عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Aug-2020

ارتفاع سقف التوقعات بالآخرين.. هل يسبب الخذلان وخيبة الأمل؟

 

مجد جابر
 
عمان – الغد-  “لا تلم الناس إن خذلوك.. ولكن لم نفسك لأنك توقعت منهم أكثر مما ينبغي”.. “امضوا بلا توقعات لتعيشوا بلا خذلان”.. “لا تتوقع شيئا من أحد وسترى كل ما حولك بصوة أجمل”.. “خيبات الأمل تأتي حينما ترفع سقف توقعاتك”.. “التوقع يفزع الروح من قوة الانتظار”.. “أخفض سقف توقعاتك بالآخرين حتى يكون طعم الخذلان أقل مرارة!”.. هذه بعض من العبارات والأقوال التي تحكي عن خيبات أمل يشعر بها الإنسان حينما يرفع من سقف توقعاته، فتكون النتيجة آلاما نفسية قد ترافقه عمرا طويلا!
ويبقى عالم التوقعات يكبر بداخل كل إنسان، وعليه تكون كل ردود فعله، وتعاطيه مع كل أمور الحياة، وكلما زاد سقفها كان الخذلان أكبر، وبالتالي تفشل الكثير من العلاقات لهذا السبب.
أحيانا لا يكون ذنب الشخص أن المقابل له قرر أن يعلو بسقف توقعاته معه، وأحيانا أخرى يبني الفرد كل توقعاته لأن الآخر أعطاه مؤشرات عديدة تؤكد ذلك، ولكن، وبحسب اختصاصيين، فإن على الفرد أن يكون معتدلا بتوقعاته لكي لا تكون صدمته كبيرة.
وبالعلاقات تكون التوقعات من أكثر الأمور تعقيداً وتشابكاً؛ إذ تؤثر عليها بشكل كبير، وقد تؤدي إلى فشلها، خصوصا عندما تتضاعف آمال الشخص وأحلامه وما يبنيه وما ينتظره من الطرف الثاني، والشخص المقابل لا يلتفت اليها ولا يقوم بتلبيتها، فإن ذلك يخلق فجوة كبيرة وخيبة أمل في العلاقة.
ذلك تماماً ما حدث مع إبراهيم علي الذي ارتبط بإحدى الفتيات، وكان قد رسم لها صورة في ذهنه جميلة جداً وكما أظهرتها هي، لتكون عكس ذلك بعد الزواج، فكانت صدمته كبيرة. هو ما يزال حتى الآن لا يعرف أين الخطأ الذي وقع، ويمكن أن يكون بسبب رفع سقف توقعاته كثيراً بالفتاة التي أحبها فتفاجأ بعد ذلك بتصرفات وشخصية أخرى لها لا تشبه تلك التي كانت أيام الخطوبة، معتقدا أنها قد تكون عادت لطبيعتها بعد الارتباط. ويضيف أنه في كل مرة يحاول فيها أن يتقبل تصرفاتها يعود ليتذكر الصورة المثالية التي رسمها لها ويصاب بخيبة أمل، ما يجعله غير قادر على التأقلم مع هذه الحياة.
سعاد أيضا، حلمت طوال عمرها أن تعيش حياة زوجية رومانسية جميلة، وهو ما أكده لها خطيبها في فترة الخطوبة، الا أنها بعد الزواج تفاجأت أن هناك كثيرا من الأمور الصغيرة قبل الكبيرة كانت تتوقع أن يتصرف بها بطريقة مختلفة.
وتضيف أنها في كل موقف تتوقع منه ردة فعل معينة، لتتفاجأ بطريقته معها، عكس توقعاتها، وذلك ما يجعلها غير راضية ولا سعيدة بطبيعة الحياة التي تعيشها.
وفي ذلك، تذهب دكتورة الإرشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجية سلمى البيروتي، أن التوقعات لها علاقة بالمعتقدات، وتتضمن “معتقادتنا الخاصة ومجموعة من التوقعات التي نحن أصلا نحملها معنا في علاقاتنا، وهذه التوقعات تكون حول دور الشخص في هذه العلاقة وما هي مهامه”.
لذلك، فإنه لابد أن يكون هناك وضوح لبعض هذه الأدوار، وترتيبها بفترة الخطوبة ومعرفتها تماماً، ابتداء من الأمور المهمة والمفصلية الى الأمور البسيطة، خصوصاً اذا لم يكن لدى الشريكين عوامل مشتركة بينهما.
وتشير البيروتي الى أن الكثير من الأمور ينبغي فهمها والتأكد منها، لكي لا تكون خطوة الزواج مغايرة للواقع وعكس التوقعات، مبينة أن الشخص أحيانا يصور نفسه بأنه مثالي ويظهر أفضل ما عنده، وعندما يأتي الواقع يكون معاكسا لذلك، ما يخلق خيبة أمل كبيرة لدى الطرف الثاني.
وتضيف البيروتي أنه مهم جداً أن يضع الشخصان قبل الزواج التوقعات الخاصة بهما، والمصارحة الكاملة، لافتة الى أن التوقعات قد تخلق مشاكل كبيرة حتى في أبسط الأمور وأصغرها، سواء المادية، العاطفية، العلاقات الاجتماعية، وغيرها من الأمور التي قد يكون الشخص لم ينتبه لها أو يعطها اهتماما في الوقت العادي. لذلك، ينبغي أن يكون هنالك قنوات مفتوحة وشفافية وصراحة بين الشريكين، لكي يتجنب الشخص الوقوع بفخ توقعاته.
والتوقعات غالبا ما تكون شخصية؛ أي “أننا نحن من نبني توقعاتنا وغالبا ما نبنيها بناء على تصوراتنا الشخصية… ومن دون معرفة لأي درجة هذه التوقعات واقعية”، هكذا يقول الاختصاصي النفسي الدكتور يوسف مسلم.
وفي كثير من الأحيان، وخصوصا بين الشريكين، هناك كثير من التوقعات يبنيها الشخص بكيفية ما يريد أن يكون عليه الشخص الثاني، من طريقة التعامل، التفهم والتقبل، أسلوب الحياة، العلاقة مع أهل الشريك وكل ما الى ذلك.
لذلك دائما يكون السؤال: من أين جاءت هذه التوقعات، فأحياناً قد يعيش الشخص ظروفا صعبة ويبني توقعات مثالية يعتقد بأنها موجودة بالشريك، وصولا لحياة كاملة مثالية، كل ذلك يأتي كردة فعل من الظروف التي عاشها، وليس عليه معاقبة الآخر لأنه بنى توقعاته تجاهه من محض تفكيره وخياله.
ويشير مسلم الى أن المشكلة بظلم الشريك، لأن الشخص سيكون لديه توقعات محددة ويرغب بتلبيتها من الآخر وهو أمر بغاية الصعوبة، مبيناً أنه دائما بعد معرفة الناس تبني توقعاتك، لكن أن يحدث العكس وتبنيها قبل معرفتهم فهو أمر صعب جداً.
ويضيف أن الشخص يكون كما هو وليس كما يريد الآخر، لذلك فإن التوقعات تُصعب الحياة على الشريكين وقد تؤدي لفشلها، خصوصا أن هناك أشخاصا يبنون توقعات عالية جدا، وآخرين غير قادرين على تلبيتها.