عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Oct-2020

من ذا الذي أبكى هذا اليتيم..؟*حسين الرواشدة

 الدستور

تكرر مصطلح اليتامى في القرآن الكريم نحو ثلاث وعشرين مرة، تارة في مجال الحث على الإحسان إليهم، وتارة لبيان حقوقهم النفسية والاجتماعية، وتارة أخرى لتوضيح حقوقهم المالية، وثمة إشارات قرآنية واضحة أيضاً تؤكد ان الشرائع كلها قبل الإسلام تضمنت هذه الحقوق، فقد أخذ الله على بني إسرائيل في الميثاق الإحسان لذوي القربى واليتامى، وفي قصة موسى والخضر عليهما السلام إشارة أخرى للغلامين اليتيمين وأبيهما الصالح، كما أن الله تعالى منّ على رسوله الكريم بنعمة المأوى من اليتم (ألم يجدك يتيماً فآوى) ودعاه الى إكرام اليتيم والرفق به (فأما اليتيم فلا تقهر) وساوى تعالى بين التكذيب بالدين ودعّ اليتيم، وجعل الوصية به من الوصايا العشرية الثابتة «ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن».
 
 وروى في الحديث أن رجلا شكى الى الرسول صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال: إن أردت أن يلين فامسح رأس اليتيم، وفي الصحيح قال عليه السلام «أنا وكافل اليتيم كهاتين» واشار بالسبابة والوسطى، وورد في الحديث «ان اليتيم اذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول الله تعالى لملائكته: من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب، فتقول الملائكة: ربنا أنت اعلم فيقول الله تعالى لملائكته: اشهدوا ان من أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة».
 
وفي مجمل الصور التي يقدمها القرآن الكريم «لليتيم»، وهي ليست معزولة عن سياقاتها الإنسانية، ثمة حرص على الإحسان اليه ومخالطته وتوفير ما يناسبه من مأوى وعدم المساس بحقوقه والإغداق عليه بالحب والحنان وضرورة إصلاحه وتحفيزه والاهتمام بأمنه النفسي والاجتماعي وعدم التعرض له بأي شكل من أشكال الإساءة والاهانة.
 
هذا هو موقف الدين من اليتامى، فماذا عن احوالهم في بلادنا العربية والإسلامية، وماذا عن «تديننا» المنقوص الذي لم يضع هؤلاء «الضعفاء» في مقدمة «أولوياته»، وماذا عن حكوماتنا التي قصرت تجاههم؟ وماذا عن الصور المخجلة التي تتردد في «الدور» التي أنشئت لإيوائهم؟
 
من المفارقات في بلادنا ان قصة مطربة مجهولة، او حادثة شجار عادية، او فضيحة رجل أعمال ثري، تستحوذ على اهتمامنا وعلى إعلامنا ايضاً أكثر بكثير من قصص مروعة لمئات الأيتام الذي يتعرضوا لأسوأ معاملة.
 
ومن المفارقات الغريبة أيضاً ان مئات الملايين التي ننفقها في اللهو والطرب، وأحياناً في أداء النوافل من قبل بعض المسلمين الموسرين، لا يخصص منها أي شيء لبناء دار للأيتام (أليست أولى من بناء مسجد) ولا يذهب منها إلا اقل القليل لكفالة يتيم؟.
 
دعونا نفكر في إطلاق حملة حقيقية «لكفالة» هؤلاء الأيتام.. وافسحوا المجال لمن يريد أن يتبناها.. أرجوكم لا تفوتوا هذه الفرصة: «امسح رأس يتيم».