عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Oct-2025

أيتام غزة*م. هاشم نايل المجالي

 الدستور

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئاً  ) ، ما من مجتمعٍ إلا وفيه أيتام، وقد تدخلت دول وحكومات ومنظمات لحماية هؤلاء الأيتام، وعملت على حمايتهم من الضياع والتشرد والانحراف، فهم قد أصبحوا في لحظةٍ بلا مأوى في حالة الحروب، وإذا أُهملوا فإنهم سينشأون ونفوسهم مفعمة بالأحقاد والضغائن على مجتمعهم الذي شبّوا فيه، وقد أصبحوا مشرّدين مهانين، لا تعليم ولا مأوى ولا صحة ولا عمل ولا شيء، خاصةً إذا لم تمتدّ لهم يد الرحمة، ولم يجدوا من أبناء المجتمعات من يعطف عليهم ويشفق بهم.
 
ولا بدّ من بذل جهودٍ مضنية من كافة الحكومات والمجتمعات العربية الإسلامية لمدّ يد العون والمساعدة لأيتام أبناء غزة، لكسر أيضاً الحاجز النفسي بين اليتيم والمجتمع الذي يخرج إليه في عُمره وحين يكبر.
 
ولا ننسى أن الملاجئ ودور إيواء الأيتام، حيث يعيش غالبيتهم فيها، يعيشون في عزلةٍ عن العالم الخارجي، ويعتبرونها بمثابة السجون أو المعتقلات أو المعسكرات، فالطفل الذي يتربى وينشأ في ملجأٍ حتماً لا يمكن مساواته بطفلٍ عاش وتربى في بيتٍ وأسرةٍ.
 
فالعصفور الذي ينشأ في الأسر، حتى لو كان يعيش في قفصٍ من ذهب، لا يمكن مساواته بعصفورٍ آخر نشأ حراً طليقاً، ولك أن تجرّب بنفسك إخراج عصفورٍ من قفصه وإعطاءه حريته، فستجد أن ذلك العصفور يحتاج لوقتٍ حتى يتمكن من الطيران، وإن سقط على الأرض سيكون فريسةً سهلةً لقطٍّ أو غيره.
 
كذلك اليتيم الذي يعيش سنين في ملجأٍ أو دارٍ من دور الأيتام، فإنه إن ظلّ حبيساً وخرج إلى الدنيا التي حُرم منها، فسوف يجد عالماً آخر يختلف عن عالمه الذي عاش ونشأ فيه، وسيجد نفسه غريباً وحيداً في عالمٍ جديد، وسيجد نفسه عاجزاً عن كثيرٍ من الأشياء والأمور، حتى في التعامل مع بقية أبناء المجتمع، وسيشعر أنه يحتاج إلى فهم أمورٍ كثيرة كانت غائبةً عنه، وسيشعر بالغربة وعدم الألفة، الأمر الذي سيؤدي به إلى التقوقع والانطواء والعزلة، وربما سيصبح حادّ الطباع شرساً في تعاملاته مع الآخرين.
 
الإسلام علّق الأيتام برقاب أفراد أمة الإسلام، خاصة المقتدرين منهم، لينالوا الأجر والثواب لمن يكفل يتيماً، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن كافل اليتيم هو رفيقه في الجنة، كما أخبر صلى الله عليه وسلم أن كفالة اليتيم تعادل الجهاد في سبيل الله، ولقد حذر أيضاً من إهمال اليتيم أو الإساءة إليه أو الاعتداء على حقوقه، واعتبر ذلك من السبع الموبقات ومن الكبائر العظام.
 
أطفال غزة الأيتام، من يرعاهم، ومن يكفلهم، ومن يهتم بشؤونهم، ومن سيكون لهم أباً وأماً أو أخاً أو أختاً لينشأ نشأةً طبيعية تجعله فرداً صالحاً نقياً بلا أحقادٍ أو ضغائن، ومن سيرعى مشاعرهم وأحاسيسهم ويهتم بكافة أمورهم، ويصون حقوقهم ومصالحهم، ويحفظ لهم كرامتهم واستقرارهم وأمنهم وسلامتهم.
 
فهل سيكون هناك برنامج عربي مشترك لدعم هؤلاء اليتامى من أطفال غزة، ودعم الأسر التي ستتكفلهم ببرامج صحية وتعليمية وغيرها؟