عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Dec-2020

الموت لعام 2020*فايز الفايز

 الراي

في عالم الزواحف يذكرون الأفعى التي تعيش على افتراس ضحاياها بعد صيدهم بحركة عنيفة سريعة، ولكن عندما ترى أن قتلها بات محققاً وتحاصر دون انفكاك فإنها تقوم بعض جسمها بحركة تسميم راجعة لتموت انتحاراً، هذا العام الذي مرّ علينا بأمرّ من المُرّ، كان شبيها بالأفعى التي وصلت نهايتها فقد بات الوباء أفعى تحكم قبضتها على رقاب الكثير من الناس والأحبة والأطباء، ويهدد حياة آخرين، ولا مناص من الموت الذي خلقه الله قاهرا للعباد ولكن ما نراه لا يمكن وصفه إلا بحكم إعدام إلهي لأجل مسمى.
 
ما جرى ولا زال جارياً من فقد للناس، يستدعي البكاء لا الضحك، ويتطلب التنازل من جميع الشخصيات التي لا تزال ترى أن عمرها سيتعدى الأرقام القياسية لمعدلات الأعمار وهم يكنزون الأموال خوفاً عليها، ويقررون الإنزواء بعيداً عن المشاركة في التخفيف عن المواطنين الذين لم يعودوا يجدون قوت يومهم، وهناك آلاف المرضى الذين يحتاجون علاجاً لهم ولا يستطيعون، ومهما صدر من قرارات تبريرية تعنى بالتخفيف من آثار الجائحة لن تكون كافية لأن يعود الوضع لما سبق قبل عام من اليوم.
 
في العالم غير العربي هناك مبادرات تجعلنا نخجل من أنفسنا وتثبت بأننا غير كرماء ولا زال المال والمصالح هي ديدن عيشنا، ولا زلنا نتنافس على المناصب لجوع مزمن لحب الظهور والسيطرة، يقابله بيئة فاضحة كشفت هشاشة وضعنا الذي عشنا سنين نتنغى به، وكيف أن قطاعنا الصحي العام لم يستطع الوفاء باستيعاب حالات المرضى العاديين فضلاً عن المواجهة الصحيحة ومعالجة التدهور رغم إنفاق مليارات الدنانير طيلة السنوات الماضية على مشاريع لم يستفد المواطن منها بشيء.
 
من المؤكد أن الكلمة التي حطمت الأرقام القياسية في أفواه البشر عندنا وفي العالم هي كورونا، وهو كائن غير حي أخضع رقاب البشر بقدرة الله تعالى لتغيير كل أنماط العيش حول العالم، فلا حرب ولا قتال ولا جيوش، كل ما هنالك آثار غير مرئية تودي بحياة البشر، فهو أمر اختص بالإنسان دون الحيوان، ومع هذا لا نجد كثيرا من الناس يعتبرون، فرأينا كيف تحدث الجرائم البشعة دون رحمة، وكيف لا يزال البعض يستغل المصيبة للخروج منها بحصاد وفير من المال والمكتسبات. لقد بدأ العد التنازلي لرحيل عام 2020 الذي سيسجله التاريخ بعام الرعب، وهذا يجب أن يؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي مع الوضع الداخلي سياسيا واقتصاديا لكيلا تزداد الفجوة أكثر وأكثر، يجب أن يتنازل الكبار قليلاً للصغار، يجب أن لا تتضخم ثروات المشاهير على حساب فقر العصافير التي لاتجد حبة قمح على بيادر المصالح، يجب أن يبدأ عامنا القادم إذا أحيانا الله، بالتفكير جديا لإعادة بناء القطاع العام على أسس خدماتية عالية السوية، وتعود وزارة «الإنشاء والتعمير» لتقوم بتنفيذ العطاءات العامة التي تستنزف الخزينة لصالح متنفذين.
 
اقتربت نهاية العام، وبإذن الله ستقترب نهاية محنة هذا الوباء، وحتى ذلك الوقت يجب إشاعة الأمل بالله أولا وبث روح الإيجابية والصدق من المسؤولين للعمل على إنقاذ معاشات الناس وحماية استقرارهم النفسي والاجتماعي، كي لا يتحولوا إلى مشاريع مهاجرين.