عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Nov-2025

"أطياف من السرد الأردني" للناقد محمد عطية.. قراءة تحليلية

 الغد-عزيزة علي

 صدر ضمن سلسلة "فكر ومعرفة"، عن وزارة الثقافة كتاب جديد للناقد محمد عطية بعنوان "أطياف من السرد الأردني (مقاربات في نصوص معاصرة)".
يشكّل هذا الكتاب رحلة نقدية تتنقّل بين أروقة الإبداع الأردني، كاشفًا ملامح تنوعه وتجدده في الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جدًا. بقراءة عميقة تنفذ إلى جوهر النص وتفكّك بنيته.
 
 
يقدّم الكاتب رؤى نقدية تجمع بين الحسّ الجمالي والدراسة التحليلية، ليضيء عبرها مشهدًا سرديًا زاخرًا بالحيوية والتجريب، يعكس حضور الأدب الأردني في المشهد الثقافي العربي.
كتب مقدمة الكتاب الناقد المصري شوقي بدر يوسف، مشيرًا إلى أن السرد الأردني المعاصر يمثل رافدًا مهمًا من روافد الإبداع العربي، بما يقدّمه من نصوص حداثية في القصة والرواية والسيرة الذاتية، وبما ترافق معه من دراسات نقدية وأكاديمية أسهمت في وضع هذا المشهد في مساره الصحيح شكلًا ومضمونًا. 
كما يرى أن البيئة الثقافية الأردنية، بما تمتلكه من خصوصية إبداعية، استطاعت أن تفرض حضورها في المشهد الثقافي العربي عبر ما تنشره الدوريات الأدبية والثقافية المتخصصة وغيرها.
تناول هذا المشهد عدد كبير من الكتّاب في الأردن عبر دراسات تنظيرية وتطبيقية، كلٌّ وفق رؤيته وجهده الخلّاق في قراءة ما يطرحه الأدب الأردني من نصوص داخل المملكة وخارجها. ومن أبرز هؤلاء النقاد – مع حفظ الألقاب.
إبراهيم السعافين، إبراهيم الفيومي، إحسان عباس، أمينة العدوان، بلال كمال رشيد، حسن عليان، حسين جمعة، خالد الكركي، خليل الشيخ، رامي أبو شهاب، رزان إبراهيم، سامح الرواشدة، شاكر النابلسي، شكري عزيز الماضي، عبد الرحمن ياغي، عبد الله رضوان، غسان عبد الخالق، فخري صالح، زياد أبو لبن، محمد المشايخ، محمد شاهين، محمد عبيد الله، محمود السمرة، منى مخيلان، نبيل حداد، نزيه أبو نضال، هاشم ياغي، هيا صالح، يوسف بكار، وغيرهم من كبار النقاد الأردنيين الذين شكّلوا بجانبهم النقدي الموازي رافدًا أساسيًا لإبداع الرواية والقصة والسرد الأردني.
كما يزخر المشهد الإبداعي الأردني بمساهمات نقدية لكتّاب من خارج المملكة، قدّموا قراءات واهتمامات خاصة بالإبداع الأردني، وبذلوا جهدًا في متابعة ما يصدر عنه من أعمال أدبية متنوعة في اتجاهاتها ومضامينها.
فهذه الأطياف المنبثقة من السرد الأردني المعاصر، التي تناولها الكاتب بالتحليل والمقاربة، تجسّد رؤى نقدية خاصة وجهدًا قائمًا على قراءات متعمقة لروايات ونماذج من القصة القصيرة لكتّاب من الأردن الشقيق. وقد بذل الناقد محمد عطية محمود في ذلك جهدًا مميزًا يعكس خبرته النقدية والإبداعية الراسخة في الساحة الأدبية العربية.
وسعى الكاتب من خلال هذا الطرح إلى التوغل في النص الأدبي، مستكشفًا تنوعاته البنيوية وما يطرحه من قضايا واقعية، ودور المخيلة في بناء الأحداث والشخصيات، وما ينطوي عليه من أبعاد تمس الواقع المعيش والمتخيل السردي المرتبط به.
وفي مجال الرواية، تناول الكاتب أعمال عدد من المبدعين الأردنيين، منهم: صبحي فحماوي في روايته "صديقتي اليهودية"، وهزاع البراري في "أعالي الخوف"، وسميحة خريس في "فستق عبيد"، وبشرى أبو شرار في "العربة الرمادية"، وجميلة عمايرة في "بين الأبيض والأسود".
وفي مجال القصة القصيرة، تناول الكاتب مجموعة منها:  "كمستير"، للقاص جعفر العقيلي، "أنفاس مكتومة"، للقاص والناقد د. زياد أبو لبن، "حرائق الحلم"، للقاصة انتصار عباس، "الرجوع الأخير"، للكاتبة مجدولين أبو الرب.
كما توقف عند مشهد القصة القصيرة جدًا من خلال مجموعة "أحلام ممنوعة"، لـ محمد رمضان الجبور، وتجربة القاص سمير أحمد الشريف في "مسافات"، مسلطًا الضوء على تنوع مشهد النصوص المكثفة وما تحمله من دلالات مركزة تُوصل الفكرة بأقل الكلمات وأقصر الطرق.
وفي هذا الأفق النقدي، قدّم الكاتب رؤيته الخاصة تجاه الأعمال المنتخبة من السرد الأردني المعاصر؛ إذ تناول رواية "صديقتي اليهودية"، لـ صبحي فحماوي من خلال إشكالية الآخر وتعدد صوره، وما تثيره من جدل في العلاقات الإنسانية المتشابكة. كما تناول رواية "أعالي الخوف"، لـ هزاع البراري من زاوية هيمنة السرد الذاتي وهاجس الوجود، مبرزًا تداخل الذات مع الشخوص الرئيسة، وتجلّي البعد النفسي في علاقتها بالمكان، وما تولّده من توتر وصراع داخلي ينعكس في بناء البطل ومسار الأحداث.
في رواية "فستق عبيد"، لـ سميحة خريس، يقارب المؤلف العمل من زاوية الوعي الأنثوي المرتكز على تجربة الكاتبة، والممتد على خط درامي موازٍ لمنحنيات تاريخية تتقاطع فيها العوامل النفسية والاجتماعية. ويبرز في الرواية حضور البوليفونية (تعدد الأصوات) في بنائها السردي، بما يعكس توترات الحالة الإنسانية القائمة على ثنائية الاغتصاب والاستعلاء، وتحولات الشخصية المستبدة في صراعها الداخلي المستمر.
أما في رواية "العربة الرمادية"، لـ بشرى أبو شرار، فيرتكز السرد على عنصر الزمن، الذي تتوقف عنده الساردة لتغوص في أعماق حكايتها. تشكل العربة الرمادية أيقونة العمل ومركزه الرمزي، حيث تتحول إلى معادل موضوعي للفقد والحنين، وإلى كيان إنساني نابض يعكس الحالة النفسية للساردة.
في مجال القصة القصيرة، وجّه الكاتب قراءته نحو هذا الفن المراوغ، باحثًا في المجموعات المختارة عن تنوع الثيمات ومسارات التخييل السردي. ففي مجموعة "كمستير"، لـ جعفر العقيلي، ركّز على لعبة التخييل والكتابة من الداخل، موضحًا كيف تُقحم التجربة ذاتها في نسيج النص لتصبح جزءًا من عملية السرد والتخيل معًا.