عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Sep-2023

قانون الجرائم الإلكترونية بين التطبيق وضرورة المراجعة*د. أشرف الراعي

 الغد

دخل قانون الجرائم الإلكترونية الأردني حيز التنفيذ بعد مرور 30 يوماً على نشره في الجريدة الرسمية، وبعد جدل واسع مجتمعياً أحاط بثناياه، وبتفاصيله؛ فانكب القانونيون على شرحه وتفسيره، منهم من اختلف معه ومنهم من اتفق. منهم من عارضه ومنهم من أيده. وقد كنت شخصياً ممن أيدوه؛ فالقانون – من وجهة نظري – لا يتعارض بالمطلق مع حرية التعبير عن الرأي المكفولة دستوراً وقانوناً، لا بل تكفلها الشرائع السماوية والدينية والعهود والمواثيق والمعاهدات الدولية والتي بعد أن صادق الأردن عليها أصبحت جزءاً من التشريع الوطني، وهو أمر أشارت له قرارات محكمة التمييز الأردنية الموقرة، والمحكمة الدستورية الموقرة.
 
 
فالفارق بين حرية الرأي والتعبير وارتكاب الأفعال المجرمة، فارق واضح وبيّن؛ ذلك أن تجريم أفعال الذم والقدح والتحقير وإشاعة الأخبار الكاذبة المنصوص عليها في القانون وبين ممارسة الصحافيين والإعلاميين والمواطنين حقوقهم في التعبير عن آرائهم يفصله ما يسمى "النقد للمصلحة العامة"، والذي يجب أن يكون محكوماً بجملة من الضوابط، وأبرزها أن تكون الواقعة التي تم انتقادها صحيحة، وأن يكون النقد قصد صيغ في عبارات ملائمة، وأن يكون النقد مفيداً اجتماعياً، وأن لا يتعدى واقعة النقد إلى الظروف والعلاقات والأمور الشخصية.
 
وعلى أية حال، فهذا القانون وإن كان قد أصاب في العديد من الجوانب، إلا أنه كأي قانون آخر، له إيجابياته وسلبياته؛ فأما الإيجابيات فتتمثل في النص بشكل واضح على العديد من الأفعال المجرمة، ومن أبرزها الابتزاز، وإشاعة الأخبار الكاذبة، واغتيال الشخصية، وترويج الأسلحة والذخائر عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تجريم أفعال التسول والاحتيال الإلكتروني وتشديد العقوبات في بعض المواقع التي يمكن أن تؤثر بصورة مباشرة على المجتمع، لا سيما وأن إحصائيات وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام تشير إلى أن عدد الجرائم  الإلكترونية تضاعف منذ العام 2015 وحتى اليوم لأكثر من 6 مرات وهو رقم كبير جداً ويحتاج إلى تدقيق في الدوافع والأسباب التي أدت إلى هذا التزايد المرعب لهذه الجرائم.
 
لكن من الضروري اليوم، ليس فقط تطبيق القانون، بل مراجعته بشكل مستمر – على الأقل كل عامين – نظراً للتطورات الهائلة التي يشهدها القطاع التقني ولأن التشريع لا بد وأن يكون مواكباً لهذا التقدم، فضلاً عن ضرورة مراجعة التعريفات القانونية للمفاهيم الواردة ضمن ثنايا النصوص القانونية وتضمينها في المادة الثانية منه، لأن هذه المراجعة ستضمن تطبيقاً أفضل للقانون وعدم الخروج على نصوصه، ومواكبة التطورات التقنية.
 
وبذلك سوف نتجاوز التزايد "المقلق" في الجرائم الإلكترونية كما حدث بالنسبة لتطبيق القانون الملغى رقم 27 لسنة 2015 والذي استمر تطبيقه لنحو 8 سنوات من دون إعادة نظر حتى ارتفعت حدة الجرائم الإلكترونية على النحو الذي أشرنا له في أعلاه، مع ضرورة أن تترافق هذه التعديلات مع كامل المنظومة التشريعية الناظمة لحرية الرأي والتعبير بما فيها قانون المطبوعات والنشر وقانون نقابة الصحفيين وغيرها من القوانين التي تتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة في العمل الصحافي والإعلامي؛ والتي يصل عددها في المملكة إلى نحو 30 قانوناً.