عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Apr-2025

أزمة لبنان*احمد ذيبان

 الراي 

كان لبنان يوصف بـ«سويسرا الشرق»، لما يتمتع به من حريات وتقدم حضاري ومقصد سياحي، الى أن اندلعت الحرب الأهلية بين عامي 1975 الى 1990، وأسفرت عن مقتل حوالي 120 ألف شخص، وفي عام 1989 تم توقيع اتفاق الطائف بين الأطراف المتناحرة، وأهم ما تضمنه الاتفاق نزع سلاح الميليشيات المسلحة، وبالفعل التزمت جميع الميليشيات بحل نفسها وتسليم سلاحها، باستثناء حزب الله الذي كان يتذرع بأنه يتمسك بسلاحه باعتباره ضد العدو الصهيوني.
 
واذ كان سلاحه قد ساهم بمواجهة الاعتداءات الاسرائيلية، لكنه في الحقيقة كان ينفذ أجندة نظام الملالي في ايران، وهو الذي أنشيء بقرار ايراني ولذلك كان يجاهر قادته وفي مقدمتهم أمينه العام السابق حسن نصر الله، بأنه يلتزم بقرارات وسياسة «الولي الفقيه»، وكان يعلن صراحة بأن سلاح الحزب وأمواله وتدريبه وأكله وشربه من ايران!
 
وبقي سلاح الحزب يشكل أزمة تتفاقم يوما بعد آخر بالنسبة لاستقرار لبنان، وبناء دولة حقيقية ينتظم فيها عمل المؤسسات، بل حولها سلاح حزب الله الى ما يشبه الدولة الفاشلة، وباستخدام سطوة السلاح تمكن الحزب من اختطاف الدولة، والتغلغل في مفاصلها الحيوية ومصادرة قرارها السيادي.
 
وكان آخر مغامرات حزب الله غير المحسوبة، الحرب التي فتحها ضد دولة الاحتلال بزعم اسناد حركة حماس بعد أن نفذت عملية 7–تشرين الأول عام 2023 أو ما سمي «طوفان الأقصى»، وكانت نتائجها كارثية على الحزب وبيئته الحاضنة ولبنان عموما، حيث أسفرت الحرب عن تدمير قرى الجنوب والضاحية الجنوبية من بيروت والبقاع، ونزوح أكثر من مليون شخص، واغتيال قادة الحزب والعسكريين من الصفوف الأول والثاني والثالث، وفي مقدمتهم أمينه العام حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين، وأكثر من ذلك انتهت الحرب باحتلال اسرائيل خمس تلال استراتيجية في جنوب?لبنان، وبالنتيجة اضطر الحزب لتوقيع اتفاق وقف اطلاق النار، أو ما يشبه «صك استسلام» بوساطة نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني، وصادقت عليه حكومة نجيب ميقاتي التي كانت تنفذ أجندة حزب الله!
 
وأهم ما تضمنه الاتفاق التزام لبنان والحزب، بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701 » الذي صدر في أعقاب حرب تموز 2006 والقرار رقم » 1559 «الذي صدر عام 2004، وينص القراران بوضوح على نزع سلاح الميليشيات.
 
لكن المفارقة العجيبة أن قادة الحزب، كانون يناورون ويماطلون ويحاولون «تدوير الزوايا» ويتلاعبون بالكلمات، ويتذاكون بتفسير اتفاق وقف اطلاق النار والقرارات الدولية، بزعم أن الاتفاق ينص على تسليم أو نقل السلاح، من جنوب الليطاني الى شمال الليطاني. أما بقية الأراضي اللبنانية فسيبقى فيها سلاح المقاومة، رغم أن المنطق البدهي يفترض أن المقاومة يجب أن تكون قريبة من حدود دولة الاحتلال!
 
واللافت أن قادة الحزب صعّدوا من لهجة تصريحاتهم خلال الأيام الأخيرة، بدءا من أمين عام الحزب نعيم قاسم وغيره من المسؤولين بقولهم إن تسليم السلاح «حلم"! واليد التي تمتد لسلاح المقاومة ستقطع، في تحدٍ واضح لمؤسسات وأجهزة الدولة، بدءا من رئيس الجمهورية الجنرال ميشال عون، الذي كان يتعامل بلطف ودبلوماسية ويفضل الحوار لاقناع الحزب بتسليم سلاحه، وهو الذي أكد في خطاب القسم أن الدولة وحدها هي التي تحتكر السلاح، كما تشكل تصريحات قادة الحزب تحديا واضحا للبيان الوزاري، لحكومة نواف سلام التي تضم وزراء من حزب الله، حيث تضم? البيان نصا واضحا حول حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وأقره البرلمان بمن فيهم نواب حزب الله.
 
واعتقد أن التفسير واضح لهذا التصعيد الذي يهدد بحرب أهلية جديدة، لأن سلاح الحزب انتفت وظيفته لمقاومة دولة الاحتلال، التي تنفذ يوميا خروقات وعمليات اغتيال واستهدافات لعناصر الحزب، دون أي رد بل أن الحزب أصبح يحمل الدولة اللبنانية، مسؤولية تحرير الأراضي التي احتلتها اسرائيل نتيجة الحرب التي فتحها في 8 اكتوبر عام 2023!
 
لا يوجد تفسير آخر لتصعيد قادة حزب الله بشأن رفض تسليم السلاح، غير المفاوضات الأميركية الايرانية بشأن السلاح النووي والصواريخ بعيدة المدى، طالما أن حزب الله يشكل ذراعا استراتيجية لتنفيذ الأجندة الايرانية، ونظام الملالي يستخدم القضية الفلسطينية ورقة للاستثمار السياسي، وفي ضوء نتائح المفاوضات بين واشنطن وطهران، التي بدأت في مسقط وعقدت الجولة الثانية في روما، سيتقرر مصير سلاح حزب الله فمن يمول ويسلح ويدفع رواتب عناصر الحزب ومقاتليه وقادته، بالضرورة هو صاحب القرار بشأن السلاح!