عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Dec-2018

حوار مع وزير الثقافة المصري السابق محمد عبد المنعم الصاوي

  الدستور -عفاف مطر

مدير إحدى شركات الدعاية والإعلان، يتوجه ليعاين جداراً تحت كوبري (جسر) يطل على النيل في حي الزمالك في القاهرة، ليرى إن كان يعاني من أي تشققات ويتأكد من أنه ملاءم للصق إعلانٍ ضخمٍ، فإذا به يجد أن المساحة هائلة جداً، وقد أعجبته على الرغم من أنها كانت تزدحم بالنفايات والمدمنين، ليترأى أمام عينيه مشهداً ساحراً، رأى أن هذه المساحة وقد صارت مركزاً لعدة مسارح، أهمها مسرح العرائس. العرائس هذا الحلم الذي احتلَّ خياله منذ كان صبياً، رأي هذه المساحة تعج بفنانين كبار وأشهر عازفي الموسيقى وفرق أجنبية وعربية وشبابية، مساحة تعج بالنشاطات الشبابية الثقافية والفنية وورش العمل. جوبه حلمه قبل تحقيقه بالسخرية من الناس المحيطين به، وبعد تحقيقه واجه تحدي عزوف الجمهور عن حضور الفعاليات والحفلات خوفاً من سقوط الجسر عليهم وما عليه من السيارات التي تمر فوقه بالمئات في الدقيقة الواحدة. لكن محمد عبد المنعم الصاوي (2 نوفمبر 1956) - ابن الأديب الراحل عبد المنعم الصاوي، مبتدع ورئيس مجلس إدارة ساقية الصاوي، أحد أهم الملتقيات والتجمعات الثقافية في القاهرة، ووزير الثقافة في وزارة أحمد شفيق (20\2\2011) التي تشكلت أثناء ثورة 25 يناير، خلفاً لجابر عصفور؛ والذي اعتزل السياسة فجر الخميس 6 ديسمبر 2012م بسبب أحداث الاتحادية، حوَّل الحلمَ إلى حقيقة؛ وباتت ساقية الصاوي أهم المراكز الثقافية والفنية في مصر، لم تمرُّ سنة حتى الآن من دون أن يعزف على مسارحها الفنان الكبير نصير شما، أو الموسيقار الكبير عمر خيرت، وغنى على مسارحها علي الحجار وغيرهم كثير.
 
في حديث بين السياسة والفن أبدأ رحلتي من الزمالك في القاهرة في مكتبه في ساقية الصاوي مع الأستاذ والفنان والسياسي ومعالي الوزير السابق محمد عبد المنعم الصاوي.
 
س: بعد أن اختزلت السياسة كل مظاهر الحياة ومنها الثقافية في مصر ولاسيَّما بعد ثورة 25 يناير ترأست وزارة الثقافة في وزارة أحمد شفيق، خلفاً لجابر عصفور، حدثنا عن هذه التجربة.
 
ج: لا أحب كثيراً التحدث عن السياسة، لكن كما قلتِ، بل واضف عليه أن استبعاد السياسة عن الثقافة هي ليست سوى أكذوبة، ولكن على الرغم من ذلك، أنا أحب الحديث عن الفكر السياسي وليس الواقع السياسي.
 
س: أحب أن اعلمك أولاً أني حين قررت اجراء حوارٍ معك وكان ذلك بعد حضوري لحفل نصير شما الذي اقامته "ساقية الصاوي" رأيتك حينها تعتلي المنصة لتقدم نصير إلى الجمهور، وأنا لم أكن أعلم مسبقاً أنك في وقت من الأوقات كنت وزيراً، وكان همي هو استعراض نشاطك الثقافي المميز والذي لا يوجد له مثيل أبداً للأسف في الوطن العربي. ومن هنا سأبدأ، استاذ محمد لا يوجد سياسياً ولا مثقفاً ولا وزيراً يعمل ما تعمله أنت.
 
ج: أنا لا أرى ان تولي موقع المسؤولية يبعد الناس عن المبادئ أبداً، بل يفترض أن مثل هذه المواقع تجعلنا أكثر قدرةً على تحقيقها ونقلها من حيز الفكر إلى أرض الواقع.
 
س: أنت تُذكِّر من يراك بوزير التعليم الهولندي الذي يذهب إلى وزارته بالعجلة الهوائية، هذا النموذج الراقي، أنت حققته للمرة الأولى في الوطن العربي، بل بالعالم الثالث كله!
 
