عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Jun-2019

ضوابط جديدة للبرامج التلفزيونية في مصر تثير جدلاً لمواجهة «الانفلات» في «التوك شو»... وخبير إعلامي يعدّها تقييداً
 
 
القاهرة - الشرق الاوسط-  يسرا سلامة - أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر، أمس (الثلاثاء)، ضوابط جديدة لتنظيم عمل البرامج في أربع فئات: الدينية، والطبية، والرياضية، والبرامج الحوارية «التوك شو»، تهدف إلى تنظيمها. وأضاف المجلس في بيان أمس، أن هذه القواعد تهدف إلى «إرساء معنى المسؤولية الإعلامية والقيم الأخلاقية في أثناء ممارسة الإعلامي لعمله، وإرساء خطاب إعلامي تنموي يُعلي من شأن الوطن ولا يحرض على التمييز والعنف والكراهية».
 
وقال المجلس الذي يتولى تنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي والرقمي في مصر، إن الهدف من وضع هذه الضوابط هو حماية حق المواطن في التمتع بإعلام على قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة العالمية وبما يتفق مع الهوية الثقافية المصرية.
 
وتضمنت ضوابط برامج «التوك شو»، ألا تزيد مدة البرنامج على 90 دقيقة ولا تزيد الفواصل الإعلانية على 3 فواصل بمدد تتراوح من 5 إلى 8 دقائق، وأن يهتم بالأحداث الجارية فقط، وألا يُترك الوقت للمذيع وتُعطى الفرصة للضيف لعرض رأيه، وأن يكون مقدم البرنامج ورئيس تحريره عضوين بنقاباتهما، وأن يكون رئيس التحرير مسؤولاً عمّا يذاع وعليه مراجعته، وأن يلتزم البرنامج بالمرجعية والتأكد من المصدر في كل معلوماته المذاعة، وأن يجمع بين فنون البرامج من حديث مباشر إلى لقاءات إلى اتصالات إلى تقارير مصورة، وأن يتم التنسيق مع مصادر الدولة فيما يخص أخبارها، وأن ينوه في فقراته عن الفئة العمرية المستهدفة، وفقاً للبيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية المصرية.
 
وكان بيان المجلس قد أشار إلى أن برامج «التوك شو» قد أصابها «الترهل وتشابه الموضوعات وتسييس المحتوى، وقد طالها بعض الانفلات وأصبح لزاماً وضع ضوابط لها، لما لها من أثر في تشكيل الرأي العام».
 
وأثارت تلك الضوابط الجدل بين أوساط الإعلاميين، خصوصاً في المجال التلفزيوني، وعلق محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، لـ«الشرق الأوسط» على أهميتها، كونها «المرة الأولى التي يقوم فيها كيان تنظيمي، وفقاً للمادة (68) من الدستور المصري، بممارسة حقه في المحاسبة والمساءلة تجاه المحتوى الإعلامي».
 
واهتمت الضوابط أيضاً بالبرامج الطبية، فتضمنت عدم قبول برامج مهداة أو بنظام تأجير الوقت أو الإنتاج المشترك إلا بعد العرض على المجلس، وعدم الإعلان عن مستشفيات أو مراكز علاجية إلا بعد التأكد من تسجيلها بوزارة الصحة والسماح لها بالعمل، وعدم الإعلان عن أدوية إلا بعد الحصول على موافقة إدارة الصيدلة بوزارة الصحة، وعدم عرض مشاهد في أثناء العمليات الجراحية تظهر شخصية المريض إلا بموافقته.
 
وعلّق علم الدين على الضوابط الخاصة بالبرامج الطبية، قائلاً إن بها ممارسات إعلامية تتعارض مع المعايير الأخلاقية للمهنة، مثل عرض مشاهد من عمليات جراحية في برامج طبية دون الرجوع لأصحابها ووزارة الصحة، معتبراً أن تلك الضوابط ستقلل من الانتقادات الموجّهة إلى الإعلام المرئي.
 
كما تضمنت الضوابط البرامج الدينية وضرورة مراعاة أن يكون مقدم البرنامج ملمّاً بالقضايا الدينية ولديه قدر من حفظ آيات القرآن الكريم والنطق الصحيح لها وكذا إلمامه بالسيرة النبوية، وأن يكون الضيوف من علماء الدين أو أساتذة الجامعات المعروفين، وأن يراعى في حالة التعرض لأمر الإفتاء أن يكون الضيوف من القائمة المعتمدة من الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، وألا تكون مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً لإبداء الرأي أو الإفتاء فيما عدا مواقع ومراصد الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف وجامعة الأزهر.
 
