عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jul-2025

نواب بريطانيون.. تكفير ذنب أم خداع جديد؟*محمود خطاطبة

 الغد

في الوقت الذي ما يزال فيه الأهل في قطاع غزة يتعرضون لأبشع عملية إبادة جماعية على مر التاريخ، بالتزامن مع خطة تهجير «بطلها» الكيان الصهيوني، بدعم ومُساعدة الشيطان الأكبر في العالم (الولايات المُتحدة الأميركية)، يخرج تسعة وخمسين نائبًا عُماليًا من أعضاء مجلس العموم البريطاني، بمُطالبة، عليها ما عليها من علامات استغراب واستهجان، تقضي بضرورة الاعتراف الفوري بدولة فلسطينية.
 
 
 لا معلومات مؤكدة حتى الآن حول مغزى هذه الرسالة، التي وجهها أولئك النواب إلى حُكومة بلادهم، عن طريق وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، والتي قالوا فيها أيضًا «إن خطة وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لنقل سكان غزة قسرًا إلى مُخيم في رفح، تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وفرض حظر تجاري على مُستوطنات الضفة الغربية، وزيادة دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومنع تنفيذ خطة التهجير في رفح».
 
فهل تُعد مُطالبة النواب الـ59  تكفيرا عن الذنب، الذي ارتكبه أجدادهم عندما منحوا وطنًا (فلسطين) إلى الصهاينة الغاصبين، زورًا وبهتانًا وظلمًا، أم هي خدعة جديدة، من خدع البريطانيين، المعروفين بأنهم أهل مكر ودهاء وخُبث وتكبر وتعجرف، بُغية تنفيذ الضربة القاصمة بحق الفلسطينيين، وتدمير غزة وأهلها، وبالتالي تمرير التهجير، كما مرروه سابقًا في فلسطين أيضًا.
أقول خدعة، لأن أولئك جبنوا أو صمتوا لمُدة تُقارب العامين، أمام آلة البطش الإسرائيلية التي أبادت الآلاف من الفلسطينيين، جُلهم أطفال ونساء، ودمرت مُعظم البيوت السكنية، فضلًا عن المُستشفيات والمساجد والمدارس والجامعات.. نعم، خدعة فلا يُغرنك المُظاهرات التي يؤيدها هؤلاء النواب، على الرغم من أن مُتظاهريها تُرفع لهم القُبعة، فهؤلاء حركتهم إنسانيتهم وأخلاقهم، للتنديد بقتل شعب أعزل، وللتعبير عن الظُلم الذي يتعرض له الفلسطينيون.
وعودة إلى النقطة الأهم، والتي تتعلق بالتسعة والخمسين نائبًا، فعلى الرغم من أنهم لا يُشكلون سوى 9 بالمائة من مُجمل أعضاء مجلس العموم البريطاني، والتي يبلغ عديد أعضائه 650 عضوًا، إلا أنها تتضمن جانبين، أحدهما قد يكون إيجابيًا، والآخر سلبيًا، لا بل وأكثر من ذلك بالضرر والإسراف بالظُلم.
الجانب الأول (الإيجابي)، قد يكون أن ضمائر هؤلاء النواب استفاقت فجأة، ويحاولون التكفير عن ذنب اقترفه أجدادهم.. ولنفترض حُسن النية، بأنهم يشعرون بمرارة ما يمر به الفلسطينيون، إلا أن رسالتهم التي وجهوها إلى وزير خارجية بلادهم، تتضمن اعترافًا بدولة فلسطينية، لكنهم لم يحددوا حدودها أبدًا، بحيث تركوها «نكرة»، والأصوب أن تكون المُطالبة بدولة فلسطينية «مُعرفة»، وحدودها معروفة ومعلومة للجميع.
وإن كانوا على استحياء طالبوا بدولة، على صيغة «نكرة»، غير «مُعرفة»، إلا أنه وللأمانة والموضوعية فقد كانوا أكثر جُرأة، وكذلك صراحة، عندما طالبوا بضرورة منع خطة تهجير الغزيين إلى رفح.
أما الجانب الثاني (السلبي)، والذي احتمالية أن يكون «خدعة» كبير جدًا، فالخدع تُعتبر عادة عند الساسة البريطانيين، وهُنا نأمل ألا تمر، كما مرت من قبلها خدع ووعود، ضاعت بسببها أراض ومُقدسات، وفقدنا مئات الآلاف من الأرواح، وإن كان ذلك (الأمل) بات حُلمًا، ليس للفلسطيني فحسب، بل للعربي أيضًا.
ففي الوقت الذي تنتفض فيه شعوبًا حية، مؤمنة بالإنسانية، تلفظ الظلم والعدوان الإسرائيلي، نرى شوارعنا شبه ميتة.. وأخشى أن تكون الرسالة البريطانية خدعة جديدة!، وهُنا العرب مُطالبون بوقفة جادة حقيقية ضد ذلك، إذ يكفي ما اغتصب من أراض عربية، وفقدان مئات الآلاف من الأرواح، وتدمير البُنى تحتية، وجهل وفقر، فالغزيون حتى كتابة هذه السطور يُقدمون كُل يوم نحو مائة شهيد.