الراي
المتابع لشخصية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين واحاديثه، سيكتشف ان جلالته يمقت النفاق، ويكره التطويل، ويحب المباشرة بالذهاب الى لب القضايا لمعالجتها، وتجاوز مرحلة التوصيف والتشخيص للمشاكل إلى مرحلة طرح العلاج. فهذا ما يريده جلالته من كل مسؤول اولا، ومن كل صاحب رأي ثانيا.
وانطلاقًا من بديهية ان جلالته هو قائد الوطن الذي يحدد الاهداف، وعلى اهل الاختصاص في اجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع الاهلي، ايجاد الآليات والخطط والبرامج لتحقيق الأهداف التي يحددها قائد المسيرة، طالما دعوت الجميع فيما اكتبه إلى السير على نهج جلالته بالأداء والانجاز.
مناسبة هذا الحديث خطاب العرش السامي، الذي افتتح به جلالته اعمال الدورة العادية الاولى لمجلس الامة، بعد انتخاب مجلس النواب العشرين. على اساس حزبي بموجب أحكام القانون لأول مره في تاريخ بلدنا.
لقد حدد جلالته أهداف الدولة الاردنية وأولوياتها في المرحلة الراهنة، وكان علينا ان ننشغل بالتحريض على وضع خطط وبرامج عمل، لتحقيق الأهداف التي وضعها جلالته في خطاب العرش السامي. بل ان جلالته لم يكتفِ بتحديد الاهداف، لكنه اشر الى بعض ادوات تحقيقها، فمن ادوات تحقيق هدف التحديث السياسي، الأداء النيابي الجماعي، والتعاون الوثيق بين السلطتين التشريعية و التنفيذية على أساس الدستور، وهذا يستدعي من مجلس الامة ارساء قواعد عمل وممارسات برلمانية تتنافس على اساس الافكار والبرامح، وتتصف بالنزاهة وتلتزم بمصالح الدولة.
وهنا يبرز دور جمهور الاردنيين، في مراقبة مجلس النواب ومدى قيامه أولاً بالرقابة على أداء الحكومة، ومدى تجرد كل نائب من الأهواء والمصالح الشخصية، لتحقيق النزاهة والعدالة، وهما الصفتان اللتان دعا جلالة الملك الى تحقيقهما في حياة الاردنيين، وسلوك دولتهم، علما بان هاتين الصفتين هما المفتاح لتحقيق هدف آخر من الاهداف التي حددها خطاب العرش، وهو الإسراع في تحديث القطاع العام، فالنزاهة والعدالة تقتضيان من الجميع وفي طليعتهم النواب الامتناع عن ممارسة الواسطة والمحسوبية، خاصة في التوظيف او تقديم الخدمات، وترك ذلك لمبدأ التنافس على اساس الكفاءات بالنسبة للتوظيف، وللأولويات والإمكانيات بالنسبة لتقديم الخدمات.
إن مجمل الاهداف التي حددها جلالته في خطاب العرش السامي، تصب في الهدف المركزي وهو بناء جبهة داخلية متماسكة وقوية. فهذه اهم وامضى اسلحتنا، للحفاظ على الهوية الراسخة لدولتنا التي لا تغامر بمستقبلها وتحافظ على ارثها وانتمائها.
خلاصة القول ان جلالته حدد اهداف المرحلة بوضوح كامل، وظل ان ينبري رجال اشداء لتحقيق هذه الاهداف حفاظا على دولتنا واستقرارنا ومستقبلنا.