عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Sep-2025

عِبَر* غازي العريضي
المدن -
بعد اسبوع من التجاذبات والتباينات والتصريحات عالية السقوف من هنا وهناك ، والتسريبات عن الاحتمالات المرتقبة وما يمكن أن ينتج عن جلسة مجلس الوزراء التي دعي إليها ببند واحد على جدول الأعمال عنوانه : " إقرار خطة الجيش لتسليم سلاح حزب الله ". عقدت الجلسة . فماذا جرى ؟؟ 
 
    في البداية كان ثمة عناد وتصلّب ورفض من قبل رئيس الحكومة لإدخال أي بند إضافي الى جدول الأعمال . وهو مطلب كان الهدف منه إيجاد مخرج لانعقاد الجلسة وحضور كافة الوزراء لأن فريقاً مهماً في البلد اعترض اعتراضاً مبدئياً على القرارات التي اتخذت في جلستي 5 و 7 آب الماضي المتعلقة بسحب سلاح الحزب ضمن مهلة زمنية وكلف الجيش باعداد الخطة . رئيس الجمهورية كان قلقاً وحريصاً على عقد الجلسة . تصرف بكثير من المرونة والانفتاح رغم اتهامه من قبل " الثنائي " بأنه كان يجب ألا يسمح بتمرير القرارين وهو يدرك حساسية الأمر . بعد مشاورات مضنية رافقتها تشنجات إعلامية وهجومات على الجيش وتحذيرات لقيادته من جهة وتهديدات بالتصعيد من جهة أخرى أدخلت بنود إضافية الى جدول الأعمال ، ربح الجولة الأولى الفريق الذي تصرف بحكمة وانفتاح ومسؤولية بعيدة عن البطولات الوهمية الإعلامية تحت عناوين دستورية وسياسية وغالباً شخصية لكنها أخذت أبعاداً مذهبية وطائفية . 
 
    في المسألة الدستورية : الدستور يقول بفصل السلطات ويجب احترامه وممارسته وتكريسه ولكن يقول بتعاونها ، وبالتالي :  الفصل لا يعني الانفصال والانفعال بل التفاعل والتعاون والتناغم، فكيف عندما تكون البلاد أمام مفترق مصيري خطير ؟؟ ساعتئذ يكون التعاون والتضامن والتكامل واجباً سياسياً وأخلاقياً ووطنياً . 
 
    في المسألة الميثاقية : لبنان بلد التنوع وتركيبته وطبيعة نظامه ليستا موجودتين في أي بلد في العالم. حتى ديموقراطيته فريدة بطبيعة وجودها وطريقة ممارستها وبالتالي لا يمكن لأي فريق أن يتلطى بها ساعة يشاء وان يتنكّر لها ساعة أخرى . المسألة ليست عنصراً من عناصر التجاذب السياسي يستحضر غب الطلب . ثمة أعراف في البلد تتجاوز النصوص الدستورية والمساواة بين اللبنانيين ولم تهتز . وثمة فريق عطّل انتخابات رئاسة الجمهورية في مجلس النواب لفترة زمنية طويلة وأبقى البلاد في فراغ مدمّر ليحقق غاياته وطموحاته ويصل الى شهواته ومبتغاه . ولم يكن هذا الفريق يمثل كل المسيحيين كما لم تكن المشكلة مع كل المسلمين . ومع ذلك كان العنوان " الميثاقية " . والرئيس نبيه بري راعى فريقاً من الأخوة المسيحيين له حضور قوي ولم يقف عند الإجماع وكان يقول : لا أعقد جلسة في غيابه . هذا هو التعاون والتضامن والحرص على تدوير الزوايا لانقاذ البلاد من أزمات تهدد نظامها بل كيانها في مراحل معينة . وهنا عين العقل والتبصّر  والحكمة والحفاظ على الوحدة الوطنية ، ولإقفال مسألة الميثاقية هنا، والبحث حولها يطول، ثمة سؤال لمن يستحضرها غب الطلب ويحتكر استخدامها وفق مصالحه : هل عند تشكيل الحكومات وتمسّك البعض " بالوزارات السيادية " وحصرها بأطراف معينة وحرمان أطراف أساسية مكونة في البلد يترجم الميثاقية بين المسلمين والمسيحيين ؟؟ 
 
