الدستور
الفيسبوك؛ ورواده، والمتكسبون منه والمتاجرون فيه، يمسخون الحقيقة ويقومون بتزييف كل ما يقع تحت أيديهم..
كل ثانية تقريبا، تنتشر فيديوهات وأفلام عبر الفيسبوك وغيره من وسائل التواصل، ويكون المطلوب بالنسبة لناشرها اصطياد الانفعالات، كاللايك والمشاركة ..الخ من مترادفات الصنعة، ويحاول استغلال كل وسيلة لإخراج قصة بطولة زائفة، يستولي فيها على نجاحات وإنجازات جهات رسمية وغيرها، ويسوّقها على متابعيه كنتائج حروب نضالوية صال وجال فيها.
أمس؛ وصلني فيديو يتحدث فيه متحدث، عن قصة نجاح، ينسبها لنفسه ولمجموعة من الذين يعملون معه في الزراعة على حد قوله، أو هكذا نفهم من كلامهم في ذلك الفيديو، إذ يتحدث عن قصة نجاح لشاب أردني، قام بزراعة محصول زراعي فريد من نوعه، ولم يسبق أن جرت زراعته في الأردن، وهو نبات «الجنسنج»، حيث فوائده الكثيرة كما يقول المتحدث، وأن هذا المنتج الزراعي له فوائد طبية، ويساعد بل يحفز لإفراز أو تنظيم إفراز هرمون الذكورة «توستيرون».. وأن الناس يستفيدون من جذوره وأوراقه وبذوره.. والمهم في الموضوع أن عائدات وأرباح الدونم الواحد المزروع بهذا النبات، تتجاوز 8 آلاف دينار، وكذلك يتحدث خلال الفيديو الشاب الذي قام بهذا المشروع، وهو مهندس في تخصص ما، ويقدم الشكر للشاب الذي ينشر الفيديو ويتحدث عن المشروع، وكأنه هو من دعمه، ووقف خلف قصة نجاحه.
وكعادتي حين أجد معلومة أو فكرة أو شيئا مهما ومفيدا في مجال القطاع الزراعي، انقله للمهندس خالد الحنيفات وزير الزراعة، فهو وزير يطارد الفكرة الجميلة المنتجة، ويدرسها مع المختصين في الوزارة، ويطبقها إن كان تطبيقها ممكنا ونتائجها مضمونة، ويمكن أن تقدم جديدا مفيدا للشباب المستعدين للعمل في مجال الزراعة، لكن الوزير فاجأني حين أخبرني بأن هذا المشروع مدعوم من وزارة الزراعة، وهو واحد من مشاريع زراعية كثيرة، تقدم فيها وزارة الزراعة للشباب قروضا بلا فوائد أو بفوائد رمزية، وكلها تتضمن قصص نجاح...
من السهل أن يدعي أحدهم البطولات، وينال تأييد وإعجاب وإشادة المشيدين (غائبي الفيلة)، ويظفر بما يظفر من مكتسبات الدعاية على صفحات التواصل، فوق المكاسب الشعبوية التي يقوم بتوظيفها وترسيخها كقناعة لدى الناس، بأنه يعمل ويقدم كل ما يمكنه ويواجه معارضة وتقصيرا من الجهات الرسمية، وأنه يحقق هذه النجاحات بعيدا عن «الدولة»، بل يقوم بها ويحقق نجاحات رغم عدم موافقة الحكومات والوزارات والجهات المختصة..!.
بينما في عين الحقيقة أن وزارة الزراعة والمؤسسات المختصة الكثيرة التابعة لها، هي التي تنفذ برامج وخططا وتقدم دعما ماليا يبلغ عشرات ومئات الملايين، لتحقيق زراعة وطنية مستدامة، ويدعم مشاريع انتاجية، تقدم فرص عمل وتشغيلا للشباب..
ودوماً، يأتي من خلف الصفوف من يدعي أن (الفكرة مغطية بقشّة) وأنه يقود مسيرة عرمرمية من التغيير والتطوير.. ويصبح عند مجتمع الفيسبوك هو البطل، والدولة هي المقصرة وتقف ضد تطوير الزراعة، وضد قيام الشباب بمشاريعهم الخاصة.
ثمة العديد من قصص النجاح، لمشاريع تدعمها وزارة الزراعة وتمولها بقروض بلا فوائد، واستفاد منها شباب أردنيون، ودشنوها على تراب الأردن الطيب ومن مائه الطهور.