ج: (يضحك)كنت أخدع الحرس المكلفين بحمايتي واخبرهم أني سانطلق من بيتي الساعة التاسعة، لكني كنت أخرج من بيتي وأذهب إلى الوزارة في الساعة الثامنة فيأتون إلى منزلي ولا يجدونني. وفي الطريق مثل أي مواطن مصري أكل الفول عند العربة مع الناس وأسلم ملابسي للـ(مكوجي) مثل أي شخص عادي. وكنت أطلب من السائق أن يلتزم بأداب الطريق مثله مثل أي مواطن لا يملك أي امتيازٍ أو حصانة.
 
س: هل تربيت هنا في مصر؟
 
ج: نعم في مصر، في المدرسة الألمانية، وكان أبي وزيراً للثقافة في عهد السادات، وكان دائماً يقول أنَّ الفرق عظيم بين الوزير والمستوزر!
 
س: أأنت متأكد أنك مصري بالفعل؟ هل انت متأكد؟
 
ج: (يضحك)، نعم أنا مصري تماماً.
 
س: على الرغم من ذلك، ما زلت أراك مثقفاً وفناناً أصيلاً، ولم يرق لي أرنولد حين رشح نفسه في الانتخابات الأمريكية، كذلك لا استسيغ أن تتوجه للسياسة وتترك الفن.
 
ج: أبداً لم أترك الفن والدليل حوارنا هذا هنا في مسرح ساقية الصاوي وبعد دقائق سأقدم عرضاً للعرايس أعددناه أنا وشباب الساقية.
 
س: ممثل ومخرج عرايس يصبح وزيراً هذا صعب التصديق ولاسيَّما في دولة عربية.
 
ج: لكني متى أصبحت وزيراً؟ بعد قيام الثورة مباشرة، كلنا نريد المشاركة في بناء مصر الجديدة، كلنا متحمسين، حينها أسست مع أصدقاء لي حزب "الحضارة" وكان همنا تغيير الواقع الثقافي بالدرجة الأولى، واعلمي أني في حياتي لم أذهب ولم أشارك في أي انتخابات.
 
س: لماذا؟ هذه سلبية.
 
ج: نعم سلبية، لكني كنت متأكداً من أن كل الانتخابات مزورة، ولم يكن هناك مرشحون يستحقون عناء الذهاب إلى مراكز الانتخاب وانتخابهم. لكن الأمر تغير أو هكذا شعرنا بعد ثورة يناير وحينها فقط دخلت العمل السياسي ولم أعلم حينها أن لي كل هذه الشعبية، لم أعلم أن الساقية جذبت لي مؤيدين كثر ولاسيَّما من الشباب. بعدها اتصل بي رئيس الوزراء أحمد شفيق الذي تولي الحكومة بعد سقوط مبارك والكل يعرف أن أحمد شفيق هو من رجالات مبارك وهذا أسوء ما في الأمر، فتكلمت بصراحة واخبرته أن شعبيتي ستتأثر بشكل سلبي وسأفقد جمهوري إن انضممت إلى الوزراء، ذلك أن أغلبهم هم رجال خدموا لصالح مبارك طوال عقود، فسكت وأنهى المكالمة؛ لكن بعد مرور ساعتين فقط اتصل بي مجدداً واخبرني أنه تم تنحية كل من كان يعمل مع مبارك وخجلت أن أقول له : ( طب وأنت؟!) (ضحكنا وأكمل) وحدد لي موعداً في اليوم التالي وجلست معه واعلمني أنه متمسك بي كثيراً ولم اخفِ عليه أن هناك قضية مالية في أروقة المحكمة مقامة عليَّ منذ زمن مبارك من أحد المسؤولين الكبار ولم تنتهِ حتى الآن فاخبرني بالحرف الواحد: (أنا أعرف عنك أكثر مما تعرفه عن نفسك) (ضحكنا).
 
س: وأصبحت وزيراً بعدها مباشرة؟
 
ج: نعم. لكن بعد مرور تسعة أيام فقط على تسلمي وزارة الثقافة، ترك أحمد شفيق رئاسة الوزراء.
 
