عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Feb-2020

آبي وسلاح المُقاطعة الفتَّاك! - رمزي خوري

 

 الدستور- مُقابل 1000 دولار أمريكي قبلت الصحفية الأمريكية آبي مارتن الدعوة للتكلم عن ثقافة الإعلام ب»المؤتمر الدولي السابع لثقافة الإعلام الناقد» الذي كان سيُقام بجامعة جنوب جورجيا في 28 و29 فبراير بمدينة سافانا. لن تتكلم آبي في المُؤتمر بل ولن يُعقَد المؤتمر وهناك من يتمنّى لو عُرض عليها 999 دولارا فقط.
تفاجأت الصحفية الشابة بالطلب منها توقيع تعهُّد تلتزم فيه بعدم المُشاركة بنشاطات تهدف لمُقاطَعة «دولة إسرائيل» كشرط للسماح لها بأن تتحدث بالمؤتمر، حسب القانون. طبعاً، حسب الدستور الأمريكي، يحِّق لآبي أن تُقاطع ولاية جورجيا ومؤسساتها علناً كحق أساسي من حُقوقها المدنية، حرية التعبير، ويحِّق لها مُقاطعة أي دولة في العالم أكانت صديقة أم لا.
ولكن حسب قانون أُقِّر بالعام 2016، تُمنَع كافة مؤسسات الولاية تشغيل أي شخص بمبلغ 1000 دولار أو أكثر اذا كان يُقاطِع اسرائيل أو يدعم فعاليات تهدف لمُقاطعتها. عليه، تقوم المُؤسسات العامة، كهذه الجامعة، بإجبار المُتعاملين معها توقيع تعهد لا يُمكن أن يُعتبر إلا إعلان ولاء إجباري لدولة أجنبية. المنطق يحتم بأن أعدادا مهولة من المتعهدين والمعلمين والعمال وغيرهم وقَّعوا على هذا التعهد ليستطيعوا تمرير أشغالهم. الفكرة هي أن «الدولار بالجيب» أهم للعُموم من فقدان حق دستوري يتعلق بموقف من دولة ما بل وأهم من حقوق الشعب الفلسطيني المُنَكَّل به ودمه المهدور. يا ترى كم أمريكيا من أصول فلسطينية وعربية وقَّع على هذه الورقة من أجل لُقمة العيش؟
رَفضَت آبي اسقاط حقَّها الدستوري بالمُقاطَعَة، وهي من المُدافعين عن القضية الفلسطينية والمُناصِرة لحركة المقاطعة (BDS)، فقامت الجامعة بإلغاء مشاركتها بالمؤتمر لتقوم آبي برفع دعوى قضائية على ولاية جورجيا تهدف لإلغاء هذا القانون غير الدستوري.
أما الجامعة فقررت إلغاء المؤتمر الذي عُقد ست مرات بالسابق بدون ذكر الأسباب للآن. لو كُنت مُنحطًّا إنسانياً وأخلاقياً مثل مُناصري دولة الأبارثايد لنَصَحت الجامعة بإلغاء هذا المؤتمر الذي يهدف، حسب أدبياته، «لنشر ثقافة الإعلام الناقد من أجل تحقيق الديمقراطية.» بعد قضية آبي كان المُؤتمر سيتحوَّل لمنصة هامة من أجل حرية الرأي وحقوق المواطن الدستورية وأهمية المُقاطَعة للنضال ضد أنظمة الأبارثايد ومن أجل حقوق الإنسان. بل وسيكون من المُخجل لمُعظم الصحافيين المدعوين للتَكلُّم في المؤتمر الذي «يُطَنطِن» لأهمية الإعلام الناقد لكل خاطئ وخطيئة أن يُوقِّعوا على التعهد، وقد يُصبِح المتحدثون الوحيدون في المؤتمر هم الناطقون الرسميون لدولة الأبارثايد بما فيهم جماعة دونالد ترمب وجاريد كوشنير.
يوجد اليوم قوانين نافذة تمنع مساندة BDS بشكل أو آخر ب29 ولاية أمريكية بما في ذلك قوانين تمنع مقاطعة المستوطنات الاسرائيلية ب16 ولاية. قوانين مماثلة تم طرحها ب11 ولاية تنتظر التصويت. ليست آبي الوحيدة التي قررت مُحاربة القانون قضائياً لحماية حقوق شعبها الدستورية وتثقيف عموم الشعب بحقوقهم المهدورة من أجل عيون «اسرائيل» بل هناك العديد من الشرفاء وأنصار الحرية يعملون لهذا الهدف في العديد من الولايات.
هل لديكم شك بأن BDS هي سلاحنا الفتاك؟ لا شك لدى الكيان وأنصاره بذلك وإلا لما ذهبوا لإجراءات غير دستورية تسلب الشعب الأمريكي حقوقه وتقضي على ديمقراطيته وكأنما هو فلسطيني. لا بدَّ أن ينقم الشعب الأمريكي على دولة الأبارثايد آجلاً أم عاجلاً وهو الذي يصرف على «إسرائيل» الغالي والنفيس وبالمُقابل لم تعد حقوقه في مأمن من بطشها. وطبعاً البركة بآبي وأمثالها لتوعية الأمريكي بحقوقه المكتسبة وبكارثية فقدانها من أجل عيون الغدارة التي لا ترحَم أحد.