عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Jul-2020

الأضاحي وسؤالها* رمزي الغزوي
الدستور -
ترتفع وتيرة الحديث عن الأضاحي المستوردة من كل جهات الأرض من نيوزلاندا حتى أستراليا تحضيراً لعيد الأضحى، وعما قريب ستزدحم شوارعنا بحظائر وزرائب تعج بالخرفان، وتتحول ديناميكياً في العيد إلى مسالخ يدوم أثرها شهرا أو شهرين نظافة وروائح ودماءً، رغم أننا ما زلنا تحت رحمة جائحة كورونا.
لن أقف عند السؤال الذي صدح به أحدهم عبر إذاعة محلية قبل سنوات، طالباً فتوى شرعية: هل يحق للمواطن أن يأخذاً قرضاً من بنك، ليشتري ذبيحة، يتقرب بها إلى الله تعالي في عيد الأضحى؟!. سأترك الفتوى لأصحابها، لأن البعض حتى هذا اليوم يلجأ للاقتراض من أجل الأضحية. ولكني سأقف متأملاً مستهجناً أن بلداً فقيراً شحيح الثروة الحيوانية، يستورد كل هذه الذبائح؟؟!.  
بالطبع لا أحد يتحدث عن الذيباح البلدية، فأسعارها بسعر الكافيار، لأنها انقرضت تقريباً. فبلادنا كانت بلاد خير، وحلال (كنا وما زلنا نسمي الغنم والماشية حلالاً)، ولكننا تركنا تربيتها، ولم نحافظ عليها، ولم ننمها، لأننا لم نزرع قمحاً لنا، أو شعيراً لها، وتركنا أرضنا بوراً، تذروها الأشواك، وسيقول قائل: المطر قليل. وهذا صحيح، ولكن أعلاف المواشي، تنمو على شحيح المطر، لو أردنا، ولكنها (قلة حيل) فينا.        
أجدادنا الأرادنة كان لهم مسميات للذبائح، تصب في ذات النهاية: وليمة عرمرمية. فهناك ذبيحة البيت، عند رفع أعمدة بيت الشعر، وذبيحة للبيدر، بعد انتهاء جمع الغلال، وذبيحة الشراكة، إن ابرموا اتفاقاً مع بعضهم، وذبائح القرى، وذبيحة للضيف، وذبيحة العتبة، عند بناء بيت، وذبيحة الفرس، عند شراء فرس أصيلة، أو بعد أن يستعيد المثاني (المهرتين الأول والثاني) من فرس باعها لآخر، وذبيحة الكسب (ويسمى عندهم الفود)، إن عادوا غانمين من الغزو، وذبيحة الفاردة إن مرت في بلد وهي في طريقها لدار العريس، وذبيحة للولد، وأخرى لطهوره، وذبيحة الطاحونة، وغيرها.
أجدادنا الكرام، رحمهم الله، كانوا يختلقون أية مناسبة صغيرة، كانت أم كبيرة؛ ليريقوا دم خروف، أو كبش، أو تيس أو جدي أو نعجة، ويرتعوا بالهبر، ويغوصوا في مناسفهم المتللة، ولكنهم عوضوا ذلك بالزراعة وبشدة الحيل، وبتربية الحلال، والإهتمام به، وبتنميته. ولتظل ثروتهم الحيوانية متزايدة.   
اليوم سننفق ملايين الدنانير، على ذبائح ولدت ونمت وتربربت وسمنت بغير أرضنا، وبغير شعيرنا وعلفنا، وبغير جهدنا.