س: استلمت الوزارة بعد استقالة جابر عصفور، رجل مثلك ومثل جابر عصفور كيف يمكن أن تصف تجربتكما، في وقت تَعامَلَ به الشارع مع الحكومة كندٍ حقيقي لها؟
 
ج: الواقع أني كنت عبئاً ثقيلاً على الحكومة حينها، ولاسيَّما أني صممت موقعاً للوزارة لأنشر عليه كل مليم يصرف في الوزارة وبعد تشكيل إدارة مالية موحدة ليعرض على الناس مدخولات ومصروفات الوزارة، لأنها في الأساس أموالهم هم، وهذا ما كان ليعجبهم أبداً. الموظفون فقط كانوا فرحين بإدارتي ذلك أني كنت استقبل منهم أي فكرة واشجعهم على المبادرة.
 
س: اسمح لي الآن أنا أتحدث عن العرايس ، لماذا العرايس تحديداً؟
 
ج: الصدفة؛ بدأت الرحلة في المدرسة الألمانية الإنجيلية الثانوية في القاهرة مع زملائي حين رأينا اعلاناً على الجدار لعمل مسرح للعرايس، فقدمنا وقبلنا، وقدمنا العرض الأول مع مدرسنا الألماني صاحب الفكرة والمشروع. وشعرت حينها أنني وجدت نفسي بحق.
 
س: لكنك تطورت بسرعة ولم تكتفِ مثل زملائك بمهمة تحريك العرايس.
 
ج: نعم، حيث كان في وقتها في النص التمثيلي نصاً غنائياً، فسألت من يكتب هذه النصوص؟  فقد كنت وقتها صغيراً ولا أعرف كيف تتم الكتابة، ثم علمت أن هناك رجلاً مشهوراً يدعي إبراهيم رجب هو من يكتب هذه النصوص فاتصلت به أنا وزملائي، إذ كانت المسرحية التي كنا نشتغل عليها حينذاك تحتاج أربع أغنيات، وسألنا إبراهيم رجب عن المقابل المادي الذي يحتاجه لكي يؤلف لنا هذه الأغنيات الأربع، فطلب ألفا جنيه، لكل أغنية خمسمائة جنيه.
 
س: أظن أنه كان مبلغاً كبيراً وقتها.
 
ج: بل كان رهيباً. هذا الكلام قبل خمس وأربعين سنة، كانت ميزانية المسرحية كلها لا تتعدى الثمانين جنيهاً. فلم أجد أمامي إلا أن أرجع إلى البيت ووضعت النص المسرحي أمامي وأنا انظر إلى الفراغات التي يجب أن تملأ بالأغاني، وبدأت أكتب الكلمات، وفي اليوم التالي، ذهبت إلى المدرسة وعرضت ما كتبت على زملائي وكنت أظن أنهم سيسخرون مني، لكن ما حصل أنها نالت اعجابهم، لكني لم اقتنع برأيهم، فتوجهت نحو سيدة فاضلة كانت صديقة لوالدتي؛ كنت حينها أبلغ من العمر الخامسة عشرة وهي عميدة كلية التربية الموسيقية، وعرضت عليها كلماتي فسارعت وجلست على البيانو وبدأت بتلحين الكلمات وكانت سعادتي غامرة.
 
س: هل تتذكر الكلمات حتى الآن؟
 
ج: (ضحك) ليس تماماً فقد مرَّ وقتٌ طويل، لكن بعض ما أذكره: كان في أرنب أبيض وجميل .... بياكل جزر وبياكل جرجير .... (ضحكنا وأكمل): وتم التلحين وعرضنا المسرحية ونجحت، بعدها أي السنة القادمة بدأت بتأليف أول مسرحية عرايس للمدرسة ومن حينها لم أترك العرايس أبداً.
 
س: لكنك مهندس؟
 
ج: على الرغم من أني مهندس لكني أؤكد لكِ أني أفهم بالعرايس أكثر من فن العمارة الذي درسته في كلية الفنون الجميلة، وأكثر من العمل السياسي وأكثر من المجالين الفني والإداري الذي أمارسه منذ سنوات طوال في شركة الإعلانات.
 
س: هل تعتقد أن العرايس مثل البشر؟
 
ج: أعتقد ذلك؛ الجمهور حين يحضر عرضاً للعرايس تنشأ علاقة غريبة بينهم وبينها، قد يكون السبب أنه لا توجد بينهم خلفية مسبقة هم أشخاص يتقابلون للمرة الأولى، وهنا تكون نشأة العلاقة دائماً أسهل إذ لا ضغينة أو كراهية مسبقة، ولأن تاريخ العرايس أبيض مع الجميع فالجميع يحبها.
 
