عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Apr-2025

ماذا «سيحدث» إذا.. تمَ إغلاق «قناة الحُرّة» الأميركيّة..؟؟*محمد خروب

 الراي 

تحت العنوان «أعلاه» ومنذ 23 آذار الماضي، واظبت الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني لقناة «البروباغندا» الأميركية الناطقة بالعربية والمُسمّاة (الحُرّة)، منذ انطلاقتها في العام/2004، نشرَ حوار «دعائي» بين «أركان» هذه القناة أقرب الى الرثاء، على نحو بدوا فيه وكأنهم «يُحرضون» الجمهور على الاحتجاج لدى إدارة ترامب، التي قررت إغلاق القناة وتسريح كوادرها.
 
لم يتوقف هؤلاء عن الزعم بأن القناة كانت «منبراً» مهما لترويج السياسات والمصالح والقِيم الأميركية (على ما كرّروا)، لكن ما حاولوا تسويقه كشف حقيقة الأهداف التي من أجلها تم إنشاء «الحُرَّة واخواتها»... محطات تلفزيونية وصُحف حملت أسماء متشابهة في أكثر من قُطر عربي، مباشرة بعد الغزو الأنجلوساكسوني للعراق في العام/2003، مُتزامِناً مع قناة أخرى حملت اسم «الحُرّة العراق»، دون إهمال إنطلاق «راديو سوا» الناطق بالعربية على (موجة FM).
 
هنا تحضر أقوال رهط من أركان ومسؤولي قناة الحُرَّة، الذين استضافهم أو قل «استدرَجهم» روبرت ساتلوف الذي يقوم على إعداد وتقديم البرنامج الحواري «داخل واشنطن» الذي يُعرَض أسبوعياً منذ عام/2005 على فضائية «الحُرَّة» بالعربية، والممولة من الحكومة الأميركية، التي تبث في مختلف أنحاء المطقة العربية. والمحظور عليها البث على الأراضي الأميركية. وساتلوف هو الوحيد «غير العربي» الذي يُقدم برنامجاً على فضائية ناطقة بالعربية. دون إهمال ولو للحظة واحدة أن «ساتلوف» يعمل مديراً تنفيذياً في معهد واشنطن منذ العام 1993 (وما ادراك ما الدور الخطير الذي ينهض به المعهد في خدمة المصالح والسياسات الصهيو ــ إسرائيلية). حيث يتولى ساتلوف إدارة فريقٍ كبير ومتميز «وبينهم عرب»، من الباحثين والخبراء في شؤون الشرق الأوسط والمُتخصصين في مجال السياسات.
 
ساتلوف أحد أكبر المتضررين من إغلاق «الحرّة»، وقد استضاف في برنامجه المُسمّى «داخل واشنطن» الذي يبث بـ"الإنكليزية» على قناة «الحرة»، السفير/رايان كروكر، رئيس مجلس إدارة شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ود. جيفري غُيدمن، الرئيس والمدير التنفيذي للشبكة، في حوار حول مستقبل قناة «الحُرَّة» وأهمية دورها الحيوي في المشهد الإعلامي العربي. طرحَ ساتلوف على كروكر سؤالاً: رايان، لماذا لدى الحكومة الأميركية وجود دولي في مجال البث، وجود يمتد منذ الحرب العالمية الثانية؟. أجاب كروكر: السبب في وجود البث الحكومي الأميركي، هو ذاته الآن كما كان في الأيام العصيبة خلال الحرب العالمية الثانية، عندما انطلق آنذاك أول بث لـ «صوت أميركا» من نيويورك. قيل حينها «سنُخبركم بالحقيقة. بعض الأيام ستكون الأخبار عن الحرب جيدة بالنسبة لنا، وبعض الأيام سيئة. لكننا سنُخبركم بالحقيقة».
 
نبرة دعائية أميركية فجّة ومُضلّلة كهذه، لم تغادر أجواء أسئلة وإجابات المشاركين في حوار أراد ثلاثتهم عبره، الإيحاء بان دور «الحرة » ألا يمكن الإستغناء عليه في المنطقة العربية، ولم ينسوا التذكير بأن الحرة «تساهم» في الحرب على التنظيمات الإرهابية «الإسلامية». إضافة إلى (مكافحة التضليل الإعلامي في وسائل الإعلام «الناطقة بالعربية» حول الولايات المتحدة وما كانت تفعله). على ما ثرثرَ السفير/كروكر. في حين قال جيفري غُدمن: نحن نريد أن نسلط الضوء على «القصة الأميركية». نحن أيضاً ـ تابعّ غُدمن ـ مُهتمون بالديمقراطية والتنمية. ونحن مهتمون بما تفعله دول مثل «إيران والصين وروسيا» عبر المنطقة. لذا أعتقد ـ أردفَ ـ أن الشبكة اليوم ما تزال «ذات صلة بشكل كبير، ولدينا مواهب رائعة تعمل لدينا».
 
لعل أكثر ما بثير الغضب حدود الاشمئزاز هو ما قاله كروكر/السفير الأميركي الأسبق في العراق بين عاميّ 2007 ـ 2009. زاعمِاً أنه طرح سؤالاً في ندوة حوارية في بغداد مفاده: هل يُمكن لأحد أن يُخبرَني ما الذي تُقدمه «قناة الحرّة» ولا تطرحه بقية وسائل الإعلام الحُرَّة المنتشرة في كل مكان؟. مُردفاً: وسائل الإعلام «الحرّة»... (لا تعني بالضرورة أن تكون «مسؤولة» أو «صادقة» أو «دقيقة» أو"موضوعية"). لكن قناة «الحرة» تابعَ بصلف محمول على كذب ومزاعم ـ تُمثل كل تلك القيم، هذه القناة ـ أضافَ في تضليل ـ أكّدت أنها تقول الحقيقة وتقدّم الأخبار بدقة. وقد أقنعوني بذلك. ذهبت إلى الأستوديو، وأجريتُ مقابلة بنفسي، وتعرضت لأسئلة صعبة كسفير أميركي. وما رأيته هناك ـ ختمَ ـ هو ما أراه اليوم أيضاً.. هذه المؤسسة موجودة لتقديم أعلى مبادئ الصحافة لـ"منطقة لا تتمتع كثيرًا بتلك المبادئ».
 
هذه هي الرطانة الأميركية التي تفوح منها رائحة التضليل والغطرسة، المحمولة على أكاذيب وشعارات مُزيّفة تفضحها آلة دعائية تقلب الحقائق وتروّج لثقافة الرجل الأبيض العنصرية، كما شهدناه في الحرب الباردة، وما كانت تبثه الإذاعات الأميركية الموجهة للاتحاد السوفياتي والدول الإشتراكية، ودائماً في دعم الكيان الصهيوني الاستعماري.
 
حسن فعلَ ترامب بوقف تمويل وبث هذه القناة، التي لم تكن حُرّة أو خدمت يوما ثقافة الحرية وقيمها النبيلة.