عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-May-2021

حي الشيخ جراح*د. محمد حسين المومني

 الغد

باتت مواجهات المقدسيين في المسجد الأقصى الحرم القدسي الشريف، وتلك التي يخوضونها في الحفاظ على أرضهم في حي الشيخ جراح شرق القدس، باتتا عنوانا للصمود الفلسطيني والمقاومة السلمية المؤثرة في وجه الاحتلال الإسرائيلي. مواجهات يومية يقودها شباب فلسطيني بكرامة وقوة وذكاء، تعطي طابع السلمية والمدنية للمواجهات والمقاومة، وهو الأمر الغاية في الأهمية حتى يحدث التأثير المطلوب على المستوى العالمي. تعاطف دولي تلقاه الشعب الفلسطيني بعد أن رأى العالم كيف أن هذا الشعب الأعزل يقاوم بسلمية ومدنية وكرامة للحفاظ على أرضه، وقد أصدرت دول بيانات تحدد مواقفها مما يجري، وتطالب إسرائيل بالتصرف ضمن أحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتذكرها أنها قوة قائمة بالاحتلال، وبهذه الصفة فإن عليها محددات وواجبات. إسرائيل تعتاش عالميا على عدد من الانطباعات؛ من تلك أنها وشعبها ضحايا للعدوانية العربية والفلسطينية، وهي محاطة بالأعداء التي تريد الإجهاز عليها، لذلك فإن أنواع مقاومة كالتي تجري حاليا بالقدس تضرب هذا الانطباع الدولي عن إسرائيل بالعمق، وتظهر إسرائيل بمظهر الدولة المحتلة التي تمعن بالاحتلال والقمع، ولا تريد تركه، ومن أجل ذلك تنتهك حقوق الفلسطينيين وتخرق التزاماتها كدولة محتلة بموجب القانون الدولي.
الاحتلال لا يوفر وسيلة إلا وحاول من خلالها بسط نفوذه على الأرض والتاريخ، مستخدما أدواته الأمنية والعسكرية، أو أخرى إن حققت الهدف في السيطرة. ليس بوارد الاحتلال التخلي عن مناطق النفوذ، وبالنسبة له حل الدولتين وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم إن حدث فيكون فقط تحت عنوان “شر لا بد منه”، وحلم الاحتلال ومكوناته السياسية أن يستفيقوا يوما فيجدوا الفلسطينيين وقد اختفوا من على وجه فلسطين وذهبوا إلى أي مكان آخر. الأحداث التي تجري بالقدس تظهر وتثبت أن عكس ذلك هو الذي يحدث، حيث يزداد الفلسطينيون تشبثا بالأرض، ويزدادون عددا ويفوزون بمعركة الديمغرافيا، والأهم، أنهم يطورون من أساليب مقاومة فعالة سلمية مدنية تجد تعاطفا كبيرا وآذانا صاغية على المستوى الدولي.
الدرس الأكبر المتعلم مما يحدث الآن أن السلام والأمن والاستقرار لن يحدث إلا من خلال إيجاد صيغة تفاهم عادلة مع أصحاب وسكان الأرض الفلسطينيين. كل اتفاقات العالم مع أي دولة بما في ذلك الدول العربية لن تلغي القضية أو تحلها، والمظلمة الفلسطينية ستبقى شوكة في حلق إسرائيل، ولا بد لذلك من إيجاد صيغة تفاهم سياسية عادلة تحفظ للفلسطينيين حقوقهم وتعطيهم العدالة المسلوبة، وبغير ذلك ستبقى المواجهات، تأتي وتذهب، ويبقى الاستقرار والأمن متنازعا عليه، ولن يهدأ أي طرف وعلى رأسها إسرائيل. اتفاق عادل مع الفلسطينيين هو الحل وذلك ليس أمرا مستحيلا، ولا يعوزنا اقتراحات حلول لهذا النزاع، فهي موجودة وبكثرة، ولكنها للأسف معطلة ضحية لشعبوية نتنياهو واليمين الإسرائيلي، الذي يتبنى طروحات سياسية ليس غايتها المنطق والواقعية، بل هدفها الأساسي والحصري جلب الأصوات حتى لو عنى ذلك الإطاحة بالحلول التي تجلب الأمن والاستقرار والازدهار لفلسطين وإسرائيل وشعوبهما.