عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jul-2024

الشلبي تخط كتابا في "المشاركة الشعبية في بناء الدولة الأردنية"

 الغد-عزيزة علي

 يستعرض كتاب "المشاركة الشعبية في بناء الدولة الأردنية (1921-1946) للمؤلفة سهيلا سليمان الشلبي دراسة حول دور المشاركة الشعبية في بناء الدولة الأردنية خلال فترة الإمارة، مسلطا الضوء على إسهاماتها المتنوعة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والخدمية.
 
 
وجاء الكتاب الصادر عن مركز التوثيق الملكي الأردني، في ثلاثة فصول. إذ يتناول الفصل الأول المشاركة في المجال الاجتماعي، وضم التعليم ودور المخاتير وهيئات الاختيار والرقابة المجتمعية، أما الفصل الثاني، فتناول المشاركة في المجال الاقتصادي بأضلاعه الثلاثة الزراعة والتجارة والصناعة. فيما تناول الفصل الثالث المشاركة في مجال الخدمات، كالأوقاف والصحة، والأشغال "النافعة"، وتأسيس البلديات.
 
وزير الاتصال الحكومي، والناطق الرسمي للحكومة الأردنية، الدكتور مهند أحمد مبيضين، كتب تقديما للكتاب يشير فيه إلى أن مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي، يقدم من خلال هذا الكتاب للقارئ البحثي الاستقصائي المعنون بعنوان "المشاركة الشعبية في بناء الدولة الأردنية (1921-1946) وهو دراسة وثائقية، والتي قامت بإعداده الدكتورة سهيلا الشلبي، وهو باكورة معرفية، حيث تسلط فيها الضوء على حقبة مهمة في تاريخ الدولة الأردنية؛ إذ يتناول فترة تأسيس الإمارة في شرق الأردن في العام 1921، حتى بداية تحولها إلى مملكة العام 1946.
يشير مبيضين إلى أن الكتاب جاء بأسلوب علمي ومنهجية بحثية يعالج دور المشاركة الشعبية في بناء الدولة الأردنية خلال حقبة الإمارة (1921-1946)، والتي تمثل ناحية بارزة من تاريخ إمارة شرقي الأردن، لافتا إلى أنها حقبة لم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل الدراسات والأبحاث، على الرغم من الأثر الكبير الذي تركه هذا الدور؛ إذ ساهمت على نحو كبير في ترسيخ أسس هذه الدولة ورفع مستوى تقدمها لتكون نموذجا يحتذى به.
وعن إعداد هذا الكتاب يقول مبيضين: "تعد العملية الكتابية سبقا معرفيا في تاريخ الأردن الحديث؛ فدراسة المشاركة الشعبية وحيثياتها ليست مجرد سردية تاريخية، بل هي رحلة إلى فهم أعمق الكيفية وتشكيل القوى الشعبية وتأثيرها في بناء الدولة الأردنية. وعليه، فتقدم هذه الدراسة للقارئ المهتم مسارا تحليلا متقنا للحالة الاقتصادية في الأردن والأزمات التي مر بها وتاثيراتها، مستعرضة الطريقة التي تعاملت بها المملكة مع هذه التحديات".
وينوه مبيضين إلى أن الكتاب الذي جاء في ثلاثة فصول يتحدث عن المشاركة الشعبية في مجموعة متنوعة من القطاعات الحياتية، بما في ذلك التعليم والزراعة والتجارة والصناعة؛ إذ كشف عن مشاركة فعالة في مجال التعليم، ونشاط ملحوظ لمؤسسات المجتمع المدني، مثل المخاتير والهيئات الاختيارية، التي كانت وسيطا بين السلطات الرسمية والمواطنين، وقد أظهر نوعا خاصا من المشاركة الشعبية من خلال الرقابة المجتمعية؛ حيث رصد الظواهر السلبية في المجتمع وطرائق التصدي لها.
كما يتحدث الكتاب، وفق مبيضين، عن الاقتصاد والمشاركة في الزراعة وهي لها أهمية خاصة؛ إذ كانت تمثل الوسيلة الأساس لعيش معظم السكان، على الرغم من التحديات التي واجهتها هذه القطاعات. وفي مجال التجارة والصناعة، كانت المشاركة متواضعة نسبيا بسبب ضعف الخبرة وقلة الإمكانات التقنية والمادية والتدخل السياسي الذي منع تطوير اقتصاد منافس، ومع ذلك شهدنا جهودا لإقامة صناعات محلية خاصة بالمنتجات الزراعية المحلية.
وخلص مبيضين، إلى أن الدراسة تسلط الضوء على المشاركة الشعبية في توفير الخدمات، مثل الرعاية الصحية، حيث شملت مكافحة الأمراض وتوفير المياه النظيفة، إضافة إلى بناء البنية التحتية، مثل الطرق والجسور، والمساهمة في تأسيس البلديات وتعزيزها، مبينا أن الكتابة تحليلية في خاتمة الكتاب؛ حيث تشير إلى مجموعة من الأمور التي وردت في فصول الكتاب، فتظهر فيها جوانب مختلفة من الحياة في الأردن في تلك الفترة، موضحة أن فترة الإمارة في الأردن "1921-1946"، كانت متنوعة ومتميزة في طبيعتها وسماتها وشهدت مشاركة واسعة من الأردنيين في بناء دولتهم.
