عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Apr-2019

شرفات عمّان..مفردات جمالية وذكريات حميمة

 

عمان - الدستور -خالد سامح - البيوت التي لاتمتلك شرفات أو مايعرف بـ»البلكونات» -وهي بالمناسبة جزء مهم من الثقافة العمرانية منذ القدم- لا تلفت عادة الأنظار، وفي حال هجرت فإن ملامح وعلامات الهجران تتوارى معظمها خلف نوافذها، وتوصد أبوابها على صور من سكونها وأصواتهم وضحكاتهم وحكاياهم وكل مالامسته أرواحم...( ألم يقل «فلاسفة الأمكنة» أن منازلنا صورة عنا!).. تلك ألأبواب أيضا تغلق على الأشباح المزعومة والأرواح الشريرة وغيرهما من خرافات وأساطير كنا نصدقها في طفولتنا، فنتوجس من كل بيت مهجور.
 
أما تلك التي تمتلك شرفات، فإن هجرانها فضيحة بادية المعالم، فلايمكن للبيوت العامرة أن تكون شرفاتها مهجورة.. كل عناصر الإهمال والهجر تختزلها الشرفة من تآكل الحواف إلى غياب أي أثر ليد تهتم بالنظافة وطبقات الغبار الكثيفة ..أي باختصار غياب تام لأثر الانسان وتوحش حر للزمن وتقلب حالات المناخ.
 
شرفات عمّان..نبض الحياة اليومية
 
غالبية بيوتات عمان القديمة ومقاهيها بوسط البلد لها شرفات مطلة على المشهد الخارجي، وكل مايحتمله من تغيرات وأحداث وصور وأصوات ونبض يومي للشارع والبيوت المقابلة، عبر تلك الشرفات تابع الناس حوادث مهمة عبّرت عن مراحل وحقب تاريخية ( مظاهرات حاشدة، زيارة زعماء دول، احتفالات بالمناسبات الوطنية والقومية، أعراس العائلة المالكة...الخ).
 
للشرفة أبعاد رومنسية أيضاً..فهل من مكان أنسب منها للسهر في حالة وجد آخر الليل تحت ضوء القمر الصيفي السخي بأضوائه وايحاءاته التي لاتنتهي!!.
 
من ينقذ شرفاتنا!
 
بعض تلك الشرفات تم ترميمها خلال السنوات القليلة الماضية، استثمرت في المقاهي الجديدة بوسط البلد وجبل عمان واللويبدة، تغيرت ملامح الكثير منها، وأضيفت اليها بعض العناصر المعمارية الحداثية..لكن في النهاية أعيد الاعتبار لدورها الاجتماعي والجمالي، الا أن غالبيتها مازال يعاني الاهمال المفزع وهي في حالة سيئة للغاية ..حتى أن العيون لاترتفع اليها ولاتكترث لوجودها، وقد رصدت الدستور بالصور نماذج منها.
 
جزء من المفردات الجمالية للمكان
 
عن أهمية الشرفات المنزلية ووظيفتها عمرانيا وجماليا،يقول الناقد والفنان التشكيلي خالد الحمزة :الشرفات تشكل علاقة بين داخل المبنى وخارجه، وعادة ما تكون في عمارات المدينة، تتميز بخروج محدود نفسيا عن داخل البيت والبقاء على صلة به، واطلاع على مجريات الشارع وأحداثه دون الانغماس فيها. وبعضها إطلالة على الطبيعة أو حديقة البيت توفر متنفسا لأهل المنزل. وللأسف لم تعد الشرفة تستعمل بكثرة في أيامنا وذلك لأسباب كثيرة منها التلوث الجوي والبصري والصوتي في الخارج، ولذلك نلحظ أن معظم الشرفات في مدننا مقفلة بسبب قلة استعمالها. وتعد بعض المقاهي لعمل تصميماتها وكأنها شرفات تعوض مرتاديها عنها في منازلهم. ولقد أصبحت الشرفة جزءا مهما من تصميم الاستراحات الصيفية في المناطق المفتوحة في الأردن، وذلك لاستعمالها معظم ساعات النهار والليل. 
 
كما قال الفنان اياد كنعان :الشرفات ماهي إلا جزء من تراث عمان المعماري الفريد المهدد بسبب الاهمال وعدم فعالية القوانين التي تحميه، وتابع :لا بد أن هاجس الحفاظ على التراث المعماري والثقافي يعتبر هاجسا عمانيا واردنيا بامتياز، خاصة لأولئك الذين يرتبطون بعلاقة عضوية وعاطفية مع مدينتهم ومفرداتها الجمالية والانسانية والحضارية من مبدعين ومثقفين وكتاب، وحتى مواطنين عاديين شاهدوا نمو مدينتهم واتساعها على حساب تفاصيلها الانسانية البسيطة، هذا الهاجس الذي يلتهم أرواح كل هؤلاء، ولا يخلو مجلس من مجالسهم من ذكره، مرده كل ما يشاهدونه من زوال تدريجي للمعالم المعمارية والتراثية البارزة لمدينتهم.
 
أغراض متعددة
 
البلكونة جزء أساس من أى بيت، والبلكونة لها دور أساس فى دخول ضوء الشمس الى المنزل، وكذلك تهوية المكان، فهذا هو الغرض الاساسي والرئيس لها، بالاضافة لأنه يتم تصميمها بأشكال هندسية جميلة لتضفي المزيد من الجمال الى الواجهة الاساسية للمبنى، ولكن أيضا يتم استخدامها فى العديد من الاغراض الاخرى، فيتم استخدامها كمكان للعب الاطفال، أو يتم عمل ديكور مميز باستخدام قطع الاثاث الاخرى كالكراسى والطاولات، وزراعة بعض نباتات الزينة لعمل ديكور مميز، حيث يمكنك الجلوس بها واحتساء الشاى أو تناول الافطار مع أفراد العائله، ولكن وللاسف هنالك الكثيرون ممن يسيئون استخدامها، حيث تركوها على حالها عرضة للغبار والاتربة وابتعدو عن الاستفادة منها.
 
البلكونات (الشرفات) قديمة وعرفتها الحضارات المختلفة، لكن الشكل الحديث منها دخل بلادنا عن طريق اوروبا، حيث استعان مؤسس الدولة المصرية الحديثة محمد علي بمهندسين اوروبيين، فانتشرت الشرفات بأشكال مختلفة من مصر الى باقي الوطن العربي.