ويرددها الموالون والمتسلقون والمخدرون والجهلة من الشعب، ويرددها زبانية الانظمة في الداخل والخارج، تلك الأطقم التي صدّعت رؤوسنا نحن كامل الشعوب العربية على مدار ستون سنة ونيف.
 
لم يكتفي المتظاهرون الجزائريون فقط بالسلمية الراقية، لكنهم عمدوا أيضا إلى تنظيف ميادين الإحتجاج عقب الإنتهاء من التظاهر ضد عبد العزيز بوتفليقة وضد الإبتزاز السياسي لحزبه الحاكم وزبانية نظامه
لقد لفتت سلمية هذا الحراك كل الإمبراطوريات الإعلامية الغربية، بينما كانت تتوقع أن معارضة الولاية الخامسة لبوتفليقة من خلال تركيزها في البداية على تلك التصرفات الفردية غير المسؤولة التي شهدتها بعض الولايات الجزائرية أن تجر البلاد نحو سيناريو يشبه تلك السيناريوهات التي حدثت في ليبيا وسورية ومصر واليمن، وأن البلاد ربما تعود إلى أحداث عقد التسعينيات المؤلمة من القرن الفائت، لقد صدمت السلمية التي طغت على كامل تظاهرات الوطن تلك الإمبراطوريات التي شوه حياديتها المال الخليجي، فوجدت نفسها تتغنى مجبرة بهذه السلمية اللافتة، فلم تسَجّل أية أعمال عنف أو تخريب للممتلكات العامة والخاصة بالمرة، وكان لمسألة تفهم قوات الأمن العام لحق التظاهر السلمي الأثر البالغ على نجاحها حين اكتفت تلك القوات بالمراقبة عن بعد وحفظ أمن العباد والجماد، ولم تسجَّل ولو حالة صدام واحدة بين المتظاهرين وقوات الأمن.
 
لم يكتفي المتظاهرون الجزائريون فقط بالسلمية الراقية، لكنهم عمدوا أيضا إلى تنظيف ميادين الإحتجاج عقب الإنتهاء من التظاهر ضد عبد العزيز بوتفليقة وضد الإبتزاز السياسي لحزبه الحاكم وزبانية نظامه، فقد شهدت الجزائر العاصمة ذلك النشاط الحضاري، وكل ولايات الوطن، لكن أبرز ما تناقلته شاشات التلفزة حول العالم ووصل إلينا، كان يُنقل من الجزائر العاصمة ومن ولاية خنلشة شرق الجزائر منطقة عباس لغرور، لتكون تلك المشاهد الرائعة شوكة في حلق من كانوا يتمنون عكس ذلك.
 
ويالَصدمة أنظمتنا العربية بفرحة ما تمت أصلا، عقب احتجاجات السودان الدامية التي خرجت ضد عمر البشير والتي كان يراد لها أن تكون دامية، وأن يكون عنوانها الدم والفوضى العارمة والقتل والتدمير، كي يكون لطقم المؤامرة الكونية والأجندات الخارجية العابثة، وقعه السحري على مسامع باقي الشعوب العربية المُخدرة، ومن ثم يتم القضاء على الحراك السوداني بكل وحشية قبل أن تنتقل العدوى إلى باقي الشعوب.
 
لقد سطر الجزائريون يوم الجمعة 22 فبراير شباط 2019 أسطر منيرة في كتاب التاريخ العربي الحديث المخزي، تلك الأسطر التي ستكون بمثابة مرجع ومنارة هدى لباقي الشعوب العربية التي تنتظر الخلاص وتسعى إليه، حين تنطلق شرارة الضياء الأولى وسط الظلام الحالك.
 
شكرا لكم يا شباب بلد المليون شهيد، شكرا لكم يا شباب الجزائر حين حولتم احتقار أنظمتنا لنا، إلى وقود لإنتاج جيل جديد واعي يعشق الحرية ويرفض العبودية، بدل أن يكون جيل بؤس ويأس وإحباط وخيبة أمل كما كانت وما زالت تسعى أنظمتنا إلى جعلنا كذلك دائما، شكراً لكم، شكرا لكِ أيتها الجزائر.