عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Mar-2020

كُن القائِد واتخذ القرار الآن.. افتراضياً - رمزي خوري

 

الدستور- لو كنت صاحب القرار بإدارة أزمة جائحة كورونا أي استراتيجية ستعتمد؟ وبما أن كافة الدول باتت «بالهوى سوا» وتأكدنا بأن العالم هو حقيقة «قرية» هذه فرصتك يا عزيزي «صاحب القرار الافتراضي» لتتخذ القرار المصيري وكأنما أنت قائِدُنا أو كأنك ترمب أو جونسون أو «شي» ماكرون على رأس «شي» دولة «ماكله هوا.»
 
لا يوجد لدى أي دولة للآن «مخرج استراتيجي» للأزمة ولكن يوجد حل استراتيجي معروف لدى علماء الفيروسات والإنسان: تحقيق «مناعة القطيع» وهذا مسمّى علمي -Herd Immunity- وليس بالضرورة إهانة. يوجد طريقتين لتحقيق مناعة القطيع: 
 
الأولى هي حقن ما لا يقل عن 60 % من الشعب بمطاعيم فاعلة ضد الفيروس. عندها لن يجد الفيروس «زبائن» معرَّضين للموت لأنهم مطعَّمون وحتى لو انتقل من «زبون» لآخر فلن يكون قاتلا «كثيراً» لأن الشعب يستطيع تناول المطعوم دورياً. سنة بعد سنة يصبح فيروس الكورونا المستجد «عاديا» كغيره من الفيروسات. المشكلة هي، والأرجح على ذمة العلماء والخبراء الذين يعملون ليلاً نهاراً لتطوير اللقاح السحري، بأننا لن نرى مطعوما لهذا الفيروس قبل سنة على الأقل بل ويوجد فيروسات لم يجد لها العلماء مطاعيم فاعلة بالأربعين عاماً الفائتة من المحاولات، كفيروس الإيدز. 
 
الثانية هي غض النظر والتأسف كثيراً على الأرقام من إصابات وأموات. إذا ضرب الفيروس أكثر من 60 % من الشعب سيبني الشعب «مناعة القطيع» طبيعياً والمشكلة على ذمة العلماء والخبراء هي أن هذا النوع من المناعة يحتاج لعامين تقريباً ليحقق «مناعة القطيع».
 
المشكلة الأخرى هي أن هكذا فيروسات قادرة على ضرب الإنسان عدة مرات وعندما لا يوجد تطعيم سيموت أصحاب المناعة الضعيفة، عاماً بعد عام، ولا تيأس، فقد يتعود البشر على هذا «الواقع الأليم».
 
لا تتخذ القرار بعد، لأنك «كصاحب قرار» عليك أن تنتبه لصحة الاقتصاد وليس فقط لصحة الشعب وخاصة أن نيتك المفترضة هي أن يستطيع الشعب الحياة بعد السيطرة على الجائحة، ويُفضَّل أن يعيش شعبك بنعيم. 
 
إذا قررت أن تُعلن حظر تجول مثلاً لتحمي الشعب من الكوفيد-19 لحين تطوير المطاعيم، ستكون إصابات الشعب طبياً أقل بكثير ولكن على حساب الاقتصاد لأنك «ستشُلُّ البلد» من خلال الإغلاق التام لمعظم المصالح من صغيرها لكبيرها من دون حرمان المواطن من الدخل حتى لا يجوع، وستضرب رأس المال «اللي مشغِّل البلد» «كفا وشلوطا» وستفرض على البنوك ما لا يعجبها،وستقوم بإفراغ خزينة الدولة في وقت فيه كافة الدول التي تبرعت لك بالسابق تعاني اقتصادياً ما لم تعانيه بالتاريخ الحديث وستحسب ألف حساب قبل أن تدعمك أو حتى تقرضك، وكأنما ناقصك ديون، ونترك الباقي لفهمك. 
 
أما اذا قررت أن تكتفي بالتأسف على الإصابات من خلال طلاتك البليدة على الشعب تطلب منه الصبر والانتظار وتشجعه على العمل والصرف لتشغيل البلد وتحاول جاهداً أن يدفن أمواته ولا تضطر أنت أن تفعل هذا على حساب الدولة، سينهار نظامك الصحي الذي لا يستطيع أن يعالج الألاف من المرضى وبينما قد تتخيل أن هذا سيكون أقل ضرراً على الاقتصاد، لا يمكن إلا أن تتوقع «أوسخ» ركود اقتصادي بتاريخ بلد يعاني عزاء مستمرا ورعبا منقطع النظير. عليك أن تأخذ بعين الاعتبار أيضاً الحقد الشعبي على مقامك العالي وتتساءل كما يتساءل بعض القادة الآن: هل سيغفر لي شعبي؟ 
 
اتخذ قرارك الافتراضي الآن لأن كل يوم يمر تخاطر بشعبك الافتراضي. قرر وأنت في «الكزدورة» لمتجر الحي يا أخي.