هآرتس
معضلة كبيرة تواجه الاستخبارات والحكومة في اسرائيل. هل حماس ما تزال معنية بالتسوية أم أنها قررت التنازل عنها؟ هل حماس تسمح بإطلاق الصواريخ والبالونات المتفجرة من اجل الضغط على اسرائيل أم هي فقط تعبر بواسطتها عن مواقفها من خطة السلام الاميركية؟.
إن تخمين مواقف حماس تحول الى رياضة سياسية غير منفصلة بالطبع عن الحدث الكبير الذي سيجري بعد شهر تقريبا، الانتخابات للكنيست للمرة الثالثة. ولكن هل هناك من يعرف أن يخمن ما هي مواقف رئيس الحكومة من حماس؟ هل الحكومة نفسها تريد تسوية أم أنها تبتعد عنها بشكل متعمد؟ وطرح مسألة غزة وكأنها مرتبطة فقط بقرار حماس ونشاطات الجيش الاسرائيلي فقط تأتي كرد على افعال حماس، لا تنقل لحماس بسهولة فقط الاحتكار على الاشتعال في منطقة الجنوب، بل هي تعرض الحكومة وكأنها معنية جدا بالتسوية، ولكن كيف يمكن تطبيقها طالما أن البالونات المتفجرة تتطاير أمام اعينها وصافرات الانذار تحبس آلاف الاشخاص في الاماكن المحمية والملاجئ؟.
يبدو أنه نسيت ذريعة خلق مفهوم التسوية. التسوية ولدت من خلال مصلحة اسرائيل وغزة المشتركة للامتناع عن مواجهة عسكرية، وتهدئة الحدود وتمكين الطرفين من الحياة المعقولة. اسرائيل لا تريد (كما يبدو) أن تجد نفسها في عملية عسكرية واسعة، ليس فقط عشية الانتخابات، بل بشكل عام. وحماس تريد تحسين موقفها كحاكم وحيد في غزة يمكنه ادارة المنطقة التي يسيطر عليها كما يشاء.
التسوية اذا حدثت لن تضعضع ميزان الرعب الذي يميز شبكة العلاقات بين اسرائيل وحماس. ووسيلة السيطرة الاسرائيلية على معابر القطاع ستستمر في تهديد غزة. والتعلق الاقتصادي لغزة بإسرائيل سيستمر وقدرة الرد العسكري لإسرائيل لن تتبخر بسبب التسوية. النقاش العقيم في مسألة هل التسوية هي دليل على ضعف اسرائيل أو استسلام حماس هو مجد فقط من الناحية السياسية. أي أن من هو مع التسوية لا يسمح للجيش الاسرائيلي بالانتصار، لذلك يتم وصمه باليسارية. وكأنه بدون تسوية ستظهر اسرائيل اكثر قوة أو أن حماس ستعرض نفسها مثل بطلة على هذه الدولة العسكرية العظمى.
وبمجرد استعداد اسرائيل للسماح لقطر بادخال الاموال الى القطاع اوضحت بأنها مستعدة حتى لاجراء مفاوضات، حتى لو كانت غير مباشرة، مع حماس والسماح لها بالبقاء كسلطة وعنوان للمسؤولية تجاهها. بالضبط نفس الاصوات اليمين التي ترفض خطة ترامب، يجب عليها تأييد التسوية لأنها تضمن استمرار الانقسام بين غزة والضفة. وبذلك، عدم امكانية تطبيق الخطة.
اسرائيل تقيم مع السلطة الفلسطينية علاقات تشبه بدرجة كبيرة التسوية. وكثير من الاسرائيليين قتلوا في العمليات الانتحاريين وخلايا فلسطينية في الضفة أكثر بكثير مما حدث في هجمات من غزة. وحسب تقارير رئيس الشباك، نداف ارغمان، في كانون الثاني 2019 تم احباط 560 عملية مصدرها في الضفة اضافة الى عشرات العمليات التي تم تنفيذها، وهذه لا تتضمن 1500 حادثة لرشق الحجارة.
ورغم ذلك، اسرائيل لا تقوم بمعاقبة السلطة ولا تقصف اهدافا في الضفة. العقوبات التي فرضتها اسرائيل على السلطة كانت على خلفية الدفعات التي تحولها السلطة لعائلات المخربين. التناقض هو أن اسرائيل تطلب من حماس أن تكون “أكثر طهارة” من السلطة الفلسطينية في كل ما يتعلق بالعمليات، في الوقت الذي هي مستعدة فيه لأن تستوعب أكثر عنف مصدره في الضفة مما هو في غزة.
اسرائيل لا تصنع معروفا لحماس عندما تكون مستعدة للتوصل معها الى تسوية. فهي بحاجة اليها بشكل ليس أقل، بل ربما أكثر من حماس. وكلما أجلت ترسيخ التسوية فهي تعمل على تبكير حدوث “عملية أم العمليات”. وحماس غير ملزمة بالانتظار حتى موعد الانتخابات.