عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Apr-2025

خروج حماس من غــزة*إسماعيل الشريف

 الدستور

الأغبياء والحمقى لا يصدّقون ما تراه أعينهم، يرفضون الاقتناع بالواقع، وكلما حاولت إقناعهم ازدادوا حمقًا وغباءً.   غمكين كردستاني.
يكتب البعض ويتعاطف مع المظاهرات التي تطالب بخروج حماس من غزة، بزعم أن ذلك كفيل بإيقاف الإبادة الجماعية. وفي المقابل، يواصل نتن ياهو إصراره على تنفيذ خطط التطهير العرقي في غزة، مؤكدًا أن خطته تسير على ما يرام، وأنه بات على مشارف المرحلة الأخيرة منها.
ويتبجّح قائلاً: «ستلقي حماس سلاحها، وسيغادر قادتها غزة، وسنحتلها ونفرض الأمن فيها. سنمضي في تنفيذ خطة ترامب لتهجير سكانها تهجيرًا طوعيًا، ولن نسمح لهم بالعودة إليها أبدًا. هذه هي خطتنا، لا نخجل منها ولا نخفيها، ومستعدون لمناقشتها مع أيّ كان!»
إن زعم نتن ياهو بأن ترحيل أهالي غزة سيكون «طوعيًا» ليس سوى كذبة فاضحة. فقد شاهدنا قبل أيام صور رفح وهي مدمّرة بالكامل، بعد أن جرى استهدافها بشكل ممنهج، وتحويلها إلى مكان غير صالح للحياة. ثم يزعم بعد ذلك أنه سيسمح لأهلها بالهجرة الطوعية!
منذ بداية الإبادة الجماعية، والصهاينة يروّجون هذه الرواية الكاذبة. فالتحدث عن تجويع الناس، ومحاصرتهم، وتدمير كل مقومات الحياة، ثم الادعاء بأنهم سيُمنحون خيار الهجرة «طوعًا»، لا يختلف إطلاقًا عن إجبارهم على ترك أوطانهم تحت تهديد السلاح.
يُعلن الرئيس ترامب أن تهجير أهالي غزة سيكون «طوعيًا»، ولكن كيف يكون طوعيًا وهو يمارس الضغوط على دول الطوق لاستقبال المهجّرين؟ وشاهدنا كيف تطايرت جثث الأطفال تحت القنابل الأمريكية. إن تصريحاته واضحة ولا تحتمل التأويل، فقد أعلن صراحة أنه سيتم إخلاء القطاع من سكانه الفلسطينيين، ولن يُسمح لهم بالعودة، ما يعني عمليًا أن الغزيين يُجبرون على الرحيل دون خيار.
ويريد نتن ياهو تنفيذ هذه الخطة حرفيًا؛ وهذه ليست مجرد جريمة أخلاقية، بل تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وخصوصًا لاتفاقيات جنيف التي تحظر النقل القسري للسكان، وتجرّم السياسات الرامية إلى تغيير التركيبة السكانية في المناطق الواقعة تحت الاحتلال.
ويُعلن عضو الكنيست عن حزب الليكود، الذي يتزعمه نتن ياهو، أميت هاليفي، أن الخطة تقوم على «احتلال الأرض لتطهيرها من العدو»، مضيفًا أن «إسرائيل» بحاجة إلى العودة إلى غزة بشكل دائم والسيطرة عليها، لأنها ـ بحسب زعمه ـ جزء من «وطنهم».
ويُقرّ وزير الدفاع المجرم، إسرائيل كاتز، دون مواربة، قائلاً: «يجب أن نتعامل مع البنية التحتية الإرهابية في الضفة الغربية كما في غزة». وهذا ما يُطبَّق فعليًا في الضفة، من خلال تشريد عشرات الآلاف وهدم البيوت، لا لمحاربة حماس كما يُزعم، بل لطرد الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا، لأن هذا هو الهدف الحقيقي للمشروع الصهيوني.
وهل تريدون وضوحًا أكثر من هذا بشأن أهداف الحرب؟ فعندما يدافع البعض عن المظاهرات التي تطالب برحيل حماس، فكأنهم يقولون: لا مانع لدينا من التخلّص من جميع أهالي غزة! اطردوهم، اقتلوهم، ودَعوا الكيان يحتلّها، ليحوّلها إلى «ريفيرا الشرق الأوسط»، بينما يظلّ من نجا من المجزرة من سكانها الأصليين مبعثرين في أصقاع الأرض، يحملون جوازات سفرٍ كُتب عليها: «صالحة للسفر إلى جميع دول العالم، باستثناء أرض الأحرار، ريفيرا الشرق الأوسط!»
ثم تأتي الصحافة الغربية، والأقلام العربية المأجورة، ومغيّبو العقول، وشيوخ الباطل، لمهاجمة حماس وإدانتها على تصديها لهذه المظاهرات، مردّدين: «انظروا إلى هذه الاحتجاجات، إنها دليل على أن شعب غزة يريد التحرر من حماس!»
وفي الوقت ذاته، يتجاهلون الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من عام ونصف، ويتعمّدون التعتيم على جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان في غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية.
وإذا كان الأمر يتعلق حقًا بـ»تحرير» الغزيين من حكم حماس، فلماذا يستغلّ الكيان الصهيوني هذا الادعاء لقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية، التي تخضع لحكم السلطة الفلسطينية؟!
ما يجري هو إبادة جماعية، بغضّ النظر عن وجود حماس من عدمه. تمامًا كما يزعم نتن ياهو أن هدف الحرب هو إطلاق سراح المحتجزين، في حين يواصل قتلهم بلا تردد.