عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-May-2020

السيادة على ماذا .. الضم أين؟ - دان شيفتن

 

إسرائيل هيوم
 
يتحدث الجميع عن السيادة والضم، مع وضد في ظل تجاهل حقيقة ان هناك امكانيتين مختلفتين جدا في معناهما وتأثيرهما على مستقبل إسرائيل: واحدة متواضعة نسبيا، واخرى ثورية في آثارها. “خطة القرن” للرئيس ترامب تسهل جدا السعي الى كليهما. ومرغوب فيه استخدام هذا الدعم كورقة مساومة، ولكن في التنفيذ يجدر التركيز على واحدة والاعتراف بالكلفة التاريخية التي لا تطاق للاخرى.
الامكانية الثورية تتعلق ببسط السيادة الاسرائيلية على كل البلدات القانونية التي أقامتها إسرائيل في يهودا والسامرة تمييزا لها عن البؤر الاستيطانية غير المسموح بها. في الخطة تطرح الامكانية في أن تكون كل هذه البلدات، بما فيها تلك المقامة في قلب المنطقة المخصصة للفلسطينيين، كجيوب سيادية لإسرائيل في البلدات نفسها. المعنى العملي لبسط السيادة وفقا لهذه الصيغة، هو ضم نحو مليونين ونصف فلسطيني لاسرائيل بشكل يعرض للخطر طابعها اليهودي والديمقراطي. حتى لو وجدت المعاذير القانونية والحجج الذكية لماذا لا يكون سكان الجيوب الفلسطينية في أرجاء الضفة الغربية لا يستحقون المواطنة الإسرائيلية ولا يسمح لهم بالانتخاب للكنيست، فكل هذه ستفشل في اقناع الجهة الوحيدة المقررة حقا: مواطني اسرائيل أنفسهم.
ان النواة الصلبة من النخب الأوروبية و”التقدمية” بصفتها هذه (بما في ذلك فروعها في إسرائيل) تتهم على أي حال إسرائيل للابرتهايد بكل الأحوال، وفقا لمعاييرها الطاهرة. فمع انها تركت القطاع قبل عقد ونصف، فان هؤلاء يدعون حتى اليوم بان إسرائيل مسؤولة عن مصير سكان غزة ويفترون وكأن هذا “حصار”، يتجاوز احتياجات صرفة للدفاع عن النفس. فهؤلاء لا يمكن اقناعهم، كونهم ينحصرون في ذواتهم أكثر مما يواجهون الواقع. هؤلاء يجدر دولة تحب الحياة أن تتجاهلهم. السؤال الحاسم هو كيف سيرى هذا الوضع التيار المركزي للجمهور الإسرائيلي. ليس اولئك الذين في اليمين، المستعدين لان يتحملوا المسؤولية عن مصير الفلسطينيين من اجل تحقيق حق الشعب اليهودي في بلاد إسرائيل الكاملة ومن أجل تعزيز الامن كما يرونه، بل وكذلك اولئك في اليسار ممن يرفضون كل تسوية لا ترضي الفلسطينيين ولا تتساوى فيها مكانة الكيانين السياسيين غربي النهر، واولئك الذين يحققون الرضى الذاتي من الاحساس بالذنب على “الاحتلال”.
من سيحسم هو أغلبية الإسرائيليين: اولئك الذين لا يريدون ان يحكموا ملايين الفلسطينيين رغم أن لهم صلة صحية لبلاد إسرائيل والاستيطان في ارجائها؛ اولئك الإسرائيليون المستعدون للحل الوسط التاريخي، رغم علمهم بالمخاطر الأمنية للخروج من معظم يهودا والسامرة، وان لم تكن لهم اي ثقة بالفلسطينيين. هؤلاء يؤيدون ترتيبات أمنية متشددة تمنع السيادة الكاملة عن الجيران العنيفين ورافضي كل الحلول الوسط كي لا يتمكنوا من تعريض إسرائيل للخطر. هؤلاء الإسرائيليون، ولا سيما ذاك القسم الذي يحمل الدولة على كتفيه، سيفهمون بسرعة بان مثل هذا الضم – السيادة على كل البلدات – يدخل ملايين الفلسطينيين الى ديارهم. وآجلا أم عاجلا سيصبحون مغتربين عن هذه السياسة. وعندما يكون هؤلاء مغتربون، فان إسرائيل لا تؤدي مهامها في داخل بيتها ولن تتمكن من مواجهة الضغوط المرتقبة من الخارج. من يعرف المجتمع الإسرائيلي، يعرف أن هذه ببساطة ليست سياسة قابلة للعيش. ومن يشكك يجدر به أن يتعلم الدروس طويلة المدى لحرب لبنان الأولى وان يتصور ميلا مشابها.
اما بسط السيادة الإسرائيلية في غور الأردن فهو مختلف جوهريا. فطائله، كلفته ومزاياه جدية بفحص مفصل في إطار آخر. ولكن المبدأ يمكن تشخيصه باختصار. يدور الحديث عن قاطع على طول نهر الأردن، السكان الدائمون الفلسطينيون فيه قليلون. يفصل القاطع بين التجمعات الفلسطينية في الضفة وبين اعداء إسرائيل العرب والإيرانيين، بشكل يمنع الفلسطينيين من أن يحولوا المنطقة التي تحت سيطرتهم الى فرع لهؤلاء الاعداء في قبل البلاد. لهذا السبب ستطالب على اي حال كل حكومة محتملة في إسرائيل بسيطرة إسرائيلية في هذا القاطع، بشكل يضمن ان تكون “الحدود الأمنية لإسرائيل هي نهر الأردن”. يحتمل خلاف على توقيت الخطوة وقلق، ولكن في السياق العام، وحيال الإمكانيات الاخرى، فان منفعتها واضحة واضرارها قابلة للاحتواء.