وتضيف أن الأردنيين وجدوا أنفسهم في مواجهة ظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية صعبة، ورغم رغبتهم في بناء دولة تلبي حاجاتهم فقد كان لتدخلات الدولة المنتدبة أثر سلبي، وعليه فقد تأثرت هذه المشاركة بالسياسات التي اتبعتها الدولة المنتدبة، التي لم تلب تطلعات الأردنيين، علاوة على ذلك فقد تميزت المشاركة بالرقابة المجتمعية والجهود الرامية نحو تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية؛ مما أسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية والاقتصادية في الدولة الناشئة.
وتقول المؤلفة الشلبي في مقدمتها للكتاب: "إن هذه الدراسة تهدف إلى التعريف بدور الأردنيين في بناء الدولة الأردنية الحديثة، وهو الدور الذي لم ينل القسط الوافي من الاهتمام والبحث بما يتناسب مع حجمه وحقيقته. علما بأن الكتابة في مثل هذا الموضوع الذي يحتوي على مادة فسيفسائية تشبه إلى حد بعيد ظروف البلد الذي نتحدث عنه وأشخاصه وأحداثه، لذا لابد من تفكيك هذه التركيبة للتمكن من إيفائها حقها في البحث، وإعادة تركيبها وفق ما يقتضيه البحث وغاياته، ومن ثم تحقيق الهدف منه في إبراز دور المشاركة الشعبية في جميع تفصيلاتها".
وتشير المؤلفة إلى أنها اعتمدت في هذه الدراسة على مجموعة من الوثائق المعاصرة لفترة الدراسة بوصفها مصدرا رئيسيا لمادتها، وهي وثائق المكتبة الوطنية، إضافة إلى وثائق مركز التوثيق الملكي الهاشمي، التي تضم وثائق الديوان الملكي ورئاسة الوزراء، وهناك صحيفة الشرق العربي والجريدة الرسمية، وسيعتمد عليها فيما يتعلق بالقوانين والتعليمات الصادرة عن الحكومة.
وعن أهمية هذه الوثائق تقول الشلبي: "تكمن أهميتها في "رصد نبض من أطلقت عليهم اسم (الأهلين)، أو الأهالي، وتسجيلها كثيرا من تفاصيلهم، كما تعتبر لسان حال العصر، وهي عبارة عن المراسلات والتقارير الرسمية التي كانت تجري بين السلطة المركزية وموظفيها، إضافة إلى التعليمات والقرارات الصادرة عنها إلى الأهالي، وعرائض ومراسلات أولئك الذين كانوا يشرحون فيها مطالبهم وحاجاتهم وعلاقاتهم مع الحكومة أو فيما بينهم كأفراد وفي الوقت نفسه، ترصد المنجزات والإخفاقات والتقصير ومن أسهم في ذلك كله، كما اعتمدت الدراسة على عدد من الصحف الأردنية والعربية، التي اغنتها بكثير من التفاصيل، التي لم تتوفر في الوثائق السابق ذكرها.
وذكرت المؤلفة أن السير الذاتية والمذكرات الشخصية رفدت الدراسة بجانب مهم من المعلومات، ولا سيما، أنها تتعلق بأشخاص عاصروا أحداث الفترة التي تناولتها، ومن ثم كتبوا عن مواقفهم وانطباعاتهم وتطورات الأحداث التي عاصروها من وجهة نظرهم.
ومن الأمثلة على هذه السير ما كتبه "عودة القسوس، وأوراق حسين الطراونة، وأوراق عرار، وأوراق محمد صبحي أبو غنيمة"، وغيرها، مشيرة إلى الوثائق البريطانية المتمثلة في المراسلات التي كانت تجري بين حكومة الدولة المنتدبة وساساتها ودبلوماسييها وعسكرييها في شرق الأردن، التي كانت في أغلبها تسجيلا تفصيليا لما يحدث في شرق الأردن، وكان يكتبها موظفوها من خلال تقارير شهرية تفصيلية، أو رسائل يومية وفقا لطبيعة الأحداث التي تشهدها، واعتمدت المؤلفة ايضا على بعض المراجع، خصوصا تلك التي تناولت بعض الشخصيات والأحداث، فوفرت لها مصدرا عوض جوانب النقص في المعلومات وأغنى الدراسة.
وخلصت الشلبي، إلى أن رغبتها في الكتابة عن هذا الموضوع قدر راودها منذ سنوات عديدة وذلك لشعورها أن جانب المشاركة الشعبية بقي مغفلا فيها رغم أهميته، ولشعورها أن هؤلاء الذين وضعوا بصمة من أجل بناء وطن من العدم- رغم الظروف المستحيلة. ورغم بساطة الأدوات، وضعف الإمكانات المادية والبشرية- يستحقون تسليط الضوء على هذه الجهد المبذول من قبلهم؛ فهو دين في أعناقنا تجاههم.