عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jan-2024

المضي نحو تحقيق الأحلام المؤجلة.. حينما نتشبث بالتفاؤل وسط الصدمات

 الغد-منى أبو حمور

 دائما هنالك غد جديد يشرق معه الأمل ورغبة في الاستمرار وتجاوز المرارة واللحظات الصعبة، تماما كما يوجد بعد السقوط نهوض ومضي نحو أحلام مؤجلة وقرارات أوقف تنفيذها.
 
 
رغم كل ما يعيشه العالم اليوم من أحداث دامية وخسارات كبيرة وفقدان الرغبة في الاستمرار وكأن الساعة البيولوجية توقفت عن النبض، إلا أن الحياة ما تزال مستمرة والأيام تمضي دون أن تتوقف، ما يجعل الالتفات للغد ضرورة لا تعني أبدا أن تطوى الصفحات المؤلمة، بل تكون هي مصدر القوة.
 
لم تتوقف الأيام ولا الساعات، بل تمضي بسرعة، ونحتاج اليوم لإنعاش النفس وإحياء الأمل من جديد والبدء بالعمل والاستمرار بالحلم والسعي نحو الأهداف المؤجلة، هكذا يصف أحمد القاسمي الحال بعد أن توقفت بوصلة الزمن به عند السابع من أكتوبر، ليعيش ما يعيشه العالم أجمع من حزن وألم وخيبات أمل متتالية جراء العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة.
القاسمي لا يختلف كثيرا عن غيره، لكنه يؤمن أنه بعد كل ما عاشه العالم ويعيشه اليوم، لابد من التفكير بطريقة إيجابية كلها أمل وتفاؤل ومحاولة تجاوز الصدمات النفسية والاستمرار بالوقوف مجددا، ليتمكن من مواصلة حياته وأعماله وأهدافه.
وتوافقه الرأي مريم حسان التي تجد ضرورة التسلح بالإيمان والقوة والإصرار على الاستمرار بالنجاح مجددا، مبينة أن الوقوف مكتوفة اليدين لن يصلح ما يفسده الدهر، لكن التجاوز والمضي ووضع أهداف وطموحات والسعي لتحقيقها ستمكن صاحبها من تحقيق ما يصبو اليه، "نهاية كل طريق معتم بصيص نور".
ويؤكد الاستشاري الأسري الاجتماعي مفيد سرحان، أن الظروف التي نعيشها اليوم مع استمرار الحرب المدمرة على الأهل في قطاع غزة تبرز الحاجة الى التحلي بالصفات التي تمكننا من الصبر والثبات.
ويبين سرحان أن أقوى الأسلحة التي يمكن أن يتسلح بها الإنسان في كل الظروف هو التفاؤل والنظر الى المستقبل بأمل وثقة، والابتعاد عن التشاؤم، ومما يدفع أكثر الى التفاؤل هذا الصمود الأسطوري لأهالي غزة، بالرغم من الأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى والمفقودين.
وكذلك مما يبعث على التفاؤل ما تقدمه المقاومة في غزة من بطولات وإيقاع بالعدو وتكبيده خسائر فادحة، كما في ما يقوله الأطفال في غزة، ويقوي من عزيمتنا ويبث الأمل والطمأنينة في النفوس بسبب هذا الثبات والصبر.
هم يعلمون العالم دروسا في الصبر والتحمل، كذلك، بالرغم من الفقد وأعداد الشهداء من أفراد الأسرة والأقارب والجيران وصور الأشلاء، إلا أن نساء غزة يتحدثن عن التفاؤل بالنصر القادم.
ويقول سرحان "إن علينا أن نتفاءل بأن القادم أفضل بإذن الله، وأن بعد العسر يسرا، وبعد الشدة فرجا، وبعد الضيق يسرا؛ لأن الإحباط واليأس أخطر ما يهدد الإنسان، ما يعني الموت البطيء".  
والإنسان المتفائل لا يمنعه الظرف الصعب من الانشغال بالعمل والإنجاز بدل السكون والإحباط، فهو أكثر قدرة على ضبط نفسه ومشاعره وأعصابه في أصعب الظروف وأدقها، وهو يدرك أن "بعد العسر يسرا"، بحسب سرحان.
ويقول، التفاؤل إيمان من الشخص يدفعه إلى العطاء والعمل والإنجاز للوصول الى النجاح، ولا يقبل أن يكون سجين الواقع بل يتحدى الواقع ونظره الى المستقبل. وكما يقال "تفاءلوا بالخير تجدوه"، والتفاؤل يجلب الخير لأنفسنا وللآخرين. ويبقى الشخص الإيجابي أكثر طمأنينة وراحة نفسية من المتشائم، فهو يشعر بالرضا والقناعة، وهو ينشر ذلك لأسرته ومجتمعه.
الى ذلك، يبين سرحان أن عزيمة الإنسان تزيد من قدرته على مواجهة الصعاب والتعامل مع المشاكل بقدرة وكفاءة، ويكون مؤهلا للنجاح أكثر من الشخص المتشائم، وهو يقوم بواجباته دون إخلال ويبتكر وسائل إبداعية للإنجاز، فهو لا يعرف اليأس ولديه درجة عالية من التحمل والصبر، والأمل لديه موجود في كل الظروف. 
كما أن المتفائل قادر على اتخاذ قرارات سليمة وصحيحة، وفق سرحان، لأنه أقل توترا بعيدا عن الخوف والقلق، ينظر الى الجانب المشرق، وهو يؤمن بقدرته على التغيير حتى في الظروف الصعبة، بينما المتشائم ينظر الى الواقع الصعب ويستسلم له، ما ينعكس على نفسه ومحيطه.
ويضيف "مما يزيد من قدرة الإنسان على التفاؤل القرب من الله تعالى والثقة بقدرته على التغيير، وأن ننظر الى ما بنا من نعم كثيرة، وأن نأخذ بالأسباب وتكون علاقاتنا حسنة ووثيقة مع الجميع ونبتعد عن الخلافات والأحقاد وأن نكون متسامحين مع الآخرين".
ويختم سرحان "المطلوب هو بث روح الأمل لمن حولنا، وعدم المساهمة في بث روح الإحباط واليأس، لأن التفاؤل سلاحنا للوصول إلى مستقبل مشرق، وهو قوة دافعة للإنسان تشرح صدره للعمل والعطاء، وإذا فقدنا ذلك فقدنا كل شيء".