27 عاماً على «أُوسلو».. أين كنا وأين أصبحنا؟*محمد خروب
الراي
على الذين وقّعوا أخطر (اقرأ أسوأ) اتفاق مع عدو عنصري إستيطاني كولونيالي عرفته البشرية أقلّه في القرن العشرين, التدقيق جيداً في ما قارفت أياديهم وما باتت عليه قضية الشعب الفلسطيني, الآخذة في التراجع على نحو مُبرمَج ومقصود بذاته ولذاته. بعد أن منح «موقّعو» اوسلو الذريعة (لمن لا يحتاج الى ذريعة) للمُضي قُدما في التهام ما تبقىّ من فلسطين, تحت دعاوى وخزعبلات مُؤسطرة, تتكىء على الخرافة والروايات المزيفة.
سوّق علينا أصحاب أُوسلوا روايات وحكايات مُخترَعة لا سند لها على ارض الواقع, وحاولوا الإيحاء بأنهم يقِظون وجاهزون لمُقارعة العدو على طاولة المفاوضات, وأن «حقّاً» واحدا من حقوق الشعب الفلسطيني لن يضيع, وأنهم للرواية الصهيونية بالمرصاد. وذهبوا يُطلقون التصريحات العنترية, بل خرجوا علينا في صوت واحد, كما «الجوقة» الموسيقية ليُفاخروا بأنهم «أجبروا» العدو على تطبيق «حق العودة» (كما زعموا) عبر عودة اكثر من «ربع مليون» فلسطيني الى الضفة الغربية وغزة, في كسرٍعملي لـِ«اللاءات» الصهيونية المعروفة, التي تقول:لا حق عودة الفلسطينين, وأن أصحاب الحق في العودة, هم «كل يهود العالم», وما عدا ذلك سراب وأحلام ليالي الصيف.
نخبة «العائدين» انخرطوا في لعبة العدو الدوارة التي تسمى «المفاوضات», وظنوا لفرط سذاجتهم وتبنّيهم نظرية الفهلوة السياسية المعروفة عربياً وخصوصاً فلسطينياً, ان إطلاق المزيد من التصريحات العنترية وتنظيم المظاهرات المليونية والتلويح بالعودة الى الإنتفاضات الجماهيرية كفيلة بـ"دَب» الرعب في قلب العدو, وإجباره التزام «بنود اوسلو» على هشاشتها وسذاجتها وامتلائها غير المحدود بالثقوب والفِخاخ, التي نجح العدو مُمثّلاً في دهاقنة المفاوضين وخبراء السياسة ورجال القانون الدولي وغيرهم من الإختصاصيين, الذين رُسم لكل منهم دوره وهامش مناوراته, ولم تحتكر رئيس حكومة أو رئيس وفد أو طاقم مفاوضات الحقيقة, أو سُمح له بالتنطّع لدور ليس له, كما كانت حال «رجال اوسلو»...صغيرهم والكبير سواء.
سبعة وعشرون عاماً لم يكن سرطان الاستيطان والسياسات العنصرية الصهيونية قد وصلت ذروتها, على النحو الذي هي عليه الان في القدس خصوصاً وباقي الضفة المحتلة. وما يزال رجالات «اوسلو» يُمنّون النفس بأن يستعيد «المجتمع الدولي» عافيته ويقظته وينهض من سباته الطويل, ليهتف في وجه المشروع الصهيوني..كفى, تحت طائلة «العقوبات» والنبذ والعزلة, على الطريقة الجنوب افريقية كخيار أخير واجب التطبيق.
ليس ثمة فرصة تبقّت لمواصلة رجالات اوسلو «احلامهم» الطوباويّة الساذجة, في «إحياء» اتفاق شبِع موتاً وانكر العدو شرعيته ولم يَعُد يعترف به, وبات يطرح معادلة تعكس موازين القوى تقول:«السلام مُقابل السلام», وغير ذلك أوهام وأحلام يقظة.
هذا ما جناه علينا «اوسلو» ورهط الذين فاوضوا عليه، وما يجري الآن لا يعدو كونه نِتاج اوسلو وتداعياته الكارثية لا أكثر ولا أقل, مهما تنوعّت التحليلات ومهما ارتفع عالياً الصراخ وراية شعار «يا وَحدَنا».