س: إلى أي درجة يكون التشابه بين العرايس والبشر؟
 
ج: العرايس كائن حي ولا يمكن أبداً أن اتعامل معها كجماد من قماش وخشب.
 
س: هل تتحدث معها؟
 
ج: دائماً وكثيراً جداً، بعد قليل سأعرض مسرحية بعنوان "بطاطساية" في البروفات كنت أشعر أني بطاطساية واضفت جملةً في الحوار أقول فيها : ( يا سلاااام ذكرتوني بشعوري وأنا جوه شوال البطاطس) (ضحكنا وأكمل) أحساس جميل صدقيني. لطالما قلت للمثلين معي أن كنت تلعب دور كلب وتستحي أن تشعر مثل الكلب وأن هذا ذيلك وهذه أذنك...الخ فلا تلعب هذا الدور ولا تشتغل بالعرايس.
 
س: أرى أن هذا الفن قريبٌ للدوبلاج، أليس كذلك؟
 
ج: الدوبلاج مثل العرايس يحتاج إلى تقمص وصدق واحترام من الممثل للدور الذي يؤديه أياً كان.
 
س: شخصية الأراجوز ما زالت هي الأبرز في مسرح العرايس. صحيح؟
 
ج: الأراجوز في مصر لعب دوراً في السياسة وهو ليس دوره أبداً، وذلك أيام الاحتلال العثماني إذ كان الكاتب حين يريد أن يوصل رسالة معينة للجمهور من دون أن تمسك به السلطات العثمانية، كان يسرد أقواله على لسان الأراجوز تحديداً فالاراجوز شخصية كوميدية أو سفيهة لا يمكن محاسبتها على أقوالها أو أفعالها. للأسف ماتت الفكرة الرئيسة وبقيت التفاهة وظل الناس ينظرون إلى الأراجوز ذلك الشخص الذي يضرب زوجته أو يشتم رجال الشرطة وهذا ما يحصل حتى الآن. لكن ما أطمح إليه هو تحقيق أهداف تربوية حقيقية عن طريق العرايس.
 
س: العرايس فن قدم إلى الوطن العربي من بلاد فارس والصين لكنه تلاشى بسرعة ما عدا مصر، إذ ما زلنا نراه حاضراً. لماذا برأيك؟
 
ج: على الرغم مما قلته، أحب أن أخبركِ أن مسرح العرايس في مصر أصبح على نطاق ضيق جداً، فمسرح القاهرة للعرايس الذي عمل عليه أبي سنين طويلة حتى أنه استعان بالمسرح الروماني الذي قدم إلى مصر وتم بناءه فعلاً، لكنه مثله مثل أي مؤسسة في أي بلد عربي قتله الروتين وعدم تخصيص ميزانيات تتلاءم ونشاطاته مما أدى إلى توقفه.
 
س: نعم لكن في الوقت نفسه نجدك تبذل مجهوداً خاصاً في سبيل بقاء هذا الفن، وصحيح هناك بعض المحاولات الفردية هنا وهناك في مصر لكنها لا ترتقي ولا تتعدى كونها محاولات بسيطة.
 
ج: صدقيني أنا محرج أن أقول لكِ أنني انا خائف أن يندثر هذا الفن  من مصر أيضاً ويؤسفني أيضاً أن أقول أنه لا يوجد غيرنا الآن من يقدم مسرح عرايس حقيقي.
 
س: إلى متى ستبقى تقدم هذا الفن؟
 
ج: أتمنى أن لا أتوقف عن تقديم العرايس، وحلمي أن أبني على أرضٍ واجهتها بيتاً صغيراً لي، وفي الخلف مسرحاً للعرايس وورشة لصنعها.
 
س: إلى متى تظن أن فن العرايس سيبقى؟
 
ج: طالما أنا على قيد الحياة على الأقل.
 
س: من معك الآن؟
 
ج: أسست فرقة ليست صغيرة، تتكون من خمسة عشر ممثلاً، وكلهم مبدعون.
 
