"أنا والعذاب وهواك".. حين يصبح الأمل ترفا على خشبة المسرح
الغد-معتصم الرقاد
على خشبة مجردة إلا من وجع الواقع، وقف شابان لا يحتاجان لأكثر من حضورهما ليختطفا الأبصار كأنهما جيشان من مشاعر متضادة.
الأول، وجه مألوف من وجوه هذا الجيل، جالس في محطة انتظار كأنها محطة عمره، يلبس أناقته الخارجية بينما يتآكله خراب الداخل. شاب يحلم بمستقبل لن يأتي، ينتظر قطارًا لم يُرسل إليه أصلاً. بدا كأنه صورة طبق الأصل عن شباب يلبسون الطموح قناعًا، ويكتمون خيباتهم خلف أقمشة الأمل المستعار. وفي الجهة الأخرى، ينبثق أمامه شاب آخر.. بسيط الهيئة، لكنه متوهج بالحياة. يحمل تفاؤلًا يكاد يوقظ في المحطة نداء الرحيل. يوقظه من انتظاره العبثي، يذكره أن الحياة أكبر من سباق خلف المال، وأن الصحة والشباب رأس المال الحقيقي.
ينقلب السحر على الساحر، وبقوة الكلمات المثقلة بالتشاؤم والقهر، يتحول المتفائل نفسه إلى صورة أخرى للمنكسر، حتى يجد نفسه على حافة الانتحار لا موتًا بالجسد، بل انتحارًا للروح.
مشهد كثيف في معانيه، صادم في بساطته، يعبر عن صراع جيل أُنهكته الوعود الكاذبة، وأثقل كاهله زمن صادر الحلم وجرده من أبسط حقوقه في الأمل.
المسرحية حملت عنوانًا يختصر وجعها "أنا والعذاب وهواك"، وعرضت ضمن المسار الشبابي للدورة العشرين من مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي.
من إخراج راكان الشوابكة، وتمثيل كامل شاويش وعبدالله الشوابكة، بمساعدة المخرجة سيلينا انتوان، وإضاءة حسن المراشدة، وموسيقا راشد دعيبس.
عمل يختصر حكاية جيل كامل في مشهد واحد، على خشبة واحدة، في لحظة واحدة، لكن، كم هو سهل أن يهزم النور أمام ظلام معجون بالخذلان.