عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Mar-2020

عنصرية فساد تطرف = فوز - تسفي برئيل

 

هآرتس
 
إن جهود اختراق الاسوار التي تحيط بقلعة بلفور تم صدها بواسطة الاحجار المقدسية السميكة والشظايا تناثرت بقوة وعادت الى من اطلقوها. فوز الليكود وبنيامين نتنياهو هو نتيجة سلوك، الخوف من الضربة القاضية وجموح لا يعرف الحدود. مئات آلاف الكلمات والشتائم والاكاذيب والسم كانت أدوات العمل الناجعة لناخبي نتنياهو، ولكنها لم تأت من فراغ.
الثقافة التي تطورت خلال عقد على الاقل والتي فيها تم صهر افكار فاشية وعنصرية، دينية وقومية متطرفة، ومسيحانية مجنونة، أوجدت مجتمعا متغطرسا ودولة لم توافق فقط على وضع شخص من المافيا على رأسها، بل هي تحارب ايضا من اجل أن يواصل ادارتها.
الشعب المختار لم ينجح فقط في أن ينبت في داخله بديل للقيادة وبديل لنظام عصابات، جزء من البديل الذي تقدم للانتخاب هو جزء يشبه بشكل كبير الليكود. ولا يقل عن ذلك اهمية ادراك ناخبي نتنياهو للمعنى الشامل للخسارة، التي تعني بالنسبة لهم تحطمه كطبقة حاكمة. في المقابل، لم يكن لناخبي ازرق ابيض ما يخسرونه في الحقيقة.
نتنياهو قام بدمج اسرائيل جيدا في الشرق الاوسط، الذي فيه الزعماء يحكمون حتى موتهم. ولكن ليس مثلما في كثير من الدول العربية، في اسرائيل لم تنشأ حركة احتجاج جماهيرية قالت كفى، وخرجت الى الشوارع وقضت الى الزواحف. واذا كانت هناك حاجة الى دليل ما فان الانتخابات الثالثة، التي هي مهزلة تم جر الجمهور اليها رغم أنفه، أوضحت مرة اخرى بأن الديمقراطية الاسرائيلية هي صورة ثلاثية الابعاد لا توجد في الواقع.
ولكن من وراء الكواليس تم وضع بطاقات تحمل حروفا مختلفة كليا التي كل واحد منها يمثل تيار وحركة فكرية، وكأنه حقا كانت هناك انتخابات تتعلق بالقيم والمعتقدات. في تردد اللحظة الاخيرة واحيانا بخوف كبير يتم انتخاب البطاقة المقدسة، التي فيها أمل بمجتمع أفضل وواقع اكثر جدارة، يتم وضعها في صندوق الأمنيات. ولكن “هذا مثل شراء بطاقة يانصيب”، قال أحد المصوتين الذي وقف في الطابور. “أنت تعرف بأنك لن تربح، ولكن هذا يستحق الحصول على بضع ساعات من الأمل”. مقولة مارك توين “لو كانت الانتخابات يمكنها أن تغير أي شيء حقا، لما كانوا سمحوا لنا باجرائها”، يمكن أن تزين صناديق الاقتراع لدينا.
لتنبيه يبدأ الآن فقط، وهو سيدور حول مسائل اجرائية وقانونية. هل بامكان رئيس الدولة القاء تشكيل الحكومة على شخص متهم بثلاث مخالفات؟ هل ستقرر المحكمة العليا الحسم في مسألة ستحدد هوية رئيس الحكومة أم سيتم دفع الالتماسات وتوجيهها نحو مقر الرئيس؟ وكم من التوصيات التي سيحصل عليها نتنياهو وماذا سيكون ثمنها السياسي والاقتصادي؟ والسؤال الرئيسي هو هل ستكون حكومة أم هل سنتوجه الى انتخابات رابعة؟ نسبة التصويت المرتفعة، ربما هي الاكثر ارتفاعا خلال عقود، حطمت التقدير الذي يقول إن الجمهور سئم من الانتخابات وأنه أصبح غير مهتم، أو أنه على الاقل سيعاقب مدير السيرك.
إن العكس هو الصحيح. فخدعة “الانتخابات المصيرية” و”الفرصة الاخيرة” و”القرار الذي لا جدال حوله”، كل ذلك فعل فعله. ولكن كيف يمكن حل التناقض بين الايمان العميق بعملية الديمقراطية والقوة التي توجد لدى الجمهور على تغيير الواقع البائس المحبوس فيه وبين الاستعداد للسماح لمن يشكل الخطر الاكبر على الديمقراطية بمواصلة ادارة الدولة؟ هذا التناقض لا توجد له اجابة. من الواضح فقط أن من نظم لنفسه انتخابات لثلاث مرات يدرك قدرته على خداع الجمهور وأنه يستطيع استخداع ألاعيبه في المرة الرابعة.
الآن يجب علينا الحذر الشديد من الشرك القادم، الذي بدأ يطلق الاضواء الملونة، الذي يسمى حكومة وحدة. رزمة الاكاذيب هذه هي عرض آخر من الاوهام التي يمكن أن تعد بالخير، لكنه سيقضي على الفرصة الوحيدة لاقامة نظام حكم نظيف وقيام معارضة. هذه الانتخابات جرت بدون معارضة حقيقية. الكثير من ناخبي ازرق ابيض وضعوا البطاقة مع ترديد الاعتذار والشرح، وهم يضعون اصبعين على الانف لاغلاقه. حكومة وحدة ستسرق من اصحاب هذه المقاعد حتى القليل من التفاؤل بأن انتخابات مستقبلية يمكن أن تجلب التغيير.