عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Mar-2019

مناهضة العنصریة الخفیة - الیاكیم روبنشتاین
یدیعوت أحرنوت
 
ھناك من یقول انھ في كل إنسان یختبئ عنصري صغیر، یتعاطى مع الاخر بشكل سلبي بسبب كونھ مختلفا – بلون جلدتھ، بقومیتھ، بدینھ، بطائفتھ، بطبقتھ. بلا شك، فإن كثیرین في المعمورة، في اوساطنا أیضا، یعانون من ”مرض العنصریة“، التي مظاھرھا ”الرقیقة“ (اعوذ با) ھي العداء ذو التعابیر اللفظیة، ومظاھرھا القاسیة ھي العنف الجسدي لدرجة القتل. العالم لا یصبح افضل في ھذا السیاق، وھكذا عالمنا في إسرائیل أیضا. یوم الكفاح الدولي للعنصریة جاء لیذكر ویحذر ومجرد الحاجة لھ تستوجب الاجتھاد الزائد ضد نزعة الشر العنصریة.
كثیرون منا ھنا في إسرائیل یبدون سلوكا یوجد فیھ نوع من العنصریة تجاه المختلف، حتى لو اقسموا اغلظ الإیمان بان لیس فیھم ذرة عنصریة. تجاه الیھود من أصل اثیوبي بسبب لون جلدتھم، تجاه العرب بسبب قومیتھم ودینھم، تجاه الحریدیم بسبب لباسھم المختلف وانعزالیتھم، تجاه ذوي الاصول من دول رابطة الشعوب بسبب لھجتھم. المفكر الیھودي الفرنسي الناجي من الكارثة، عمانویل لوینز، ركز الكثیر من نظریتھ في علاقات الإنسان على ”الاخر“؛ ونحن لا نتمیز في ذلك دوما.
في الدولة الیھودیة والدیمقراطیة نحن ملزمون، وربما أكثر من كل أمة ولغة، بالابتعاد عن العنصریة كالابتعاد عن النار. من مثلنا بعد التاریخ الیھودي الحافل نحمل على ظھورنا عبئا ثقیلا وقاسیا من اللاسامیة، التي ذروتھا الكارثة. لقد سبق أن قال الحكماء، على لسان ھیلل ”ما تكرھھ لنفسك لا تفعلھ لغیرك“، ولكن یبدو أن ھذه الرسالة غیر مستوعبة، مما یعصف بالروح في نظري.
قبل ثلاث سنوات رفع إلى الحكومة تقریر لجنة بلمور، برئاسة المدیرة العامة لوزارة القضاء، التي وصفت ظواھر عنصریة في الوزارات الحكومیة، ولا سیما تجاه ذوي الاصل الاثیوبي.
وقرارات الحكومة التي تبنت توصیات اللجنة اقامت ضمن أمور اخرى وحدة حكومیة لتنسیق الكفاح ضد العنصریة برئاسة المحامي أفكا زینھ من وزارة القضاء، مع مجلس جماھیري استشاري برئاستي. الوحدة، التي مرت علیھا الآن سنتان على عملھا، تعمل على منع العنصریة والقضاء علیھا في مؤسسات الحكم على خلفیة لون الجلدة، الاصل، القومیة والدین.
والاساس القانوني والاخلاقي لعمل الوحدة ھو مبدأ المساواة، الذي ھو جزء من مبادئ إعلان الاستقلال والمنصوص علیھ في قرارات المحاكم وفي المنطق الاساس، ورأیي الشخصي ھو انھ یجب ان یضاف إلى القانون الاساس القومیة والامر لن یمس على الاطلاق بجوھر إسرائیل كدولة یھودیة ودیمقراطیة. لقد وصلت إلى اللجنة حتى الان مئات الشكاوى. وبالتالي فإن العنصریة موجودة لشدة الاسف في المؤسسة، ولا ینبغي التعاطي مع أمر وجودھا كقول شعبوي آخر.
بالنسبة لیھود اثیوبیا، یمكن فقط العجب في أنھ یوجد ھناك من یتمسكون بقرار الحاخامیة الرئیسة بشأنھم منذ 1985 ویتجاھلون الفتوى الواضحة للحاخام عوفادیا یوسیف الراحل التي تعترف بیھودیتھم، الامر الذي یحتاج برأیي إلى اصلاح.
ھذا الیوم مكرس للكفاح ضد العنصریة. فلننظر كل واحد وواحدة إلى داخلنا ونحاول التعاطي مع الغیر مثلما كنا نرید أن یتعاطى الناس معنا. لیس صعبا جدا؛ لا مكان للعنصریة وبالتأكید لیس في الحیاة العامة، وبالتأكید لیس في الكنیست.
ان اللاسامیة ھي شكل العنصریة الأكثر كراھیة ومعرفة لنا. نقترب من ایام المساخر- البوریم – وقصة وثیقة استر تبدأ بقضیة كراھیة الاخر لمجرد الكراھیة: ”یوجد شعب واحد یتوزع بین الشعوب وادیانھا مختلفة...“ وعلیھ فیجب ابادتھا. اللاسامیة ترفض الموت، ترتدي شكلا وتنزع شكلا، وریاحھا الشریرة تھب. كان منا من اعتقد بعد الكارثة انھ لن تتبقى لاسامیة، حتى وان كان خجلا، ولكن لشدة الاسفل خاب الظن. في بریطانیا مثلا یدور الآن خطاب اللاسامیة في حزب المعارضة الرئیس، حزب العمال، وھذا مصدر لقلق شدید.
عندما بدأنا نتابع في الحكم في إسرائیل لھذه الظواھر قبل أكثر من 30 سنة كنت سكرتیر الحكومة ورئیس لجنة المتابعة، قال لي أحد كبار الوزراء جدا: ”على الحكومات ان تعنى بالحاضر وبالمستقبل، اما اللاسامیة فھي من الماضي“. كان متفائلا، رحمھ الله، كي نكون نستحق في الكفاح ضد اللاسامیة وامثالھا من الـ BDS في المعركة الدبلوماسیة، التعلیمیة والقانونیة، علینا أن نراجع أنفسنا في حیاتنا الیومیة. حتى لو لم تكن مقارنة، فسیكون ھناك من یدعي خلاف ذلك ولا نحتاج لان نزود اعدائنا بالسلاح. ھذه مادة للتفكیر.