وثمّن الكاتب الصحافي ورئيس التحرير التنفيذي لمؤسسة «أونا» للإعلام علاء الغطريفي، تناول ضوابط «الأعلى للإعلام» التي تحتاج -كما يقول- إلى الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية، ضارباً المثل بالإعلام الطبي والديني الذي يحتاج إلى إرساء العلم والانضباط بالعودة لذوي الخبرة والمتخصصين، كلٌّ في مجاله.
 
واختلفت رؤية الغطريفي -صاحب الخبرة في مجال الإعداد التلفزيوني وتولي رئاسة منصات إعلامية- مع رؤية «الأعلى للإعلام» تجاه بعض الضوابط الخاصة بفئة برامج «التوك شو»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها أُغرقت في تفاصيل لا ينبغي التطرق إليها لأنها «ألف باء» مهنة، فلا يمكن بحال أن تشير إلى بدهيات العمل الإعلامي في ضوابط عامة. واعتبر الغطريفي أن تحديد زمن برامج «التوك شو» والفواصل الإعلانية هو أمر خاضع للقنوات، وأن التدخل في بعض التفاصيل «قد يفسد الضوابط المهنية»، حسب المعايير العالمية المتعارف عليها في هذه النوعية من البرامج.
 
ورداً على ذلك، اعتبر علم الدين أن تناول الضوابط لتفاصيل في صناعة البرامج مثل المصادر والمدة الزمنية في فئة «التوك شو» أمر «منطقي وطبيعي ويحتاج إلى مهارة وإبداع ومرتبط بمقتضيات الأحداث»، وقال إن «الرجوع لمصادر لها علاقة بالدولة فيما يخص أخبارها أمر منطقي. ليس مقبولاً الحديث مثلاً عن ضريبة جديدة والاستعانة بخبراء فقط دون إتاحة رأي الدولة».
 
ولمست الضوابط أيضاً البرامج الرياضية، إذ تضمنت شروطاً مثل الحيادية وعدم التحيز إلى الانتماء الفردي لأيٍّ من أسرة البرنامج، وعدم تسييس المحتوى وربطه تلميحاً أو تصريحاً بأوضاع الشارع، واحترام الرموز الرياضية، وعدم التحريض أو إثارة الرأي العام، وعدم التدخل في أعمال التحكيم والتدريب.
 
وتسري الضوابط من «الأعلى للإعلام» على البرامج التي تقع تحت مظلة الإعلام المصري، ولن تتضمن البرامج التي تذاع على قنوات عربية، وفقاً لعلم الدين، قائلاً: «هي إشكالية ظهرت في برنامج رامز جلال (رامز في الشلال) بشهر رمضان، لكنها ليست مسؤولية المجلس الأعلى للإعلام»، مضيفاً أن المجلس لديه فريق من الباحثين المتخصصين الذين يعملون على رصد ومتابعة أداء البرامج التلفزيونية، وظهرت منها في أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية.
 
كان «الأعلى للإعلام» قد أوضح أن الضوابط تم وضعها بواسطة لجان المجلس المتخصصة التي تضم مجموعة من الخبراء والمتخصصين في مجال الإعلام، مشيراً إلى أن الضوابط جاءت متوافقة مع الدستور والقانون ومواثيق العمل الإعلامي، وكذلك مع مواثيق الأمم المتحدة وهيئاتها.
 
وأفاد المجلس بأنه وجّه خطابات إلى القنوات مرفق بها الضوابط الإعلامية للبرامج، مهيباً بالقنوات الالتزام بهذه الضوابط لخلق بيئة مهنية مناسبة للحفاظ على قيم ومبادئ المجتمع.
 
وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر قد أقرّ إيقاف عدد من البرامج لعدم مراعاة المعايير المهنية والأخلاقية، مثل برنامج «شيخ الحارة» للإعلامية بسمة وهبة على قناة «القاهرة والناس» في شهر رمضان الماضي، وبرنامج «أبله فاهيتا» في فبراير (شباط) 2018، والبرنامج الكوميدي «إس إن إل بالعربي» على قناة «أون إي»، وإيقاف برنامج «صبايا الخير» للإعلامية ريهام سعيد لمدة شهر في أغسطس (آب) بسبب حلقة عن الخيانة الزوجية.