    كتبت الأسبوع الماضي عن " إمكانات الجيش وخطته " . عقدت الجلسة . خرج الوزراء الشيعة انسجاماً مع مبدإ انهم لن يناقشوا قراراً لم يوافقوا عليه من حيث المبدأ . دخل قائد الجيش عرض خطته من كل جوانبها . رحّبت الحكومة بها وأثبت الجيش دون تهديد فريق يكرر أن الجيش هو تحت أمرة السلطة السياسية ، أو عناد فريق كان تعاون بينه وبين الجيش في الجنوب والناس مرتاحون له . والأهم أن الحكومة تجاوزت الترحيب لتأكيد ما يجب تأكيده وأخذه بعين الاعتبار من الأساس في البيان الرسمي : تأكيد وجود الورقة الأميركية التي تمّ تعديلها في مجلس الوزراء حيث كان البعض يكرّر لا ورقة أميركية بل لبنانية . أقرّ بأن أساس الورقة أميركية . والتعديل أشار الى أنها تصبح نافذة عند موافقة سوريا واسرائيل . كان يجب في كل الملاحظات التي أبداها هذا البعض أن يتذكر هذه المسألة . واسرائيل تستبيح كل شيئ وترفض التنفيذ وتتحدث عن منطقة اقتصادية في الأراضي المحتلة يمنع أهلها من العودة إليها ، والنقطة الإضافية التي وردت في بيان الحكومة : تحميل اسرائيل مسؤولية ما تقوم به والتأكيد انه يعرقل مساعي التهدئة وتنفيذ بنود قرار وقف الأعمال العدائية ، ويهدّد الأمن والاستقرار والتعافي وهذا ما أكد عليه البطريرك الراعي منذ أيام . وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق نذهب الى النقاش مع الأميركي وغيره وتحت سقف الالتزام بقرار حصرية السلاح وبعيداً عن محاولات جرنا الى ما تريده اسرائيل وترضخ له أميركا وتسايرها دول عربية ونقع في فخ الاهتزازات الداخلية والفوضى والقلق . 
 
    لبنان التزم بكل ما وافق عليه . الجيش حقق خطوات استثنائية . خارطة الطريق المبدئية واضحة والالتزام بها قائم وضروري استمراره ولا يأتي للجيش دعم وللدولة إلا الوعود ولم يصل شيء حتى الآن . بل تستمر التهديدات الأميركية بأنه " إذا لم تنفذوا أنتم سحب السلاح ستأتي اسرائيل وتنفذ المهمة " والجيش أنجز 70 % من مهامه في هذا الاتجاه والتهديد واضحة أهدافه وأبعاده ويتجاوز هذا الانجاز الذي اعترف به الأميركيون وغيرهم ويقوم بأدوار أخرى من الحدود اللبنانية السورية الى الداخل ويأتينا تهديد من مجلس الشيوخ الأميركي " بإعادة لبنان الى الفوضى ، ومستعدون للعمل مع الإدارة لمعاقبة من يعيق التقدّم في لبنان " " ولدعم قادته من أجل سيادة بلدهم " . للأسف يساهم بعض اللبنانيين بالتحريض في هذا الاتجاه أما القادة فقالوا بصوت واحد أكثر من مرة " بقاء الاحتلال الاسرائيلي يعيق تعافي لبنان ويهدّد أمنه واستقراره " ، هل سمع الأميركيون هذا الأمر مباشرة وعبر الاعلام ؟؟ فماذا فعلوا ؟؟ 
 
    بيان الحكومة الأخير ، ترحيب بخطة الجيش ، إشادة بدوره ، والموقف لاقى ترحيباً كبيراً وتلقّفه الرئيس نبيه بري لإعادة الأمور الى نصابها فيما انزعج آخرون . وأقول : للأسف لن يرضيهم شيء ولن يتوقفوا عن الضغط . 
 
    ما جرى الأسبوع الماضي يحمل الكثير من العبر والدلالات فهل يعتبر هؤلاء وغيرهم وننطلق معاً من النقطة التي وصلنا اليها لنوحّد الموقف في إدارة عملية حصر السلاح بيد الدولة كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري . 
 
    لبنان لا يدار بعقل متوتر أو موتور أو شخصنة أو حقد أو كراهية أو استقواء بالطائفة في الداخل وبدفع من الخارج . لبنان يدار " بالعقل الجماعي " " وبراعة الجوهرجي " وحكمة وسعة صدر المسؤول . 
 
    الأكثر قراءة
 
نواف سلام
"المدن" تكشف أبرز نقاط خطة الجيش لحصر السلاح
GettyImages-2199079797.jpg
جلسة الحكومة مهدّدة بالانفجار وعون يدفع بخطة الجيش
حزب الله يحي ذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية(مصطفى جمال الدين)
من حصر السلاح بيد إيران إلى حصره بيد الدولة