ترامب يُقوِّض «العولَمة».. هل تنجح «الصين» في استنقاذ الـ«WTO»؟*محمد خروب
الراي
استكمالاً لمقالة أمس/الأحد حول الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس/ترامب، بفرضه رسوماً جمركية غير مسبوقة على دول العالم وبخاصة الصين، التي بادلته بالمثل، مُعتبرة/بيجين أن السِلع الأميركية لم تعُد قابلة للتسويق في الصين (كونها باتت مرتفعة الأسعار بعد فرض رسوم جمركية صينية بنسبة 145% عليها)، فإن مواظبة الرئيس الصيني شي جين بينغ، التأكيد على التزام بلاده بـ«العولمة»، إضافة إلى رفعها «شكوى» ضد واشنطن لدى منظمة التجارة العالمية، ناهيك عن فرضها عقوبات على شركات أميركية وتقييد صادراتها من المواد الخام «النادرة» التي تتوافر عليها الصين (وتحتاجها الصناعات الأميركية عالية التقنية)، تشي بأن الأمور سائرة نحو مزيد من التوتر والتصعيد بين البلدين، رغم القرار اللافت والمُسربل بالغموض والمحمول على سيل التساؤلات عن هدف ترامب من «تعليق» العمل بقرار رفع الرسوم الجمركية لـ«90» يوماً (وإن كانت لم تشمل الصين). رغم أن كثيرين رأوا فيه نوعاً من التراجع، في ظل الانهيارات والخسائر المُتلاحقة في أسهم الشركات الأميركية وخصوصاً «سوق السندات»، والانخفاض الملحوظ في سعر الدولار الأميركي (منعت بيجين التداول بالدولار الأميركي). وإن كان ترامب قال الجمعة باستذكاء وغطرسة: «نحن العملة المرجعية. وسنظل كذلك دائماً.. أعتقد أن الدولار عظيم». تجاهلَ فيه/ترامب ما تشهده «العملة الخضراء»، من تراجُع في الأسواق وتأثرها الواضح بالحرب التجارية التي فرضها على العالم.
موقف الصين من العولمة؟
منذ أن اطلقَ دينغ شياو بينغ، رجل الدولة والمُنظر السياسي الصيني، مقولته الشهيره «لا يَهمّني لون القط، ما دام يصطاد الفأر»، وتدشينه ما بات يٌعرَف بـ«الاشتراكية ذات الخصائص الصينية»، بدأت مرحلة الصعود الصيني اللافت عبر مؤشرات نمو اقتصادي مُتصاعدة وارتفاع في الصادرات، واستقرار في سعر صرف «اليوان» (وإن انخفاض نسبي ما شجّع الصادرات وأثار «لاحقاً» غضب واشنطن)، ترافق ذلك مع سعي صيني حثيث لنيل «عضوية» منظمة التجارة العالمية (WTO)، التي تأسست رسمياً في 1/1/1995، وهو ما حقّقته في العام 2001.
منذ أن بدأ الرئيس الأميركي إصدار أوامره التنفيذية، وتأثر الصين بالإجراءات الأميركية (حتى قبل رفع الرسوم الجمركية الأخيرة)، راح المسؤولون الصينيون يؤكدون، كما أعلنَ رئيس الوزراء الصيني/لي تشيانغ، أمام منتدى لرجال الأعمال عقد في بيجين 23 آذار الماضي: أن بلاده «ستلتزم الاتجاه الصحيح للعولمة الاقتصادية»، في مواجهة «التشرذم»، في إشارة ضمنية ـ وفق مراقبين ـ إلى الاضطرابات التجارية التي أثارها الرئيس/ترامب. مُضيفاً: ستقف الصين «بثبات على الجانب الصحيح من التاريخ، جانب الإنصاف والعدالة، وستتصرّف بطريقة مُحقة في ظل اضطرابات الزمن». مُحذِّراً في الوقت عينه من أن «التشرذم الاقتصادي العالمي يتفاقم اليوم»، مُستدركاً القول: إن «عدم الاستقرار وعدم اليقين آخذان في الازدياد».
وإذ أثارت متحدثة الخارجية الصينية/ماو نينغ، الجدلَ بعد نشرها رسماً عبر منصة (X) يُظهر قبعة «حملة» ترامب الشهيرة، التي تحمل شعار «اجعلوا أميركا عظيمة مُجدداً»، مُرفقَة بسعر «مشطوب قدره 50 دولاراً»، وبسعر جديد بلغَ 77 دولاراً. وعلى القبعة كُتبَ بوضوح «صُنع في الصين»، في إشارة ساخرة إلى أن مُنتجات حملة ترامب نفسها، تتأثر بالتعريفات الجمركية التي فرضها على الصين. فإن منشوراً ساخراً كهذا جاء في «خِضم تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبيجين»، حيث تبادلت الدولتان فرضَ رسوم جمركية باهظة. عندما رفعت الصين الرسوم على واردات أميركية لتتجاوز 80% (ولاحقاً إلى 145%)، فيما رد ترامب بزيادة الرسوم على البضائع الصينية إلى 125% (ثم رفعها إلى 145%)، ما زاد من حدّة المواجهة الاقتصادية بين البلدين.
استدراك:
نشرت أسبوعية «ذي إيكونوميست» البريطانية مقالة بعنوان «لماذا تعتقِد الصين أنها ستنتصر في الحرب التجارية مع ترامب؟»، أشارت فيها إلى «عدم وجود ما يمنع فك الارتباط بين أكبر اقتصادين في العالم، وأن ترامب يبدو أقل اهتماماً بالتوصل إلى اتفاق مع الصين». مضيفة: أن المسؤولين الصينيين «حرِصوا على إظهار عدم خضوعهم للضغوط الأميركية، والاكتفاء بضبط النفس للحدّ من إيذاء أنفسهم وتجنب المزيد من التصعيد. لافتة إلى «شعور قادة صينين بإمكانية الانتصار في الحرب التجارية هذه». مُستندة/ إيكونومست إلى حاجة ترامب للصين، لـ«وقف تدفق مُخدر الفنتانيل والمساعدة في إنهاء حرب أوكرانيا»، وكذلك (عدم رغبة ترامب في تحمّل مسؤولية إغلاق تطبيق «تيك توك» الصيني). مُستشهدة بـ(اعتقاد مسؤولين صينيين بأن «الولايات المتحدة لن تتحمّل التضخم والسخط الناجم عن رسوم ترامب الجمركية»).