عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jun-2019

”حقوق الإنسان“ إذ یقرع جرس الحریات - جهاد المنسي
الغد- لم تكن الحكومة بحاجة لأزمات داخلیة جدیدة، تضاف لأزمات الفقر والبطالة، وتدني فرص العمل
وارتفاع المدیونیة، والعجز عن جلب المستثمرین، لتضیف إلى تلك القائمة ازمة جدیدة عنوانھا
(تكمیم الأفواه)، وھو التوصیف الذي استخدمتھ نقابات مھنیة في مؤتمر صحفي عقدتھ أول من
أمس بحضور نقباء، والمفوض العام للمركز الوطني لحقوق الانسان، والنائب نبیل غیشان.
الواضح ان قضیة حریة التعبیر وتضییق الحكومة على محتجین كانوا یریدون الوصول للمركز
الوطني لتسلیم مذكرة احتجاج والمطالبة بإطلاق سراح معتقلین، یتصاعد، ولذا باتت وتیرة النقد
للحكومة من جھات مختلفة ترتفع، لدرجة ان دائرة النقد توسعت لتصل لمنظمات حقوقیة دولیة.
كان بقدرة الحكومة تجنب كل ذلك، فھي تعاملت مع احتجاجات اوسع واشمل عشرات المرات
بعقلیة منفتحة، وبالتالي كان یمكن تجنب التحشید الذي حصل رفضا لمنع محتجین، وترك الامور
تسیر بشكل طبیعي دون اعتقال محتجین، والذین تم اطلاق سراحھم بعد ساعات من الاعتقال، فما
حصل استفز مؤسسات مجتمع مدني من احزاب ونقابات وحتى نواب، للطریقة التي باتت تتعامل
بھا الحكومة مع اطراف ترید التعبیر عن رأیھا.
وربما كان أول المستفزین من ذلك ھو المركز الوطني لحقوق الانسان الذي قال مفوضھ العام
موسى بریزات ان المركز سیواصل الدفاع عن الحریات العامة وحمایة حق المواطنین بالتعبیر
بموجب القانون والحفاظ على حیادیة المركز واستقلالیتھ، اذ اعتبر المركز أن ”الاعتقالات والمنع
بحق (حراكیین) مؤخرا، كان فیھا اجتھادات أحیانا وانتھاكات أحیانا أخرى، وان إجراءات الدولة
التي حصلت مؤخرا اتسمت بالشدة“.
الكلام جدا مھم ویتوجب على الحكومة قراءتھ بعمق، فمن یتحدث في الموضوع لیس احزاب
معارضة أو نقابیون یساریون أو قومیون أو اسلامیون أو ناشطون معارضون، وانما یخرج ھذا
الكلام عن المفوض العام للمركز وھو ایضا الذي الذي دعا الحكومة باعتبارھا الضامنة لاستقلالیة
المركز بموجب القانون، لعدم صم آذانھا عما یجري باعتبار ان تواصل الامور بھذا الشكل سیرتب
علیھا (الحكومة) عبئا أمام الرأي العام وأمام المجتمع الدولي.
لذا فإن على الحكومة ان تتعامل مع الموضوع بعقل بارد، وان تأخذ ما قیل من قبل مركز حقوق
الانسان الذي یعتبر جھة محایدة بكل اریحیة وبطریقة مختلفة عما یجري حالیا، وان تلتقط ما یقولھ
المركز في ھذا الشأن، وان تعمل على معالجتھ بالتوافق والتنسیق والحوار، وتعزیز الثقة بینھما،
والثقة تلك لا یمكن رفع منسوبھا الا من خلال تعزیز الحریات بشكل اكبر وتوسیع قاعدة الحوار
بین الاطراف.
وایضا فان اعادة الحرارة للعلاقة بین النقابات والاحزاب والحكومة من شانھا الحد من حالة (تكمیم
الافواه) التي باتت تتحدث عنھا نقابات، والتي اشارت الیھا في المؤتمر الصحفي، معتبرین ان اي
توقیف یجب ان یكون بأمر قضائي، والحكومة علیھا أخذ ملاحظات النقباء وخاصة نقابة المحامین
بعین الجد، وخاصة فیما یتعلق بطریقة تعامل بعض الحكام الاداریین مع تطبیق القانون.
القصة لیست بحاجة للكثیر من التفكیر، فالحكومة التي تحدثت عن اصلاح سیاسي، وانفراج في
تعاملھا مع حریة التعبیر، علیھا ان تبرھن على ان اقوالھا لیست مجرد كلام تذروه الریاح، وانھا
تؤمن بحریة التعبیر والحق فیھ قولا وفعلا، وترید تفعیل تطبیق القانون على الجمیع ومنع تغول اي
طرف على الآخر، وھذا یتطلب منھا الاسراع وبلا تردد بالاستماع لوجھات النظر التي تقال في
ھذا الموضوع واخذ العبر منھا والتعامل معھا بجدیة، وبطریقة تؤسس لتوسیع قاعدة الاصلاح
السیاسي والاقتصادي وحتى المجتمعي ایضا، وھذا یتطلب ان تعمل الحكومة دوما على حق الناس
في التعبیر بالطرق السلمیة التي یكفلھا الدستور والقوانین.