عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-May-2019

أمام شاشة التلفزیون - جهاد المنسي
الغد- خلال رمضان تنشط شركات الإنتاج لعرض ما بجعبتھا من أعمال فنیة للمشاھد العربي بالتزامن
مع الشھر الفضیل، وجریا على العادة، فإن البرامج والمسلسلات تتنوع بین التاریخي والدیني،
والمعاصر والفنتازیا، والاجتماعي، وایضا یتسابق مخرجون وفنانون في عرض منتجھم على
الشاشة.
اللافت أن الاعمال الاردنیة الخالصة ما زالت تسجل غیابا عن شاشة المحطات الفضائیة العربیة
باستثناء محاولات المبدعین زھیر النوباني وامل الدباس في تقدیم اسناد كومیدي اجتماعي مختصر،
یعرض على شاشة محلیة، فضلا عن محاولات اخرى لأعمال بدویة خالصة بمشاركة فنانین
أردنیین وغیر أردنیین.
المؤسف أن شاشتنا الاردنیة ما تزال تفتقد لمسلسلات جادة تحاكي واقع المواطن وتشخص الحالة
التي یمر بھا، وتقدم وجبة حقیقیة من التشخیص تجلب المشاھد الاردني لفنانیھ وشاشتھ، وھذا الامر للأسف ما زال مفقودا، وما زلنا نعاني من عدم وجود نصوص درامیة اجتماعیة جادة وحقیقیة
تشخص الواقع دون أن یشعر المتلقي أن ما یقدم عبارة عن مسلسل یؤدي فیھ الفنانون أدوارھم فقط دون تجسید للواقع.
إذا أردنا أن لا نرى الحقیقة فإنھ بإمكاننا أن نقول شعرا بالكتاب والفنانین والمخرجین والمنتجین
الاردنیین ونخلق الاعذار لھم، ولكن ونحن نشاھد المحطات الفضائیة ونرى ما یعرض علیھا، في
ظل غیاب اردني واضح، فإن حسرة تعتصر القلب من الغیاب القاتل للفن الاردني على الشاشات
العربیة.
الامر الذي یتوجب أن تعیھ الحكومات والدولة بشكل عام ونحن جمیعا أن الفن ھو مرآة الواقع، وأن
الفن یتوجب رعایتھ وإطلاق العنان لھ ومنحھ مساحة حریة كافیة كي یعبر عما یدور في المجتمع
من ارھاصات مختلفة، ولذا فإنھ دون أن یطلق العنان للكتاب للكتابة عن الاوضاع الاجتماعیة ودون ان یمنح المخرجون مساحة للتمیز، ودون ان یرتقي الفنان ویصل لمراحل فنیة جادة وعطاء یقنع المتلقي بأنھ لا یمثل وإنما یعكس الواقع، فإننا في كل شھر رمضان سنبقى نعاني من الغیاب الاردني عن الشاشات العربیة.
القصة لیست بحاجة لاختراع العجلة، ھي أبسط بكثیر من كل ذاك، ھي ببساطة بحاجة لإرادة جادة
ودعم حقیقي، ومن ثم اعلان الانطلاقة ورعایة المواھب ومنحھم المساحة الكافیة من التعبیر والحریة التي یریدون.
ترى لماذا لا نسأل انفسنا سؤالا مفاده، لماذا نذھب دوما لأعمال بدویة فقط، رغم ایماننا لما لتلك
الأعمال من حضور ممیز وتجسید لواقع سابق، ولكن ألا یجب أن نعي أننا بحاجة اكثر لأعمال تحاكي الواقع وتتحدث عنھ وتجسده، فلما لا نذھب باتجاه ذلك، ولماذا تغیب الرؤیة الاجتماعیة عن واقعنا المعاش.
الحل للدراما الاردنیة جد بسیط ولكنھ بحاجة لإرادة حقیقیة، وتلك الإرادة تتطلب منح مساحات من
الحریة والتعبیر للفنانین بحیث تكون تلك الحریة واسعة تفوق من تمنح لفنانین آخرین عرب، ومنح
كتاب الدراما ذات المساحة لیعبروا من خلالھا عما یریدون دون محددات وخطوط حمر وتابلوھات.
ذاك لا یعني ان ما یعرض على الشاشات في رمضان الحالي كلھ جید، اذ للأسف فإننا نشھد تراجعا
للدراما العربیة، وتلك الدراما باتت اقرب للخیال ولیس للواقع كما حال مسلسل خمسة ونص، واخرى متأثرة برامبو الامیركي، وغیره من خیال امیركي كما الحال في مسلسل الھیبة، وثالثة مسیئة حد التقزز للمرأة وتقلید حد الإسفاف لمسلسلات تركیة كالحرملك، ومسلسلات مصریة بعیدة عن تجسید الواقع المصري بشكل حقیقي.
من بین ذاك تجد اعمالا درامیة غایة في الروعة منھا مسلسل عندما تشیخ الذئاب المنقول عن روایة
الادیب الاردني المرحوم جمال ناجي التي تحولت لمسلسل سوري من بطولة عابد فھد وسلوم
حداد، ومسلسلات مسافة امان ودقیقة صمت وھوا اصفر، وغیرھا.
بكل صراحة نحن بحاجة لفكر درامي معاصر یحاكي واقعنا ویتحدث بحریة عنھ ولشركات انتاج تؤمن ان الواقع الاجتماعي الاردني فیھ الكثیر الذي یمكن ان یجسد فنیا، وفنانین یؤمنون بدورھم في المجتمع ویسعون للتمیز.