عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2022

ردٌ أميركي «مُهادِن».. على دخول كوريا الشمالية «النادي النووّي»؟*محمد خرّوب

 الراي 

بإقرار كوريا الشمالية قانوناً يمنحها الحق في تنفيذ ضربات «نووية» وقائية لحماية نفسها, في الوقت ذاته الذي حظرت فيه أي محادثات بشأن نزع السلاح النووي. وخصوصاً وصف زعيمها كيم جونغ اون أن إقرار هذا القانون يجعل من وضع بلاده النووي «لا رجعة عنه»، يمكن القول إن بيونغ يانغ قطعتْ الطريق وعلى نحو نهائي أمام واشنطن/وسيؤول بالطبع, مواصلة سياسة «الضغط الأقصى» لنزع سلاحها النووي, وخصوصاً ابتزازها عبر استغلال وضعها الاقتصادي الصعب, والرهان على «الجفاف» الذي غالباً ما ضرب البلاد في العقود الماضية, حداً وصل بحدوث «مجاعة» أكثر من مرة، ناهيك عمّا تبثه وسائل الإعلام الغربية والكورية الجنوبية ضد نظام الحكم ودعواتهما المُتكررة للانشقاق عن النظام, فضلاً عن المحاولات التي لا تنتهي للضغط على الصين (وروسيا) للالتزام بالعقوبات على بيونغ يانغ.
 
صحيح أن الزعيم الكوري الشمالي كان أعلن قبل خمس سنوات (2017) أن دولته باتت بالفعل دولة نووية، خاصة بعد نجاح أربع تجارب نووية (حتى ذلك الوقت), فضلاً عن تجارب ناجحة أخرى على صواريخ باليستية طويلة المدى قادرة على ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة, إلاّ أن إعلان الخميس الماضي 9/9 وفي مناسبة احتفال بلاده بعيد استقلالها الـ«74», وفي الأساس قرار حظر أي محادثات بشأن «نزع» السلاح النووي، يمكن اعتباره فاصلاً بين مرحلتين.. الأولى التي تواصلت فيها التهديدات الأميركية بضرب المواقع النووية الكورية الشمالية, والتلويح في الآن ذاته بمنح المزيد من المساعدات الاقتصادية والمالية والغذائية لبيونغ يانغ، ومرحلة مستجدة تقول فيها كوريا الشمالية إن «لا رجعة عن برنامجها النووي, تحت طائلة تنفيذ ضربات وقائية لحماية نفسها».
 
رد الفعل الأميركي «المُهادن» جداً على إعلان كوريا الشمالية نفسها «رسمياً» دولة نووية, غير مُستعدة للانخراط في محادثات على غرار المحادثات السابقة مع واشنطن لنزع سلاحها النووي، كان لافتاً ومثيراً عندما تعلن واشنطن أنها «لا تُبيّت أي نوايا عدوانية تجاه كوريا الشمالية, وأنها مستعدة لعقد اجتماع دون شروط مسبقة", كذلك حال كوريا الجنوبية التي كانت تُهدد جارتها الشمالية بالعواقب الوخيمة, حال قيامها بتنفيذ تجربتها النووية «السابعة» (التي كانت متوقعة لكنها لم تُنفذها), وانها/أي سيؤول ستُعيد النظر في سياستها الدفاعية وخاصة في شأن برنامجها الصاروخي الباليستي, في الوقت ذاته التي كانت تعرض فيه على بيونغ يانغ «فوائد لا تُحصى مقابل التخلي عن ترسانتها النووية».
 
أما موسكو المعنية جداً بهذا التطور (غير المفاجئ لها في ما يبدو), خاصة في الظروف الدولية المُحتقنة الراهنة، فقد اعلنت في ما يُشبه التحذير لواشنطن, انها «تُتابع عن كثب أي نشاط عسكري في شبه الجزيرة الكورية المتاخمة لحدودها", خاصة أن إعلان بيونغ يانغ عن نفسها دولة نووية رسمياً, جاء مُتزامناً مع اشاعات أميركية وبريطانية تزعم أن موسكو اشترت من كوريا الشمالية قذائف مدفعية وصواريخ بعد نفاد مخزونها. وهو أمر أثار استياء روسيا حيث طلب مندوبها في مجلس الأمن من واشنطن/ولندن «تزويد المجلس بالأدلة أو الاعتراف بأنهما تنشران معلومات غير موثوقة».
 
وبصرف النظر عن تداعيات الإعلان الكوري الشمالي بأن البلاد غدت دولة نووية, ما يرفع عدد أعضاء النادي النووي الدولي إلى «ثمانية» أعضاء. هم الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وبريطانيا)، إضافة إلى الهند وباكستان وحديثاً كوريا الشمالية (دون إهمال دولة العدو الصهيوني ذات الترسانة التي تزيد على مئتي رأس نووي, وإن كانت لا تعترف رسمياً بذلك التزاماً بما تسميه «الغموض الاستراتيجي» والذي تُشاركها في ترويجه الولايات المتحدة بتواطؤ مكشوف. رغم أن رئيس وزرائها الحالي/لبيد كان ألمح إلى امتلاك بلاده السلاح النووي, عندما قال في 5 آب الماضي بمناسبة تغيير في هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية: «الساحة العملياتية في القطبة الخفية، مبنية على قدرات دفاعية وقدرات هجومية»، وما يميل – أضاف لبيد – الإعلام الأجنبي إلى تسميته قدرات أخرى» ما فُهِمَ كإشارة إلى تلك الأسلحة».
 
نقول: مؤسف أن يزداد عدد أعضاء النادي النووي الدولي, في وقت تكون فيه البشرية جمعاء اليوم أكثر من أي يوم مضى, في حاجة ماسّة إلى كوكب خالٍ تماماً من الأسلحة النووية. في ظل ظروف دولية عاصفة محمولة على احتمالات عالية بالانزلاق إلى مواجهة نووية, جراء السياسة العدوانية التي ينتهجها حلف الناتو (وفيه ثلاث قوى نووية). ناهيك عن سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الإدارات الأميركية, في تركيزها على برنامج كوريا الشمالية (وإيران أيضاً) في وقت تَصرِف فيه النظر عن ترسانة إسرائيل النووية المهولة.