ماذا في جعبة الكونغرس «الجمهوري».. بعد «تسّلم» ترامب؟*محمد خروب
الراي
يُجيب موقع الـ«مونيتور» الإخباري الأميركي على هذا السؤال, حيث ما يزال «فوز» ترامب يُقلق الكثيرين في العالم, وبخاصة في منطقتنا العربية, التي ما تزال تعاني من تداعيات وآثار سياساته الطائشة والعدوانية, في رئاسته الأولى 2016 ـ 2020, وإنحيازه الصارخ لمشروعات العدو الصهيوني التوسعية والعنصرية, وخصوصا انخراطه في صفقة القرن المشؤومة, ودائما في ازدرائه القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان, والمواثيق والاتفاقات التي «وقعّتْ» عليها واشنطن نفسها, بل وانتهاجه سياسة العقوبات الاقتصادية والمالية والدبلوماسية, وصولا الى الغز? العسكري او الضربات الجوية والبحرية, ضد دول وأنطمة وتنظيمات «وأفراد», يرفضون الخضوع للإملاءات الأميركية.
الموقع الأميركي قال في تقرير مُطول له نُشره اول أمس, سلَّط فيه الضوء على «تركيبة» الكونغرس بمجلسيه.. النواب والشيوخ, حيث «باتا» في قبضة الجمهوريين, على نحو يُنذِرــ وفق المونيتورــ بحدوث تغييرات «جذرية» في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. ويشمل ذلك ـ تابعَ التقرير ــ إلغاء تمويل وكالة الأونروا، معاقبة المحكمة الجنائية الدولية، وتقديم الدعم العسكري «الفوري» لإسرائيل «دون أي شروط». في الوقت ــ لفتَ تقرير المونيتور ــ الذي واجهتْ فيه مشاريع القوانين التي تهدف إلى قطع المساعدات عن الفلسطينيين, وتسريع ?بيعات الأسلحة إلى إسرائيل, «مُعارضة» من الديمقراطيين، فإنها «قد تُصبح قانونًا بسهولة الآن», مع سيطرة الجمهوريين على السلطة.
وإذ مضى الموقع الأميركي الإضاءة على الخطوة التالية/المُتوقعة, من قبل الكونغرس, حيث قد يُشكل الإنهاء «الدائم» لتمويل الأونروا, جزءًا من عملية أكبر لـ«وقف تمويل الأمم المتحدة» من قبل واشنطن, التي يسيطر عليها الجمهوريون، فيما أبدى ترامب استعدادًا للانخراط في هذا الاتجاه, من خلال تعيين النائب الجمهورية «إليز ستيفانيك», مندوبة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، حيث كانت دعتْ إلى «إعادة تقييم شاملة للتمويل الأميركي للأمم المتحدة». فإنه/الموقع أشار, الى ان الكونغرس في ظل التوافق, بين الديمقراطيين والجمهوريين بشأ? هذه القضايا، من المُتوقع أن يتَّجِه إلى «معاقبة» المحكمة الجنائية الدولية على مذكرات الاعتقال التي أصدرتها بحق نتنياهو وغالانت.
ناهيك ــ يختم المونيتور تقريره ــ أن الجمهوريين «عارَضوا بشدة» وقفَ بايدن لشحن القنابل التي تزن 2000 رطل إلى إسرائيل، إذ كانت إدارة بايدن «حذّرتْ» من أنها قد تكون «مُدمرة للغاية» في البيئات الحضرية المُكتظة بالسكان في غزة. ومن المُرجّح ــ أردفَ التقرير ــ أن يضغط معظمهم على إدارة ترامب, لإرسال هذه الشحنة «فورًاً إلى نتنياهو».
ثمة ما يبعث على التشاؤم في ما يتم بثّه, من توقعات وتسريبات وبالونات اختبار, تصدر عن الدوائر الصهيوأميركية, ليس فقط في ظل مناخات دولية مأزومة وحروب إبادة وأزمات مُتنقلة شاركت فيها إدارة بايدن الراحلة, بحماسة وعدوانية وإنحياز فظ الى جانب الدولة الاستعمارية العنصرية, وهناك في واشنطن مَن يُطالب الرئيس الصهيوني بايدن بـ«العفو» عن الرئيس المُنتخَب ترامب, كـ«فرصة بايدن الأخيرة», لـ«صقلِ إرثه الثقيل», على ما جاء في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية اول أمس. لافتة الى ان خلال خطاب تنصيبه، وعدَ الرئيس بايدن ببذل «روحه ب?لكامل» «لتوحيد أميركا». لكنه فشِل في الوفاء بهذا الوعد، واتهم الجمهوريين بدلا من ذلك بدعم «جيم كرو»، وقارنَهم بجورج والاس، وبول كونور، وجيفرسون ديفيس، وأعلن قبل الانتخابات مباشرة أن «القمامة الوحيدة التي أراها تطفو هناك هي أنصار ترامب». لكن بايدن ــ أضافت ــ لديه فرصة أخيرة, للوفاء بوعده الافتتاحي قبل أن يترك منصبه، ويُمكنه القيام بذلك من خلال عمل بسيط... «العفو عن دونالد ترامب».
ولكن في حين ــ تابعتْ ـ أن ترامب قد لا يحتاج إلى عفو بايدن، فإن أميركا تحتاج إليه. فقبل أكثر من عام في هذا المجال، اقترحنا أن بايدن يجب أن يعفو عن ترامب قبل انتخابات عام 2024. لقد زعمنا أن الحد الأقصى لإدارة الرئيس الحالي, لتوجيه الاتهام إلى المرشح الرئيسي للحزب المُعارِض, يجب أن يكون مُرتفعا بشكل غير عادي، وأظهرت استطلاعات الرأي آنذاك أن معظم الأميركيين, يعتقدون أن الاتهامات كانت بدوافع سياسية. كما أن استمرار محاكمة ترامب لن يؤدي إلى الانقسام فحسب، بل إنه سيُؤدي إلى «تآكل الثقة العامة في نظامنا القضائي وم?دأ العدالة المتساوية أمام القانون».
يجب على بايدن أن يُصدر عفواً شاملا عن ترامب ــ ختمتْ الصحيفة ــ وسيُتيح هذا الإجراء لبايدن الفرصة لصقل إرثه الثقيل. فقد أشرفَ على واحدة من أسوأ الكوارث في السياسة الخارجية في تاريخ الولايات المتحدة «في أفغانستان»، وانتشار الحرب على قارتين، وأسوأ تضخم في 40 عاما، وأسوأ أزمة حدودية في زمن السلم في تاريخ البلاد. وفشله في التنحّي في وقت سابق من ولايته, جعل حزبه عُرضة للفشل في صناديق الاقتراع هذا الشهر. ونتيجة لذلك، سيُغادر البيت الأبيض, كـ«واحد من أكثر الرؤساء (غير شعبية) منذ الحرب العالمية الثانية».
** لاحظوا ان لا ذِكر لحرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع والتدمير, ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة... في «كل» ما قيل أعلاه.