عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Mar-2019

»فرح الفراشة« للسماعنة: حديث متعب بين جذور الكلمات
الرأي - ريم العفيف
 
صدرت حديثا رواية فرح الفراشة للكاتب د.محمد السماعنة، وتتحدث الرواية عن الفرحة المسروقة من عيون جيل النكسة وعن الحياة التي يحاول الاحتلال إخفاء معالمها، ويمتد السرد في الرواية حتى يصل بين جزئي وطن ورقصات فرحة توزعت على مشاهد درامية من حياة طفل من إحدى قرى نابلس وحارة من حارات الزرقاء.
 
وجاءت الرواية على شكل قفزات زمانية مبتورة من عمرها، أو مقتطفات من رحلة حياة كانت مليئة بالمفاجآت صنع فيها الطفل الذي تصدر جلسة السرد ما يحلو له من حياة، فتنقل بهدوء ورقة وأناقة بين المتسحسل والمتسلق والمتشعبط وعنوانات كثيرة مقتطفة من عمره ليظن القارئ أنه أمام سيرة ذاتية في أحيان أو أمام رواية متقطعة الأوصال أو أمام روايات يومية متدحرجة من الفعل الطريف والحدث الندي والمواقف الرقيقة، ومع أن الرواية لا تتحدث عن حرب الأيام الستة إلا أنها تؤرخ لها فتفصل بين مرحلتين: مرحلة ما قبل النكسة ومرحلة ما بعدها،وقد يتفاجأ القارئ من النزعة التجريبية العميقة في الرواية فهي لا تعتمد التسلسل الزمني، ولا تعتمد التسلسل الموضوعي وإنما تتمسك بخيط من العلاقات الدافئة بين أجزائها أساسه الطفل المشاكس الذي يبحث في بين دفتي كتاب عمره، ويبحث عن كل فرحة أو رقصة قلب أو أهزوجة روح كانت ستنبت زيتونا وزعترا في حضن قريته، فهي لا تبدأ كما تبدأ الروايات، ولا تسير كما تسير الروايات ولا تتحدث كما تتحدث الروايات، لأن ما تعرض له هذا الطفل لا يخضع لقانون أو لنظام أو لمبدأ وإنما يخضع لمنطق القوة وشريعة الغاب التي تحكم من غيرنظام وتسير فيها الحياة من غير أسس ثابتة غير أساس البقاء ومحاولة البقاء على قيد الحياة أطول مدة ممكنة. وقد ترك الكاتب للطفل الملتصق بذاكرته أن يتحدث عن طفولته المتحركة الراقصة المغرية بلغته وأنفاسه وحروفه فلم يسمح الكاتب لأكاديميته ولا لما أورثته النكسة في روحه من أعباء ثقيلة من القلق والحزن والفقد أن تسيطر على لغة الرواية واختار الكاتب أن يكون الفرح المسروق محورا ليوميات بطل الرواية فهو يحمل البطل من فرح إلى فرح ويتنقل بالمتلقي بين بسمة وبسمة حتى إذا ظن القارئ أن الفرح استولى على الرواية، أيقظه الكاتب بحديث متعب بين جذور الكلمات.
 
يذكر أن هذه الرواية هي الرابعة للسماعنة بعد «برائحة الانتظار» و«سعد السعود» و«أحلم وغيلان».