عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Mar-2020

“بومة منيرفا” للعُماني سيف الرحبي.. نصوص تتحدى الظلام

 

عمان -الغد-  استمد الشاعر العُماني سيف الرحبي عنوان كتابه من الفكرة الهيغلية التي تقول “إن البومة لا تحلق إلا في الظلام”، هكذا هو دور الفكر والفلسفة في عصور الظلام التي تمرُّ بالأمم أو الشعوب. تحلق الأفكار وحيدة فتحاصرها الغربة، وربما رُجمت بتهمة الإبصار في العتمة. ثم لا بدَّ أن يُنتهك العقل ويزدرى الضمير، فيصيح الصائحون: أخرجوا الفلاسفة من أرضكم إنهم أناسٌ يُفكّرون.
ومزج المؤلف في كتابه الذي جاء في مائتين وست وعشرين صفحة من القطع المتوسط، وقائع تجربته الشخصية بما هو ابتلاء عام يستوي أمامه أن تكون عُمانياً، أو يمنياً، أو عراقياً، أو شامياً، أو مصرياً، أو مغربياً؛ فهي قضية واحدة وهموم مشتركة يعانيها أبناء هذه الأمة من محيطها إلى خليجها.
يقول الرحبي في إحدى فقرات الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في عمّان: “مسميات الأماكن تختلف من بلد عربي إلى آخر، لكن وجوه الضحايا وفحوى المجزرة واحد، المجزرة في وجوهها ومعانيها المختلفة، من المعنى المادي المباشر الذي يعني جزْر، وتشريد الآلاف والملايين، في صحارى العري الراشح بالموت الجماعي، والأخاديد التي فتحتها الطبيعة الأزليّة بخضمّ الرمال المتحولة، إلى المعاني الرمزيّة، والأخلاقيّة الروحيّة التي قُبرتْ قبل دخول الضحايا المثوى الأخير في مقابرهم الجماعيّة، والفرديّة”.
وقد جاء أسلوب الكاتب هادئاً وقادراً على ضبط نفسه أمام مشهد الأزمة؛ تتدفّق لغته لكنها لا تنفعل، وإذا غضبت لم تجلد الذات. لذلك مُكّن من أن يقول أشياء كثيرة في هذا الكتاب؛ فالعمل في أساسه عمل أدبي، تحدّثَ الرحبي في الجزء الأول منه عن رحلاته إلى المغرب وبريطانيا وفرنسا، فاسترسل واستطرد، وتنقل بين الجغرافيا والفلسفة والذكريات، بأسلوب شيق، ولغة جميلة، وتماسك بين أفكاره جميعها.
أما الجزء الثاني فخصّصه لمجموعة من مقالاته التي كُتبت لتكون افتتاحيات لمجلة “نزوى”، التي يقوم على رئاسة تحريرها. وفي هذه المقالات مارس استطراداته كذلك، وتنقل بين قضايا كثيرة لامست في معظمها شؤون الربيع العربي، وثوراته، وبلدانه، وذكريات الكاتب في سورية ولبنان وغيرهما من البلدان العربية. وتطرق إلى الإرهاب فناقشه بحصافة وسعة أفق، وتحدّث عن مظاهر الحياة في المجتمعات الخليجية مبدياً سخطه على كثير من سمات الحياة المعاصرة في هذه المجتمعات.
هناك أفكار كثيرة في الكتاب، ولعله إضافة إلى واقعنا المعاصر الذي قلّ أن يناقشه أحد بمثل هذا الانفتاح والبعد عن الانحيازات.
يذكر أن الشاعر سيف الرحبي صدر له: نورسة الجنون، شعر (1981)، الجبل الأخضر، شعر (1981)، أجراس القطيعة، شعر (1984)، رأس المسافر، شعر (1986)، مدية واحدة لا تكفي لذبح عصفور، شعر (1988)، رجل من الربع الخالي، شعر (1994)، ذاكرة الشتات، مقالات (1991)، منازل الخطوة الأولى، سيرة المكان والطفولة (1993)، جبال، شعر (1996)، معجم الجحيم، مختارات شعرية (1996)، يد في آخر العالم، شعر (1998)، حوار الأمكنة والوجوه، مقالات (1999)، الجندي الذي رأى الطائر في نومه، شعر (2000)، قوس قُزح الصحراء، تأملات في الجفاف واللاجدوى (2002)، مقبرة السلالة (2003)، الصيد في الظلام (2004)، أرق الصحراء، قطارات بولاق الدكرور، من بحر العرب إلى بحر الصين: سألقي التحيّة على قراصنةٍ ينتظرون الإعصار، نشيد الأعمى، حياة على عجل، رسائل في الشوق والفراغ، حيث السحرة ينادون بعضهم بأسماء مستعارة، نسور لقمان الحكيم، حوارات حول الكتابة والحياة، زمن الرمة والحروب العبثية، شجرة الفرصاد “في سيرة المكان والطفولة”، صالة استقبال الضواري، رحلات وأسفار (2019).
قُدمت حول الشاعر كتبٌ وأطروحاتٌ تتعلق بأعماله المختلفة، كما تُرجمت مختارات من أعماله الأدبية إلى العديد من اللغات.