عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Sep-2025

نشوة الاغتيال*خولة كامل الكردي

 الغد

ربما أجزم أن الكيان الصهيوني الوحيد في هذا العالم، الذي يعتبر نهج الاغتيال من علامات النصر والتفوق على الخصم وحسم المعركة لصالحه، فمنذ نشأته تبنى سياسة قتل الزعماء والقادة المؤثرين خاصة في حركات التحرر الفلسطيني كوسيلة لتحقيق أهدافه. وأصبحت إستراتيجية يعتمدها في جميع حروبه سعياً للوصول إلى مكتسبات داخلية وخارجية وهمية، وأضحت تلك السياسة جلية بعد حرب العام 67.
 
 
مما لا شك فيه أن سياسة الاغتيالات لن تأتي بالأمن للكيان المحتل الإسرائيلي، لكن الخضوع للقوانين الدولية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف واحترام تطلعاته مثل كل شعوب الأرض هو الطريق الأمثل نحو «السلام المنشود»، لكن ومنذ عام 1948 من القرن المنصرم حتى القرن الجديد، لم تتغير سياسة دولة الاحتلال الإسرائيلي ولو قيد أنملة، بل تتشدق بعقلية الانتقام وتجاوز الخطوط الحمراء بصورة شاذة ولا يوجد رادع يلجم هذه الدولة المختلقة، والتي وكأن بها قد أصابها الجنون تضرب في كل مكان وفي أي وقت، والإدارة الأميركية تساندها وبشكل مطلق وتبرر ممارساتها الهمجية، فمحاولة اغتيال الوفد المفاوض الفلسطيني في العاصمة القطرية الدوحة، يشي بتصعيد خطير في المنطقة العربية بل في الشرق الأوسط ككل.
إن من الحماقة بمكان ضرب عاصمة عربية ليست بحالة حرب مع الكيان الصهيوني، فلا يعرف العالم إلى أين تأخذ حكومة نتنياهو المتطرفة والمنفلتة من عقالها المنطقة برمتها؟! حكومة لديها رئيس وزراء يقامر باستقرار المنطقة والعالم، يعتقد نفسه (ملك) لدولة الكيان الإسرائيلي المحتل، فقد لا يتبادر إلى معرفة العديد من المطلعين على الصراع في فلسطين المحتلة، أن المتشددين من اليهود (الحريديم) يلقبون بنيامين نتنياهو بالملك، وهذا أضاف زخماً لحربه الهستيرية على قطاع غزة، ويظهر بشكل واضح في ممارسات حكومته المتهورة تجاه دولة ترعى وساطة مفاوضات وقف إطلاق النار، وقد تعمد ذلك ليقضي على أي بصيص أمل لإنهاء الحرب، ليحقق حلم إسرائيل الكبرى!
هذه حكومة تعتاش وتتنفس على إدامة الحرب والخراب والتدمير في غزة، وتصر وبكل سفاقة على إنهاء الوجود الفلسطيني في كل الأرض الفلسطينية لتعبد الطريق نحو عملية تهجير واسعة للشعب الفلسطيني ولن ينجو منها أحد إذا لم يقف هذا الكيان عند حده، 
وسيكون لذلك تبعات كبيرة وغير مسبوقة على المنطقة العربية والمجتمع الدولي، وتضع على كاهل دول الطوق العربية مسؤولية تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه ومنع الكيان المحتل من تحقيق هدفه المعلن في تهجير الشعب الفلسطيني في غزة، وغرضه الواضح في فتح باب تهجير أهل الضفة الغربية أيضاً، ويدعم ذلك ما تمارسه قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية من تضييق على الفلسطينيين في معيشتهم وتعليمهم، ومن اعتقالات يومية في حق الشباب والنساء والأطفال، وتوفير حماية أمنية للمستوطنين الذين يقومون باعتداءات متواصلة ومنتظمة على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، وقد تؤدي إلى انفجار الأوضاع بصورة لا يمكن السيطرة عليها وستغرق «إسرائيل» في بحر من المقاومة الشعبية القوية لا يمكن إخمادها، بالتوازي مع ارتفاع وتيرة تدنيس المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك، والمضي قدما في مخطط تهجير الشعب الفلسطيني، الذي رسم خطوطه العريضة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش 
وبتصديق من حكومة نتنياهو.
الكيان المحتل الإسرائيلي يسير نحو طريق اللاعودة، للوصول إلى الحالة الصفرية مع الجانب الفلسطيني، فالمنطقة تقف على صفيح ساخن من وحي ممارسات دولة انحرفت عن المعايير والقوانين الدولية منذ عقود، دولة لا تعير اهتماما لأي قيم ومبادئ فقدت عقلها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.