“ما بعد الخلافة”.. كتاب جديد من إصدار “السياسة والمجتمع”
الغد
أعلن معهد السياسة والمجتمع إصدار كتابه الجديد “ما بعد الخلافة.. هل سيعود تنظيم داعش من جديد؟” بالتعاون مع مؤسسة فريدريتش ايبرت الألمانية ضمن سلسلة إصدارات المعهد لهذا العام.
ويمثل الكتاب حصيلة أوراق بحثية ونقاشات علمية جاءت ضمن وقائع مؤتمر “مستقبل داعش بعد مقتل قادته” المغلق الذي عقد على مدار يومين من 17 – 18 حزيران(يونيو)العام الحالي تضمن جلسات مكثفة عبر تقنية Zoom، وضم المؤتمر عددًا من الباحثين والخبراء والمتخصصين الأردنيين والعرب والأجانب شارك بعضهم في تقديم أوراق بحثية، بينما شارك آخرون في المناقشات والتعقيبات التي تخللت جلسات المؤتمر.
يحاول الكتاب البحث بشكل معمق حول التداعيات والنتائج المترتبة على انهيار “دولة داعش” في العراق وسورية سواء على صعيد المنظمة نفسها وقدراتها على التجنيد والدعاية السياسية والإعلامية والتعبئة والصلابة الأيديولوجية والتماسك التنظيمي أو على صعيد قدرة التنظيم على النهوض والصعود مرة أخرى بعد الإعلان عن مقتل زعيمه الخليفة “أبو بكر البغدادي” في 27 تشرين الأول(أكتوبر) عام 2019 في عملية أميركية خاصة بعد أعوام من المتابعة الأمنية المكثفة وجهد استخباراتي مشترك أشرفت عليه الولايات المتحدة.
يطرح الكتاب تساؤلات عديدة مهمة سعى إلى الإجابة عنها في فصوله من أبرزها، هل طرأت أي تحولات على الصعيد الأيديولوجي والفقهي والفكري؟ وهل الأحداث المتتالية أضعفت البنية الأيديولوجية والفقهية أم العكس؟ هل انتهت فكرة الخلافة الواقعية بعد أن تحولت لاحقًا بعد خساراته في سورية والعراق إلى افتراضية؟ كيف يبرر التنظيم ما حدث معه أيديولوجيا؟ و ما الوعود التي يقطعها على أتباعه للمرحلة المقبلة؟
على صعيد الدعاية الإعلامية والسياسية والتعبئة، ما مصير ماكنات تنظيم داعش الإعلامية الكبيرة؟ وما المسارات والنتائج المتوقعة مستقبلًا؟ خاصة وأن التنظيم انتقل من الأسلوب النخبوي -كما القاعدة- إلى الأفقي، والذي يمنح لأي شخص يحمل هاتفًا محمولًأ متصلًا بالإنترنت العضوية في التنظيم من خلال ما يسمى “الذئاب المنفردة”.
على الصعيدين العالمي والإقليمي، ما هو حال التنظيمات الجهادية المنتمية إلى داعش الآن؟ وكيف هي علاقتها مع التنظيم الأم؟ وما هو مستقبل العلاقة بين تنظيم داعش والتنظيمات الجهادية الأخرى؟ ماذا عن تركة داعش الثقيلة؟ ما هو مصير المعتقلين والعائدين من أبنائه؟ وما هو مصير الأحداث ومستقبلهم؟ والنساء اللواتي انخرطن في التنظيم وزحفن إلى مناطق سيطرته؟ وهذا مرتبط بتساؤلات أخرى يتناولها الكتاب متعلقة باتجاهات الحكومات والسياسات والاستراتيجيات المتبعة في مكافحة الإرهاب والتطرف وبرامج إعادة التأهيل ومحاولات الإدماج.
والتساؤل العام والأهم، ما مدى قدرة التنظيم على تشكيل خطر –على المدى القريب- على الأمن الدولي والأمن الإقليمي.
قسم الكتاب إلى ستة فصول ملتزمًا بأعمال المؤتمر الذي تضمن ست جلسات، مرفقًا بأوراق الباحثين والمناقشات والتعقيبات والتوصيات التي أنهى بها المؤتمر أعماله.
تناول هذا الفصل مشروع داعش الأيديولوجي ونقاشاته الفكرية قبل وبعد انهيار التنظيم، وانعكاس ذلك على الدعاية الإعلامية والسياسية وقدرته على التجنيد. كما سلط الضوء على النقاشات والجدالات الفقهية والفكرية في أوساط الجهادية العالمية وداعش تحديدًا قبل وبعد سقوط دولته.
تناول الفصل الثاني تقييم الوضع الراهن بعد أن فقد التنظيم السيطرة على مدن رئيسية في كل من العراق وسورية بما يتعلق بنشاطاته وعملياته وتموضعه الحالي وتركته الحالية وأعداد مقاتليه.
أما الفصل الثالث فقد تطرق إلى آليات التكيف العسكريّة والاستراتيجية لدى تنظيم داعش على ضوء المتغيرات والتطورات التي تحيط به، وتأثير مقتل العديد من قياداته العليا على قدراته المختلفة.
