عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jan-2020

من باكستان إلى مادبا.. أبو عبد الرحمن يقضي نصف عمره بتشكيل الذهب والفضة

 

أحمد الشوابكة
 
مادبا –الغد-  على مدى ربع قرن من الزمن، يعمل الخمسيني محمد عاصف، وهو باكستاني الجنسية، في صياغة الفضة والذهب بأنواعها كافة، في محله الذي يقع في سوق مادبا القديم.
وورث أبو عبد الرحمن مهنة صياغة الفضة والذهب من والده في بداية الثمانينيات من القرن الماضي أثناء وجوده في مدينة بنجاب الباكستانية عندما كان عمره 15 عاما، مؤكدا أنه سيورثها لأبنائه، لأنها مهنة عتيقة وحرفة تراثية، يخشى عليها من الضياع أو التفريط بها، فهو وفي لها، وخاصة أنه قضى 24 عاما من عمره فيها، حتى شغف بها حبا.
ويتقن أبو عبد الرحمن حرفة صياغة الذهب والفضة وبطرازها القديم والمتداول في الأردن، بدون تطوير على أدواتها، فهي التي تصنع بالأيدي وبآلات خاصة؛ إذ يقول “أنا مغرم جداً بهذه الحرفة الفنية الرائعة”.
وعن هذه الحرفة، قال أبو عبد الرحمن إنه احترف صناعة الفضة أو الذهب الأبيض منذ نعومة أظفاره، عندما كان وعائلته يقطن مدينة بنجاب الباكستانية؛ حيث كان جده حرفياً، فتعلّم تفاصيل وأجزاء هذه الحرفة، ثم جاء بها إلى مدينة مادبا العام 1990 وتفنن في تشكيلها.
واشتغل، كما يقول، من القطع والأشياء ما لا يمكن لأحد في هذا العصر أن يشتغله، كصياغة الذهب والفضة بأشكالها وأنواعها كافة، وما يزال يحتفظ ببعض منها إلى يومنا هذا.
ويضيف أبو عبد الرحمن “انتمائي لهذه العائلة الحرفية وارتباطي الوراثي لحرفة الصياغة التقليدية ومعايشتي لتفاصيل صياغة الفضة والذهب كان لها بعد وطني لتوثيق التراث الآسيوي، وحفظه وإحيائه لينال نصيبه ضمن سلسلة الحرف اليدوية التي مارستها بلدان الشرق الأوسط، ومن خلال هذا العمل سيتم توثيق تقنية صياغة الحرف اليدوية التقليدية”. وأشار أبو عبد الرحمن إلى أنه تعلق بتصنيع الفضة وزخرفة أشكالها المختلفة منذ نعومة أظفاره، لافتاً إلى أنه يملك محلاً للفضيات في مدينة مادبا السياحية.
ويقول “من بواعث سروري أن زبائني يعجبون بما تجود به أصابعي في النقش الدقيق على الفضة، ويقفون أمامي متسائلين عن آلية صنعها وحرفية ممتهنها”، مشيرا إلى الإقبال الكبير على القلائد والخواتم وكتابة الأسماء على الفضة. ويرتاد محل أبو عبد الرحمن الكثيرون من الزوار المهتمين بالتراث والفضيات خصوصا، موضحا “تقبل النساء كثيرا على القلائد والأساور والمعضد والحجول واللبات بأنواعها والرشرش والشعرية والعصابات والأحزمة، ومنها؛ الرعاد والمفشق والمصفح وملبوس العافية والكلاليب والمحوت والسبايك”.
وأكد أبو عبد الرحمن أن لديه القدرة على تصميم أي قطعة من الفضة، مبينا أن عمله يبدأ بصهر الفضة وتصفيتها ومن ثم يضع العيار المناسب، ثم تصب على شكل سبائك قبل وضعها في ماكينة السحب ومن ثم تبريدها، فتكون جاهزة حينها للاستخدام، ومن ثم يستعمل المبرد والملقط واللحام عليها لرسم التصميم وتنفيذه بالشكل المطلوب.
ويستذكر أبو عبد الرحمن الطريقة التي كانوا يعملون بها في السابق؛ إذ يشير إلى الاختلاف الذي طرأ على هذه الحرفة اليوم، منوها إلى أن الطريقة الحديثة تعتمد في أغلب مراحلها على الآلات الصناعية ذات القوالب متعددة الأقطار، في حين أن العمل القديم كان يدوياً مائة بالمائة، ويحتاج إلى وقت طويل. ويردف “اليوم باتت آلات الصب تساعد على الإنتاج الوفير للنوع نفسه، وبالكمية التي يرغب بها الحرفي، وبكلفة أقل وبزمن أقصر”.
ومع ذلك، فإن القطع الفضية التي تصنع اليوم، كما يقول، ليست بالتقنية والدقة نفسها التي كانت تصنع بها في الزمن السابق، لافتا إلى أن السياح الأجانب يأتون لرؤية هذه الأعمال اليدوية العريقة لجمالها وإتقانها وحرفيتها العالية.
وينوه أبو عبد الرحمن إلى عمليات الغش التي طالت هذه الحرفة، مبينا أن هنالك الكثير من الأعمال النحاسية المطلية بالفضة، والتي تباع للمواطن على أنها فضة خالصة.
وعن الإقبال على الفضة، قال أبو عبد الرحمن “هناك شغف كبير بجماليات الفضة ورغبة كبيرة باقتنائها، لاعتبارها من تراث المنطقة”.
وطالب أبو عبد الرحمن، الجهات المعنية بالتعليم والتدريب المهني، بالانتباه إلى حرفة صناعة الفضيات كفرع أساسي يدرس كباقي المهن، لأنه جزء مهم من التراث الوطني الأردني، واندثاره أصبح أمرا واردا.
ويؤكد أبو عبد الرحمن أهمية تدريب الشباب لهذه المهنة التي تحتاج إلى دقة وصبر، وخصوصاً عملية حفر الأسماء والأشكال المطلوب صياغتها.