هآرتس
قبل انتخابات 2001 بأسبوعين ارسل رئيس الحكومة في حينه، اهود باراك، وفدا إلى طابا في محاولة أخيرة من أجل التوصل إلى اتفاق دائم مع الفلسطينيين. اليمين خرج عن أطواره واتهمه بأنه “يجري مفاوضات تحت النار ودون تفويض”، قال بنيامين نتنياهو. والمرشح لرئاسة الحكومة اريئيل شارون قال “إن البدء في المفاوضات هو عملية اختطاف عشية الانتخابات من قبل حكومة غير قائمة ورئيس حكومة مستقيل”. ايضا أصوات بارزة في اليسار وفي حزب باراك عارضت القمة. حاييم رامون قال إن هذه خطوة “غير مناسبة وغير سليمة وغير اخلاقية. الاتفاق سيكون مشوبا باعتبارات انتخابية”. وعضو الكنيست عوزي برعام قال “ليس من المناسب أن ترافق “رياح حزبية” عملية سياسية رسمية جدا”. والبروفيسور شلومو افنري وجه انتقاده والوزراء بنيامين بن اليعيزر وداليا ايتسيك وقفوا ضد.
لقد كنت في طابا كصحفي. ومن اعماقي أردت بأن ينتهي الامر باتفاق. وفي البث قلت إنه لا توجد أي وسيلة لتبرير مفاوضات مصيرية جدا قبل اجراء الانتخابات بأسبوعين. الشعور هناك كان أن الطرفين قريبين من الاتفاق. الوفدان أدركا بأنهما على شفا القيام بعمل تراجيدي كبير. فهذه المحادثات لن تتكرر في المستقبل المنظور، والمنطقة تسير نحو سفك دماء فظيع. وعند انتهاء القمة قال شلومو بن عامي، رئيس الوفد، بأنه لو توفر لنا القليل من الوقت الاضافي، “وقت سياسي نوعي”، لكان يمكن استكمال الاتفاق. محمد دحلان، أظهر أسف وقال “كلام فارغ”.
نتنياهو يقود في الوقت الحالي عملية ليست أقل دراماتيكية من ذلك، ضم غور الأردن وربما اجزاء اخرى في الضفة الغربية، وما لم تفعله إسرائيل خلال 53 سنة هو يريد فعله بصورة مستعجلة في الأسابيع التي بقيت حتى موعد الانتخابات. وحسب الأصوات في اليمين فان الضم هو تسويغ – ليس لأنهم يبحثون عن تسويغ كهذا – لجميع القضايا والاتهامات والنقاش حول الحصانة. وحتى الآن لم يسمع أي متحدث من اليمين قال ما قاله رامون وافنري واصدقائهما في قمة طابا. هذا الامر لا يتم القيام به في فترة قريبة جدا من موعد الانتخابات. “الفرصة التاريخية” التي لن تتكرر، هذا اذا وجدت فرصة كهذه، لن تختفي لحين موعد الانتخابات في الثالث من آذار (مارس) المقبل.
والأمر الأكثر إثارة للاكتئاب هو أن الأصوات الرئيسية في اليمين، التي خلال 15 سنة وهي تتحدث عن العلاقة بين التحقيقات الجنائية مع رئيس الحكومة شارون وقراره اخلاء مستوطنات قطاع غزة، لا تقول أي شيء عن العلاقة الوثيقة بين المسار الخطير الذي يسير فيه نتنياهو وبين التحقيقات معه. أنا فخور بحقيقة أنني أحد الاشخاص الذين وضعوا البنية الاساسية والواقعية للادعاء بأن “عمق الابتعاد هو كعمق التحقيق” – على الأقل في كل ما يتعلق باتخاذ شارون لقرار اخلاء مستوطنات غوش قطيف. وفي حالة نتنياهو لا توجد حاجة إلى محققين و”حناجر قوية”. فرئيس الحكومة الذي وافق في خطة وزير الخارجية جون كيري على اخلاء مستوطنات الغور والابقاء فقط على تواجد أمني لفترة زمنية طويلة، اصابه فجأة جنون الضم بالضبط في زمن مناقشة الحصانة. هل لا يوجد أي شخص في اليمين يشعر بأن هذه العملية تشوبها اعتبارات انتخابية؟ ويشوبها الهرب من ذعر التقديم للمحاكمة؟ ألا يوجد شخص عاقل يزعجه هذا الامر؟.
اسرائيل قامت بضم هضبة الجولان في 1981. وشرقي القدس تم ضمه فور حرب الايام الستة. اغلبية كبيرة في المجتمع الدولي تعتبر هذه المناطق مناطق محتلة. أي فائدة ستكون لإسرائيل من ضم الغور؟ عدد من سكانه يفضلون أن يتم اخلاؤهم والحصول على التعويضات. واذا جاء يوم وتم فيه استئناف المفاوضات فلن يكون أي معنى لهذا الضم. لم يقف أحد في وجه اسرائيل ولم يقم بمنعها من استيطان الغور حتى الآن. جانب الاخطار في المقابل مكتظ: مقاومة فلسطينية، توتر شديد في العلاقات مع الأردن، وما الذي ستقوله السعودية ومصر وكيف سيرد الأوروبيون. نتنياهو في مزاج “ما بعد الطوفان”، وهو لا يكلف نفسه عناء مناقشة رؤساء اجهزة الامن في الكابنت من اجل سماع رأيهم قبل القيام بخطوة خطيرة جدا. ألا يوجد شخص في معسكره يعتقد بأن المسيح من بلفور ربما يكون قد بالغ قليلا؟.