حاول الفصل الرابع كشف الغطاء عن أزمة تركة داعش من خلال فتح ملف العائدين والمعتقلين والأطفال والنساء في المخيمات والتطرق إلى السياسات المتبعة وبرامج إعادة التأهيل. وقد اتخذ الفصل من مخيم الهول الواقع شرقي محافظة الحسكة شمال شرقي سورية نموذجًا للدراسة.
تناول الفصل الخامس مراجعة وتقييم الاستراتيجيات والسياسات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة التطرف العنيف والإرهاب، وما المطلوب في المرحلة المقبلة بعد تقييم تلك الاستراتيجيات، وقد أشار الفصل إلى نماذج عالمية في مكافحة الإرهاب والتطرف، وسلط الضوء على الاستراتيجية الوطنية الأردنية في محاربة الإرهاب.
مستقبل الجهادية العالمية: اتجاهات ومقاربات
ركز الفصل السادس والأخير على الحالة الإفريقية وانتشار الجماعات الجهادية في القارة خلال الأعوام الأخيرة، كما تطرق إلى المدارس والاتجاهات المستقبلية في أوساط الجهادية العالمية.
سعى الكتاب إلى إزاحة اللثام عن العديد من الموضوعات المتعلقة بانتشار التنظيم ونشاطه ومستقبله في المرحلة المقبلة، وإلى جدية وفاعلية السياسات الدولية والإقليمية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف وإعادة التأهيل، في ظل وجود عقلية الأعمال (Business) في التعامل مع ملف مكافحة الإرهاب وعقلية استجداء المساعدات الأمنية التي لا يذهب بعضها باتجاه مكافحة التطرف والإرهاب لتؤدي الغرض، كما يقول مشاركون في الكتاب.
يختتم الكتاب صفحاته بخلاصات من المشاركين، تتعلق بمستقبل التنظيم والاستراتيجيات المتبعة في محاربته، من أهمها أن تراجع التنظيم وخسارته لأراض شاسعة لا يعني بالضرورة نهاية التنظيم طالما أن الشروط المنتجة للتطرف والإرهاب في العالم العربي ما تزال قائمة وموجودة، ولفت بعض المشاركين إلى أن شروط صعود التنظيمات ترتبط بالعوامل السيسيولوجية والثقافية والسياسية أكثر من ارتباطها بالجوانب الأيديولوجية، لذلك فلا يمكن القضاء على وجود التنظيم ميدانيًّا وعسكريًّا، بل معالجة الموضوع سياسيًّا وهذا يحتاج إلى فترة طويلة؛ فنهاية المشروع السياسي للتنظيم، يشير إلى نهاية مشروع “الدولة” ونظام “الخلافة”، والعودة إلى حالة ” المنظمة”، والتي تعتمد على نهج حرب العصابات والاستنزاف، ونهج اللامركزية.
فيما يشير باحثون آخرون إلى ضرورة اللجوء إلى دراسة الأوزان النسبية للوقوف على أسباب الإرهاب ومحاولة معالجتها، وعدم اقتصارها على العوامل الاقتصادية والاجتماعية وتجاهل عوامل الأيديولوجيا والدين، خاصة مع موجة صعود اليمين المتطرف في العديد من الدول إلى زمام السلطة.
كما أشار الباحثون إلى القصور الذي يلحق بالمقاربة الأمنية في معالجة قضايا الإرهاب والتي يرى باحثون أنها ليست الحل الوحيد لعلاج هذه الظاهرة، بل يجب إدخال مقاربات أخرى وقائية وعلاجية فعالة.
كما لفت باحثون إلى أهمية تقليل الفجوة بين الأكاديمي والأمني، والتي تتعلق بحصول الأكاديميين على المعلومات اللازمة أو إبداء الرأي وإعطاء الاستشارات في هذا المجال.
كما خلص الكتاب إلى أن ظاهرة الإرهاب مركبة ومعقدة، وتختلف الأسباب بين بقعة وأخرى، وأسباب الإرهاب في العراق مختلفة عنها في سورية وأسبابها مختلفة أيضًا ظاهرة الإرهاب في القارة الإفريقية والتي تشهد انتشارًا واسعًا في الآونة الأخيرة أو في وسط –ولاية خراسان- وجنوب شرق آسيا. لذلك من الضروري النظر إلى ظاهرة الإرهاب من مستويات ثلاثة: ظرف عالمي، ظرف إقليمي، وظرف محلي.
سيتم إشهار الكتاب خلال إطلاق معهد السياسة والمجتمع سلسلة إصداراته في عامه الأول، وسيتوفر بنسختيه الورقية والإلكترونية وباللغتين العربية والإنجليزية.
الكتاب من إشراف وتقديم د. محمد أبو رمان وزير الثقافة والشباب الأسبق والباحث المتخصص بدراسة حركات الإسلام السياسي والتنظيمات الجهادية، ومن تحرير فريق معهد السياسة والمجتمع.