س: من يدعمكم مادياً أو يساهم على الأقل؟
 
ج: تمويل ذاتي تماماً، فمثلاً في عرض أم كلثوم يمتلأ المكان تماماً على مدى حفلتين في اليوم الواحد الحفلة الواحدة ألف كرسي بالإضافة الى باقي الحفلات طبعاً والكافتيريا والاشتراكات وغيرها.
 
س: إذن لا يوجد دعم مادي من الحكومة أو من جهة خاصة؟
 
ج: انا لا أقبل أي دعم من أي جهة ولاسيَّما الحكومية فأنا لا أقبل أن أستلم تعليمات أو أوامر من أي أحد.
 
س: لكن دعني انتقدك، أنت تحتكر المسرح بالكامل، أنت الممثل الرئيسي وأنت المؤلف وأنت تكتب أغاني المسرحية وأنت مخرج العرض؟
 
ج: على العكس تماماً، انا أقوم بكل ذلك لأن أحداً لا يساهم في كتابة النصوص أو تأليف الأغاني، ولطالما طلبت من الشباب أن يمدوني بأفكارهم ومشاريعهم، لكني للأسف لا استلم منهم سوى ما يكفي عرضاً يمتد لخمس دقائق فقط، في حين عرض العرايس يتطلب على الأقل نصف ساعة، وأنا أجد أن أغلب الشباب يعجزون عن كتابة مثل هذه النصوص ليس فقط لافتقارهم الموهبة بل لتراجع المستوى الثقافي وتراجع مستوى اللغة والمفردة أيضاً. لكن أحد الأصدقاء المتابعين لنشاط الساقية وهو صاحب قهوة قريبة من هنا، طرح عليَّ فكرة أن اتناول نصوصاً عالمية مثل تاجر البندقية وأوليفر تويست وقد اعجبتني الفكرة كثيراً وسأدرسها باهتمام.
 
س: كيف تكتب نصوصك؟
 
ج: صدقيني لو أخبرتكِ أني أكتب في الكثير من الأحيان وأنا غير مدرك، أكون نصف نائم، لا أقول أن هناك وحي فالوحي للأنبياء، ولكننا نلهم وهذه نعمة من الله نحمده عليها، هناك نصوص حين أتركها لفترة من الزمن وأعود إليها فيما بعد لا أصدق أني كتبتها فعلاً.
 
س: أهم المشاريع التي نفذتها؟
 
ج: مشروع الست أم كلثوم، كان في بالي منذ بدأت فكرة إقامة مسرح للعرايس، وكنت أقول لنفسي أني مجنون لأني أفكر بالست فقد لا يتقبل الناس أن تُمَثَل أم كلثوم بعروسة، وقد فاجأني الجمهور حين أخبرني أنهم يجدون أنفسهم بعد عشر دقائق من تقديم العرض يشعرون أن التي تقف أمامهم هي أم كلثوم فعلاً وليست عروسة.
 
س: إذن أنت بتقديمك لأم كلثوم تؤكد أنك لا تستهدف شريحة الأطفال بل الجمهور بكل فئاته؟
 
ج: أنا أرى أن أي وسيلة للتعبير من السذاجة أن تهمل بل علينا أن نخاطب عبرها الناس كلهم.
 
س: من يهمك أكثر الأطفال أم الكبار؟
 
ج: يهمني الأثنان، لكن المسؤولية تكون أكبر حين تخاطبين الأطفال، والاستثمار في الصغار أجدى.
 
س: لقد قمت بتحويل مكب النفايات غير القانوني تحت هذا الجسر مسرحاً بجهود فردية خالصة، لكن أنا أعلم على الرغم من ذلك أن الحكومة تأخذ منك أجوراً.
 
ج: نعم يأخذون أجور حق الانتفاع على المتر المربع الواحد. لا استبعد أبداً أن يأتي يوماً تطلب مني الحكومة إخلاء المكان.
 
س: وعلى الرغم من ذلك أنت مستمر في العمل فيه؟
 
ج: نعم، لأني لم ولن أحسبها بمعايير البزنس أنا فنان ومثقف، وأن حملوني على ترك المكان لن أترك العرايس سأواصل تقديم عروضي ولو على الرصيف.
 
 وهنا جاء من يناديه لتقديم عرض مسرحية العرايس (بطاطساية) سلمت عليه وتمنيت له الموفقية وعبرت له عن شكري وامتناني وفخري أن في الدول العربية رجل مثقف مثله.