عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Apr-2019

الغواصات الألمانیة لمصر - عاموس غلبوع
معاریف
 
ینبغي ادخال بعض التوازن الى القضیة المعروفة باسم ”الغواصات الألمانیة لمصر“. ولعلمي وفھمي، أمامنا إحدى قصص ألف لیلة ولیلة الساحرة. وھذه ھي الروایة الأخیرة للقصة. غواصتان اولیان اشترتھما مصر من الالمان في بدایة العقد الحالي كانتا ”قدیمتین“، نموذج عادي. الكل عندنا عرفوا بالصفقة. عارضنا البیع، ولكننا وافقنا علیھ في النھایة.
عندما طلب المصریون مع منتصف العقد شراء غواصتین المانیتین أخریین، عارض وزیر الدفاع ذلك بشدة، مثلما فعل كل رؤساء جھاز الأمن. لماذا؟ لان ھذه المرة كان الحدیث یدور عن غواصات متطورة، ”استراتیجیة“. أدوات حربیة تعرض للخطر التفوق النوعي لسلاح البحریة عندنا. غواصات تمس بشدة بأمن إسرائیل.
ولكن عندھا أعطى رئیس الوزراء موافقتھ للالمان لبیع السلاح ”الاستراتیجي“ ھذا لمصر، دون أن یعرف قادة جھاز الامن عندنا بذلك. فلماذا فعل ذلك؟ ھناك من یصرخ بان ھذا فساد، بل وخیانة، ومن الواجب التحقیق.
إذن ھاكم بضع ملاحظات على ھذه القصة في روایتھا الأخیرة، الحالیة. الأولى والأكثر جوھریة وأھمیة ھي أنھ لا یوجد أي فرق بین الغواصتین اللتین اشتراھما المصریون من الالمان في بدایة العقد وبین الغواصتین اللتین اشتروھما في منتصف العقد. والقصة وكأن الأولیین كانتا عادیتین والاخریان كانتا متطورتین ھي ھراء ینبع من الجھل أو النیة المبیتة او كلاھما معا.
كل الغواصات الأربعة التي اشتراھا المصریون تنتمي الى نموذج الغواصات الألمانیة للتصدیر من طراز 209/1400 .ھذا ھو النموذج الأكثر حداثة، الذي یوجد أیضا لدى تركیا (ثماني غواصات)، إسرائیل ودول عدیدة أخرى. ما یمیزه لیس فقط حجمھ بل الأجھزة التي فیھ: أھمھا ھو جھاز یسمح للغواصة بان تبقى لزمن أطول تحت الماء دون التعلق بالاكسجین الخارجي (منظومة AIP .(یمكن للغواصة ان تطلق صواریخ ھربون الألمانیة، الى جانب صواریخ طوربید متطورة للغایة، وتفكیك الغام بحریة.
عندما وقع المصریون أخیرا على الصفقة لتلقي مثل ھاتین الغواصتین في 2011) المداولات بدأت منذ 2009 ،( نشأ توتر بین الدولتین. وعلى ما یبدو تبدد التوتر في النھایة. وادخلت الغواصتان المصریتان إلى الخدمة العملیاتیة في نھایة تشرین الأول 2017 .الاخریان، اللتان بدأ بناؤھما في 2015 ما تزالان موجودتین في حوض السفن الألماني.
ھل الغواصات الألمانیة التي لدى المصریین تمس بأمن إسرائیل؟ ھل یوجد فیھا ربما نوعا ما من التھدید النووي؟ تماما لا. ھل تشكل تھدیدا على سلاح البحریة الإسرائیلي؟ نعم، بالتأكید.
بالضبط مثلما ھو كل الأسطول المصري الكبیر المتعاظم والحدیث یشكل تھدیدا. بالضبط مثلما صواریخ ھربون جو – بحر التي زودت بھا الولایات المتحدة طائرات اف 16 المصریة تشكل تھدیدا. ومثلما تفعل نحو 300.1 دبابة ابرامز أمیركیة لسلاح المدرعات المصري تشكل تھدیدا على جیشنا البري. كل شيء بالامكانیة الكامنة طالما مصر لیست دولة عدو. في ھذه اللحظة توجد مصر في سلام مع إسرائیل وفي تعاون أمني معھا.
لا أدري لماذا حجب نتنیاھو عن جھاز الأمن موافقتھ على بیع غواصتین اضافیتین في منتصف العقد. ولكن ظاھرة الحجب عندنا لیست یتیمة. فقد حجب رابین في البدایة المعلومات عن محادثات أوسلو عن رئیس الأركان والاستخبارات حتى نھایتھا. وحجب باراك عن الكابینت وكل ضباط ھیئة الأركان العامة المعلومات عن الموعد الدقیق للخروج من لبنان. كانت لھما، برأیھما أسباب وجیھة لعمل ذلك. لا خیانة، لا فساد.