عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jan-2019

نتنياهو يصور نفسه كقديس معذب

 الغد-هآرتس

 
حيمي شليف 9/1/2019
 
المستشار القضائي لحكومة افيحاي مندلبليت، يمكنه على الاقل نظريا عزل نتنياهو من منصبه في صباح الغد. كل ما عليه أن يفعله هو الإعلان بأنه “محظور على رئيس الحكومة أداء دوره”، كما هو مكتوب في قانون اساس: الحكومة، وفجأة نتنياهو غير موجود. هكذا، على كل الأحوال، يمكن تفسير ملاحظات المحكمة العليا في الالتماس الذي قدمه الصحافي يوآف يتسحاق في 2008، الذي طلب فيه فرض على المستشار القضائي في حينه مناحيم مزوز، الاعلان عن عدم صلاحية رئيس الحكومة في حينه إيهود اولمرت بسبب محاولته التهرب من التحقيقات. رفض المستشار معقول، قال القضاة، لكن من صلاحياته الاعلان عن عدم صلاحية رئيس الحكومة ما زال قائما، لأسباب صحية، لكن أيضا خوفا من تشويش اجراءات المحاكمة.
هذا السيناريو يبدو متطرفا وخياليا، لكنه أقل من ذلك قليلا بعد أن قدم نتنياهو أول من أمس للأمة “اعلان خاص” مميز. نتنياهو يستغل منصبه من اجل التهرب من حكمه، وخلال ذلك يخرب سلطة القانون، ولكننا اعتدنا على ذلك. التجديد هذه المرة هو عدم صلاحية المناسبة، عندما تتسرب الامطار من المنزل في شارع بلفور وبؤس الرسالة. نتنياهو حول التباكي الاجرائي على صيغة “أكلوا لي وشربوا لي”، التي تميز المشبوهين بجرائم جنائية، إلى دراما سياسية كبيرة. “قاعدته” تحمست، المعارضة ردت بقرف، لكن الشعور السائد كان الاحراج.
نتنياهو كسب بنزاهة التهكم العام الذي يرافق سلوكه على هيئة الضحية. ولكن اذا كانوا يفسرون بشكل عام ذلك كعرض فقط، فإن ظهوره الاخير اثار الشك بأنه حقا يعيش في فيلم. في نظر نفسه، نتنياهو ليس هو القوزاقي المسروق، بل درايفوس حديث، ضحية ساذجة لقوى الشر العالمية التي سيطرت على الشرطة والنيابة العامة والمستشار وقريبا على المحاكم. إن اقتراحه لاجراء مواجهة علنية مع كل الشهود هو أمر خيالي حقا، من انتاج دونالد ترامب، لكنه يدل على رغبته في تحويل الاجراء الجنائي ضده إلى عرض، لتغيير المدعين ضده والقضاة في هيئة المحلفين إلى جمهور الناخبين. وعرض برنامج واقعي يخرج منه كبطل منتصر.
هذه الاستراتيجية تستحق أن تسمى على اسم أو.جي سمبسون، الذي محاكمته قبل عشرين سنة وضعته كأكبر المتملصين. سمبسون اتهم بالقتل. ولكن تمت تبرئته كضحية. البينات الملموسة ضده، الدم، الـ دي.ان.ايه، القفازات والحذاء لم تقف امام هالته الشخصية والشعور بالاضطهاد والمطاردة المبررة بالطبع، التي أثارتها محاكمته في اوساط السود في أميركا.
نتنياهو خلافا لذلك، يصرخ بأن قرار تقديم لائحة اتهام ضده قبل الانتخابات بحيث تكون خاضعة للاستماع، سيسرق منه امكانية أن يسمع روايته للجمهور. ولكن أحدا لم يمنعه من القيام بذلك في السنتين الماضيتين منذ بدء التحقيق الاول معه. نتنياهو يفضل الابتعاد عن الحقائق، ولديه اسبابه لذلك، والتركيز على الصور التي تحتها. هو يريد أن تتم محاكمته حسب مكانته وليس حسب افعاله. وهو يغذي شعور الاضطهاد المستمر لليمين، ويصور نفسه كقديس معذب.
الكثير من مؤيديه يعرفون أن نتنياهو فاسد، جماهيري أو قانوني، لكن دعوته للحرب القبلية تثير عاصفة قوية من المشاعر بما يكفي لتحويله إلى شخص بريء، ومن اجل أن تقوده حسب الاستطلاعات، إلى الفوز في الانتخابات. واذا نجح في ذلك فربما سينشر نتنياهو مستقبلا كتاب بعنوان “أنا مذنب” وفيه يعترف ظاهريا بذنبه، ولكنه يضيف له في الدقيقة التسعين مثل سمبسون كلمة “اذا”، ولو من اجل أن يوفر على مؤيديه الحاجة إلى الاعتراف بأنه تم خداعهم.