عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jun-2021

الفتنة في يد القضاء العسكري*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

أمس الأول؛ صادق العميد حازم عبدالسلام المجالي على لائحة إتهام المتهمين: الأول باسم عوض الله والثاني، وتضمنت اللائحة إسناد عدة تهم لهما، على خلفية قضية الفتنة «الأولى»، وهما ما زالا بحكم القانون والقضاء والعدالة متهمين وليسا محكومين ولم تقل محكمة أمن الدولة رأيها، فأمامنا وأمام الحكم القطعي غير القابل للطعن مسافة قد تستغرق عدة أشهر، ومهما كانت المشاعر جياشة وغاضبة تجاه هذين المتهمين، فهذا لا يؤثر على عدالة حكم القضاء العسكري، فالرصانة والحكم المستند للوقائع، والتقديرات القضائية العادلة لأثر مثل هذه الأعمال المناهضة للحكم وللقانون، هي سمات رئيسية في اختصاص وأداء رجالات القضاء العسكري، حيث لا شطط ولا طيش «على شبر ميّه»، فالفيصل هو القانون وأمن البلاد واستقرارها ولا شيء غير ذلك في مخيلة أو اختصاص رجال العدالة في مديرية القضاء العسكري ولدى قضاة محكمة أمن الدولة..
 
الفتن التي تتوالى علينا «كقطع الليل»، لا تأتي من السماء، بل من ظلام دامس يغلف ويتعمق في نفوس وعقول بعضنا، وبعيدا عن التدخل في القضاء والعدالة ومؤسساتها، فإن بعض الجرائم تتطلب عقوبات أشد، لأن تأثيرها أكثر فداحة من غيرها، وخطرها أكثر «خبثا» من غيره، لا سيما حين تصدر بحق أمن واستقرار بلد، وتناهض الحكم فيه وتسعى لتقويضه، وتجلب ألف أزمة وخطر على الناس الآمنين الصابرين، وتصدر عن أشخاص طال ما تم احتسابهم على سدة الحكم، وتولوا مناصب في الدولة، بل وتم فسح المجال لهم لممارسة أفكارهم، التي لا تقل نتائجها سوءا عن خطر وسوء محاولة انقلاب، فقيام مثل هؤلاء الأشخاص أو حتى «نيّتهم» قلب موازين ونظام حكم شاركوا فيه في مرحلة من عمرهم، وحين يصدر عنهم، هو بحجم خيانة خسيسة، لا يقبلها لا شعب ولا دولة ولا حتى جمهورية من جمهوريات الموز أو عصابة مجرمة..
 
هذا وفي حال ثبوته، عمل إجرامي مدان ويجب أن لا تشمله قيم التسامح والحكمة السياسية، بل يجب «توزينه» على ميزان أمن دولة وشعب ومؤسسات، وأمن إقليم أيضا، فللأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني دور اقليمي وعربي ودور على صعيد قضية العالم الأولى «القضية الفلسطينية»، وثمة جهات كثيرة تحاول على امتداد عمر الدولة الأردنية تغييب هذا الدور ومصادرته، وترك الأردن في مهب الغضب والأزمات، التي تزداد وتسمن ويزيد خطرها جراء مثل هذه الفتن «ما ظهر منها وما بطن».
 
حين تواردت أخبار الفتنة كتبت مقالتين فقط، تم نشرهما في هذه الزاوية، تحدثت فيهما عن الأخلاق والقيم والحكمة الأردنية الهاشمية، ولم «أسمح لنفسي» بالخوض عميقا في «حديث فتنة»، فوأدها بإهماله واجب، والقاعد عنها خير من «الماشي» فيها، لكننا اليوم أمام قضية منظورة في أرفع محكمة أردنية، وهي محكمة أمن الدولة، الجهة الوحيدة المعنية بالنظر والتحقيق والحكم بالقضايا التي تمس أمن دولتنا، ويجب علينا أن نقول كلمتنا بلا مواربة، لأننا نتحدث عن حالة حقيقية وقضية موجودة، وعمل لو قدر له النجاح في مسعاه الآثم، لوقعت بحق الأردن سلسلة من الجرائم، والأحداث، التي نراها في الدول التي تتعرض لغزو وحروب خارجية او داخلية، حيث تعود هذه الدول الى العصور المظلمة، وتشب فيها مختلف أنواع الجرائم والحروب والعمليات المتوحشة، وهذا ما يعنيه تقويض نظام حكم في بلد مستقر، ويقع في عين العواصف كلها..
 
أمس كنا نتحدث عن فتنة نريد وأدها في مهدها، لكننا اليوم نتحدث عن قضية ومتهمين، فمن الطبيعي أن نهتم أكثر بهذه القضية التي لم يسبق أن حدثت بمثل هذه التفاصيل، وبمشاركة من مثل هذه الأطراف المعلنة أو البعيدة المتخفية، ولأننا لا نريد التدخل بالقضاء أو نؤثر على حكمه وإجراءات التقاضي، فإننا وحتى اليوم لا نتعامل مع المتهمين كمجرمين، لأن تجريمهم أو تبرئتهم مبنية على حكم القضاء العسكري العادل المعروف بنزاهته وحكمته وسلطته القانونية الأخلاقية، والذي لا يخضع لتدخل أو ضغط، لأنه فوق رسالته الإنسانية المقدّسة بتحقيق العدالة، هو مكلف بحماية بل التقرير والحكم القضائي بشأن أعمال تهدد أمن دولة راسخة وأمن شعب طيب صابر مكافح ومخلص ومحب لوطنه.
 
أي مجرم يجب أن يأخذ الجزاء العادل على جريمته، جزاء يتناسب مع أثرها على الناس وعلى قيم العدالة، ولا يخامرني أدنى شك في توازن وخبرة ونزاهة رجال القضاء العسكري، فهم صمام أمان وميزان قانون، وبات الأمر والقضية في عهدتهم الأمينة، وعلينا أن ننتظر حكمهم، فهو الخبر الذي سيكون مبتدأنا في قادم الأيام، على طريق تحقيق مزيد من أمن واستقرار وخير وبركة في المملكة الأردنية الهاشمية.
 
حفظ الله الأردن قيادة وشعبا وجيشا ومؤسسات، حمى الله العدل والأمن ورجالهما.